كتب المفكّر الكبير رضوان السيّد تعليقاً على مقالة قد كتبتها عن الأستاذ الراحل مايكل هدسون المتخصّص في الشأن العربي. وقد ذكرت أنّ هدسون تنبّأ بالمخاطر التي سيواجهها لبنان في وقت مبكر في كتابه “الجمهورية المترنّحة أو غير المستقرة” (The Precarious Republic: Political Modernization in Lebanon)، الذي نُشِر في 1968، أي قبل سبع سنوات من اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية.
تجدر الإشارة إلى أنّ مجموعة من الأساتذة المتخصّصين في مجالات عدة نشروا كتاباً، في عام 1966، بعنوان “السياسة في لبنان” (Politics in Lebanon)، حرّره عالم السياسة الشهير ليونارد بايندر (Leonard Binder)، وذهبوا إلى أنّ لبنان فريد في المنطقة لجهة الليبرالية السياسية والاقتصادية، وأنّ مستقبله يبشّر بالخير. ومن هنا تتجلّى أهميّة كتاب هدسون الذي نبّه إلى الخطر الذي سيواجهه لبنان، في حين أغفله كبار علماء الاجتماع والسياسة.
ذكر الأستاذ رضوان أنّ الكثيرين توقّعوا الحرب الأهلية في لبنان. ويذكر، على سبيل المثال، ديفيد هيرست وكتابه (Beware of Small States)، ولكنّ الكتاب نُشر في 2010، أي بعد الحرب الأهلية بثلاثة عقود ونيّف
وقد ذكر الأستاذ رضوان أنّ الكثيرين توقّعوا الحرب الأهلية في لبنان. ويذكر، على سبيل المثال، ديفيد هيرست وكتابه (Beware of Small States)، ولكنّ الكتاب نُشر في 2010، أي بعد الحرب الأهلية بثلاثة عقود ونيّف. أمّا الإشارة إلى الصحافي المتميّز روبرت فيسك، الذي لم يذكر الأستاذ رضوان كتابه “الشفقة على الوطن: اختطاف لبنان” (Pity the Nation: The Abduction of Lebanon)، فقد نشره في 2001، أي بعد بداية الحرب بما يزيد على خمسة وعشرين عاماً.
أتّفق مع الأستاذ رضوان على أنّ أهمّ كتب هدسون هو ذلك الذي نُشر في عام 1977 بعنوان “السياسة العربية: البحث عن الشرعية” (Arab Politics: The Search for Legitimacy). وفي هذا الكتاب عالج هدسون عدّة مواضيع تتعلّق بالسلطة بالمعنى الفيبريّ (Max Weber)، وقضايا الهويّة بشكل مقارن بين كلّ أقطار العالم العربي حينها. وقد أسّس الكتاب لموقعه كأستاذ للسياسة المقارنة والشرق الأوسط. وخرج بالدراسات الشرق الأوسطية من دائرة الاستشراق إلى الفناء الرحب للعلوم السياسية والاجتماعية.
أمّا بالنسبة إلى عقيلة هدسون لمدة أربعة وأربعين عاماً، فهي السيدة فيرا وهبة التي تُوفّيت في عام 2007. وقد كانت متخصّصة في الأحياء وعلم السموم، وهي فلسطينية من مواليد القدس في عام 1936. ولا يزال لها أقارب يعيشون في الضفة الغربية. وبالنسبة إلى ديانتها فقد أُجريت مراسم عزاء المرحومة في كنيسة القديسين بطرس وبولس الأنطاكية الأرثوذكسية المسيحية في ولاية ميريلاند. لذا لا يبدو لي أنّها مارونيّة.
إقرأ أيضاً: مرّة ثالثة عن مايكل هدسون: ليس وحده من تنبّأ بحربنا الأهلية
أمّا هيلينا كوبان (Helena Cobban) التي أشار إليها أستاذنا رضوان على أنّها زوجة هدسون، فهي بريطانية المولد وأميركية الجنسية، وتعمل صحافية وباحثة في الشأن الفلسطيني والعربي، وقد كتبت عدة كتب حول المنطقة العربية، ومنها “منظمة التحرير الفلسطينية” (The Palestinian Liberation Organisation: People, Power, and Politics)، وآخر عن لبنان بعنوان “The Making Of Modern Lebanon”. ولا تمتّ هذه السيدة بصِلة قرابة إلى مايكل هدسون.
ولا يسعني في هذه العجالة إلا أن أثمّن اهتمام مولانا بالموضوع، وكذلك الأستاذ محمد السماك، فالراحل يستحقّ كلّ الاهتمام من الأستاذين الجليلين، خاصة أنّه أحبّ لبنان والعالم العربي.