يواصل سعر صرف الدولار التوجّه صعوداً، ولا مؤشّرات إيجابية على الإطلاق إلى انخفاض محتمل. أوساط صيرفية تقول إنّ استقراره قد لا يحصل قبل بداية تطبيق التعميم 158 القاضي بدفع 400 دولار “فريش” لكلّ مودع، و400 أخرى على سعر صرف 12000 ليرة لبنانية.
والبدء بالتنفيذ قد يتأجّل من أوّل الشهر المقبل إلى منتصفه. أمّا سعر الصرف فسجّل أمس رقماً قياسياً لم نره منذ بداية الأزمة، بعدما لامس عند المساء 16300 للشراء و15800 ليرة لبنانية للمبيع.
مصادر صيرفية كشفت لـ”أساس” أنّ أغلب الصرافين أمس، كانوا متريّثين في بيع الدولارات، وذلك من أجل استشراف ما تخبّئه الأيام المقبلة، خصوصاً مع تواتر الأخبار عن إرتفاع سعره في السوق مع تسريبات بعد البدء في تطبيقه أوّل تموز
فالخطة التي وضعها مصرف لبنان من أجل لجم سعر الصرف من خلال منصّة “صيرفة”، التي تعمد إلى سحب التجار والمستوردين من “السوق السوداء” وبيعهم الدولارات على سعر 12000 ليرة، لا يبدو أنّها تأتي بنتائجها إلى الآن. إذ تشير معلومات إلى أنّ أغلب الشركات بدأت بالتهافت على طلب الدولار استعداداً للمرحلة المقبلة، وخصوصاً شركات المحروقات التي زادت طلبها للدولار من جهات صيرفية محددة وخاصة، بعد الحديث الجدّي عن رفع الدعم عن البنزين والمازوت، أو في أضعف الإيمان ترشيده من خلال بيعهم الدولارات على سعر 3900 ليرة لبنانية. وهذا يعني حكماً أنّ شركات المحروقات ستكون بحاجة إلى مزيد من الدولارات لتغطية هذا الفرق.
يضاف إلى هذا كلّه، “الإرباك” في المصارف وفي السوق بسبب التعميم 158، الذي كان يُفترض به أنّ يعيد جزءاً من أموال المودعين بالدولار “الفريش” وبالليرة اللبنانية، لكن يبدو أنّ التزام المصارف به حتى اللحظة صعب جداً، ومصيره غامض.
كشفت مصادر صيرفية لـ”أساس” أنّ “أغلب الصرّافين، أمس، كانوا متريّثين في بيع الدولارات”، وذلك من أجل “استشراف ما تخبّئه الأيام المقبلة”، خصوصاً مع تواتر الأخبار عن ارتفاع سعره في السوق بعد البدء بتطبيقه أوّل تموز، وتبادل أحاديث “خفيّة لكن جدّية” بين المصارف والمصرفيين عن تأجيل موعد تطبيق التعميم 158 إلى منتصف تموز، أو أقلّه السماح بذلك لبعض المصارف بشكل ضمني وربّما “غير معلن”، لأنّها ما زالت غير مستعدّة لتطبيقه على المستويين المالي واللوجستي، ولا يُستبعد أن يكون التأخير في الإجراءات اللوجستية حجّة من أجل تأخير الدفع.
على المستوى المالي، تعتبر المصادر أنّ هذه المهلة الاضافية، إن صحّت فعلاً، قد تشكّل “فرصة ذهبية” لبعض هذه المصارف من أجل المزيد من الاستعداد، وستستغلّها لسحب المزيد من الدولارات من “السوق السوداء”، وتكديسها في الخزنات تمهيداً لبدء الدفع، وهذا هو فعليّاً ما تسبّب اليوم بتسجيل المزيد من الارتفاعات في سعر صرف الدولار، وقد يستمرّ خلال الأيام المقبلة أيضاً.
إقرأ أيضاً: لهذه الأسباب: الدولار بـ24 ألف ليرة؟
أمّا على المستوى اللوجستي، فإنّ بعض المصارف، حتّى اللحظة، لم تبدأ حتّى اليوم بـ”غربلة” الحسابات وفرزها لمعرفة عدد الحسابات وأسماء المستفيدين من غير المستفيدين، على الرغم من دخولنا الأسبوع الأخير قبل تموز. وهذه الإجراءات اللوجستية والاستعدادات بحاجة إلى أسابيع، خصوصاً أنّ جزءاً كبيراً من هذا التعميم ما زال غامضاً، وثمّة حالات استثنائية كثيرة وتفاصيل بحاجة إلى توضيحات وتبليغات تخصّ المودع، إلى جانب توقيع الأوراق وغيره…
أمّا المودعون فمتوتّرون وعلى أعصابهم، إذ تكشف الأوساط المصرفية عن تسجيلها كمّاً ضخماً من الاستفسارات والأسئلة التي لم تتوقّف منذ لحظة نشر التعميم قبل أسابيع. ويبدو أنّ هذه الاستفسارات لن تتوقّف وستبقى مجمّدة إلى حين إفراج المصرف المركزي عن تعميم آخر “توضيحي”، ترى المصارف أن لا مفرّ منه.