وصل الحريري إلى دار الفتوى في منطقة الزيدانية، قرابة الساعة 12 ظهراً، حيث كانت “ملائكة” رئيس كتلة “لبنان القوي” النائب جبران باسيل حاضرة بقوّة، منذ لحظة ترجّل الحريري من سيارته، حيث انقطع التيار الكهربائي، فاضطرّ الحريري إلى الانتظار لهنيهات إلى حين عودتها بعد تشغيل مولّد دار الإفتاء الذي لم يشحّ المازوت في خزّانه، على غرار مولّدات شركة الكهرباء.
بعد ذلك، دخل الحريري الدار سالماً و”على نور”، حيث كان في استقباله المفتي دريان في باحة المدخل الرئيس، فتعانقا بحرارة وتبادلا القُبل “من بعيد”، ثمّ اقترب الحريري وقبّل جبّة المفتي ولفّته البيضاء، قبل أن يدخلا إلى المكتب، حيث كانت خلوة بينهما دامت دقائق معدودة، انتقلا بعدها إلى غرفة الاجتماعات الكبرى حيث كان أعضاء المجلس في انتظارهما.
ترك الحريري الأمر معلّقاً بهاتين الكلمتين، مؤكّداً أنّ للحديث تتمّة، وأنّ الأمور لن تتوقّف عند هذا الحدّ، وإنّما سيعقب ذلك موقفٌ لن يقوله أمام الصحافيين. لكنّه حتماً أوضح لأعضاء المجلس طبيعته وتوجّهه، وعلى الأرجح طبيعة توقيته أيضاً
استمر الاجتماع مع أعضاء المجلس قرابة ساعة، ثمّ خرج الحريري، وكانت عشرات الكاميرات والصحافيين من كل وسائل الإعلام في انتظاره، لسماع ما افترضوا أنّه “بيان الاعتذار”، إلاّ أنّ ذلك لم يحصل. إذ أدلى الرئيس المكلّف بتصريح مقتضب لم يخُض خلاله إلاّ في العموميّات، وبيّن أنّ الهدف من الزيارة كان “عرض ما جرى” معه خلال الأشهر السبعة الماضية. وختم الحريري حديثه المقتضب بكلمتين اثنتين جدّدتا الشكوك لدى الحاضرين في دار الإفتاء في “حتميّة الاعتذار”، وأثارت النقاش حولها، إذ لم يردّ على أيّ سؤال من أسئلة الصحافيّين، وقال قبل خروجه: “نعود ونتكلم لاحقاً”.
إذاً ترك الحريري الأمر معلّقاً بهاتين الكلمتين، مؤكّداً أنّ للحديث تتمّة، وأنّ الأمور لن تتوقّف عند هذا الحدّ، وإنّما سيعقب ذلك موقفٌ لن يقوله أمام الصحافيين. لكنّه حتماً أوضح لأعضاء المجلس طبيعته وتوجّهه، وعلى الأرجح طبيعة توقيته أيضاً.
أمّا دار الإفتاء فكانت حريصة جداً على عدم تسريب أيّ معلومة أو كلمة ممّا دار داخل الاجتماع. وقد وصل حرص موظفي التشريفات في دار الإفتاء إلى حدود منع أعضاء المجلس من الحديث إلى الصحافيين، والإصرار عليهم أن يدخلوا إلى القاعة.
مصادر مطّلعة على أجواء الاجتماع، الذي جمع الحريري بأعضاء المجلس، كشفت لـ”أساس” أنّ الآراء داخل المجلس منقسمة بين مَن رفض فكرة الاعتذار حتى لا يبدو منكسراً، وبين من أيّدها من منطلق “إترك الانهيار لأهله”. وهو القرار الذي يبدو أنّ الحريري يعدّ العدّة لاتّخاذه خلال الساعات الـ72 المقبلة، حسبما كشفت مصادر مواكبة للأجواء التي دارت داخل الاجتماع، لكنّ ذلك لن يحصل قبل تهيئة الأجواء السياسية، ولا قبل التنسيق مع أطراف أخرى، خصوصاً مع الرئيس نبيه برّي.
أكّدت المصادر نفسها أنّ “ذهاب الحريري إلى الاعتذار بات واضحاً وصريحاً”، وأنّ ذلك “لن يطول أكثر من أيام قليلة قد لا تتعدّى يومين في أبعد تقدير”.
في الخلاصة، بات اعتذار الحريري قاب قوسين أو أدنى، ويسبق الاعتذار التظاهرات التي دعا إليها الاتّحاد العمّالي العامّ ومجموعات المجتمع المدني. ولا يُستبعد أن يترافق هذا الجوّ كلّه مع ارتفاع إضافي، وربّما هستيريّ، في سعر صرف الدولار، تخطّت نسبته عتبة 1000% إلى اليوم… فهل يبلغ السخط الشعبيّ والانفجار الاجتماعيّ هذا الحدّ من الارتفاع، وهل باتا وشيكين؟