9 ثغرات في “فخّ الـ400$”… لا تقع فيها

مدة القراءة 4 د

تراود المودعين اللبنانيين أسئلة كثيرة حول آليات عمل التعميم 158، الذي سيسمح للمودعين بالحصول على 400 دولار “فريش” شهرياً، و400 دولار أخرى بالليرة اللبنانية على سعر منصة “صيرفة” (12000 ليرة لبنانية).

قد تكون هذه الأسئلة من نوع: مَنْ هم الأشخاص الذين سيستفيدون من هذا التعميم؟ وما الحسابات الخاضعة له؟ وكيفية احتساب سعر الصرف؟ وكيف يكون استحقاق الدفعات؟ وخصوصاً نظرة المصرف المركزي المستجدّة إلى المودعين، التي تحمل معطىً جديداً يصنّفهم “مجرمين” وجبت معاقبتهم إن طالبوا بأموالهم!

هذه هي الثغرات التسع لمضمون التعميم رقم 158، فانتبه… ولا تقع في أيّ منها:

التعميم يحرم الأشخاص، الذين حوّلوا أموالهم إلى الخارج ولم يعيدوها بموجب التعميم 154، من الـ400 دولار شهرياً. فإذا كنت قد هرّبت 10 ملايين دولار “فريش” إلى الخارج، لن يسمح لك مصرف لبنان بالاستفادة من الـ400 دولار شهرياً

1- لا يستفيد من مضمون التعميم إلاّ “الشخص الطبيعي”، أي صاحب الحساب الشخصي، وهذا يعني أن الحساب المقيّد في أيّ مصرف باسم شركة أو مؤسسة أو حتى شركة فردية، لن يخضع لمضمون التعميم 158، ولا يمكن الاستفادة من الأموال المودعة فيه.

2- التعميم غير قابل للتجزئة، أي أنّ المودع حالما يوافق على التعميم ويوقّع على طلب الاستفادة منه، يقوم المصرف بتحويل 50 ألف دولار من حسابه أو ما دون ذلك لمرة واحدة فقط، إلى حساب خاص لهذه الغاية يُسمّى Sub account، ويبيع 25 ألف دولار منها بالليرة اللبنانية بسعر منصة مصرف لبنان، من دون أيّ قدرة للمودع على المفاضلة عند القبضة الشهرية. فالمودع ملزم بدفعة باللبناني وأخرى بالدولار، وله حرية تسلُّم هذه الأموال أو الاحتفاظ بها في الحساب فقط.

3- إذا طلب المودع الاستفادة من هذا التعميم، سيُحرم تلقائياً من مضمون التعميم 151 الذي يسمح بسحب الدولارات على سعر 3900 ليرة لبنانية، ويكون ملزماً بالاستمرار في مضمون هذا التعميم. خصوصاً إذا كان المودع لا يملك سوى حساب واحد فقط. أمّا إذا كان يملك أكثر من حساب في أكثر من بنك (ليس في مصرف واحد)، فيمكنه الاستفادة من كل تعميم لحساب.

4- التعميم يحرم الأشخاص، الذين حوّلوا أموالهم إلى الخارج ولم يعيدوها بموجب التعميم 154، من الـ400 دولار شهرياً. فإذا كنت قد هرّبت 10 ملايين دولار “فريش” إلى الخارج، لن يسمح لك مصرف لبنان بالاستفادة من الـ400 دولار شهرياً (هذا البند تحوّل إلى مادة للسخرية على مواقع التواصل الاجتماعي).

5- رفع السرية المصرفية عن حساب الـsub account لكل مستفيد من هذا التعميم، تصنيف غير أخلاقي من مصرف لبنان، لأنّ رفع السرّيّة المصرفيّة لا يحصل عادةً إلاّ في حالات ثبوت جرم مالي على الفرد، حتى إنّ اتّهامه لا يسمح بذلك. وهذا يعني أنّ المصرف المركزي صنّف سلفاً كل مودع يطالب بالحصول على أمواله “مجرماً” لا بدّ من مراقبته… واعتبر مراقبون ماليون وخبراء مصرفيون هذا الإجراء إهانةً للمواطنين اللبنانيين.

6- إذا اكتشف مصرف لبنان أنّ المودع تقدّم بطلبين لدى مصرفين مختلفين للاستفادة من مضمون التعميم، يُحرم بقرار يصدر من الحاكم رياض سلامة، الذي ينصّب نفسه بموجب هذا التعميم حاكماً مطلقاً، من الاستفادة من مضموني التعميميْن 151 و158، ولا يستفيد من تسعيرة 12000 الخاصة بمنصة “صيرفة”، ولا حتى من تسعيرة 3900 ليرة، فيُحكَم بذلك على المودع بسحب دولاراته على سعر الصرف الرسمي 1500 ليرة فقط، ولم يُعرف حتى اللحظة إذا كانت العقوبة تبقى محصورة ضمن المصرفين أو تُعمّم على المصارف كلّها لتطول جميع الحسابات.

7- مجموع ما سيحصل عليه المودع، والمعلن إلى الآن، هو 9600 دولار فقط (مقسّم على جزء لبناني وجزء بالدولار) لأنّ المبلغ المرصود للعملية لا يفوق هذا الحدّ… وبالتالي سيوافق المودعون على قبض 50 ألف دولار، لكنّهم على الأرجح لن يحصلوا إلاّ على نحو 10 آلاف دولار فقط. ومن غير المعروف إلى متى ستستمر الدفعات الشهرية.

إقرأ أيضاً: خديعة الـ400 $: إفلاس مقنّع؟ والدولار سيحلّق

8- صدور قانون الـ”كابيتال كونترول” من مجلس النواب قد يلغي مفاعيل هذا التعميم بالكامل، وقد يصبح في حكم المعدوم على الرغم من تأكيد التعميم 158 على سريانه حتى تحرير جميع الأموال في حساب الـsub account.

9- المصرف المخالف لمضمون التعميم يُعاقَب بموجب المادة 208 من قانون النقد والتسليف، التي تنصّ على “التنبيه” أو “تخفيض تسهيلات التسليف” أو “المنع من القيام ببعض العمليات المصرفية” أو “الشطب من لائحة المصارف”… وهذه كلّها عقوبات لم يجرؤ “المركزي” مرة واحدة على فرض أيٍّ منها بحقّ أيّ مصرف على الرغم من الارتكابات التي كانت أفظع من ذلك بكثير.

مواضيع ذات صلة

هذه هي الإصلاحات المطلوبة في القطاع المصرفيّ (2/2)

مع تعمّق الأزمة اللبنانية، يصبح من الضروري تحليل أوجه القصور في أداء المؤسّسات المصرفية والمالية، وطرح إصلاحات جذرية من شأنها استعادة الثقة المفقودة بين المصارف…

لا نهوض للاقتصاد… قبل إصلاح القطاع المصرفيّ (1/2)

لبنان، الذي كان يوماً يُعرف بأنّه “سويسرا الشرق” بفضل قطاعه المصرفي المتين واقتصاده الديناميكي، يعيش اليوم واحدة من أخطر الأزمات النقدية والاقتصادية في تاريخه. هذه…

مجموعة الـ20: قيود تمنع مواءمة المصالح

اختتمت أعمال قمّة مجموعة العشرين التي عقدت في ريو دي جانيرو يومي 18 و19 تشرين الثاني 2024، فيما يشهد العالم استقطاباً سياسياً متزايداً وعدم استقرار…

آثار النّزوح بالأرقام: كارثة بشريّة واقتصاديّة

لم تتسبّب الهجمات الإسرائيلية المستمرّة على لبنان في إلحاق أضرار مادّية واقتصادية مدمّرة فحسب، بل تسبّبت أيضاً في واحدة من أشدّ أزمات النزوح في تاريخ…