يعتبر إبراهيم رئيسي، على العكس من كل الذين توالوا على السلطة القضائية، منذ وصول السيد خامنئي إلى موقع وليّ الفقيه والمرشد الأعلى، من الشخصيات التي تدرّجت من البداية بين مواقع هذه السلطة، وصولاً إلى تعيينه النائب الأول لرئيس السلطة القضائية صادق لاريجاني، قبل انتقاله إلى رئاستها.
لم ينقطع رئيسي عن دوره في القضاء حتى خلال السنوات الثلاث التي تولّى فيها مسؤولية إدارة الحضرة الرضوية في مدينة مشهد، إذ استمرّ في موقعه القضائي كمدّعي عامّ المحكمة الخاصة لرجال الدين، ثمّ أضيفت إلى مهمّاته بعد هذه السنوات الثلاث مسؤولية رئاسة مدّعي عامّ إيران، بين عاميْ 2015 و2019.
أهمّ ما يأخذ معارضو رئيسي عليه هو تاريخه في السلطة القضائية، في وقت تعتبر الجهات الداعمة له هذه المآخذ ورقة قوّة له.
من هذه المآخذ دوره، خلال تولّيه السلطة القضائية في عقد الثمانينيات من القرن الماضي، في قضية إعدام مجموعة معارضين، أقلّ تقدير لأعدادهم هو 3500 شخص. وكانت لهذه القضية تفاعلاتها الداخلية حتى إنّ روحاني نفسه قال بصراحة في المناظرات التلفزيونية لانتخابات 2017، إنّ “الشعب الإيراني لا يقبل بأشخاص كان جلّ عملهم خلال الـ38 سنة الماضية الإعدام والاعتقال فقط “. وهي إشارة إلى دور رئيسي عندما كان يتولّى منصب مساعد مدّعي عامّ طهران، وورود اسمه في بعض الوثائق والمراسلات المتعلّقة بقضية الاعتقالات السياسية وإعدام سجناء سياسيين لا تزال قضيّتهم عالقة ومحاطة بالكثير من السرّية حتى اليوم.
أهمّ ما يأخذ معارضو رئيسي عليه هو تاريخه في السلطة القضائية، في وقت تعتبر الجهات الداعمة له هذه المآخذ ورقة قوّة له
بعد صيف عام 1988، وتراجع موجة الإعدامات، كلّف المؤسّس آية الله الخميني رئيسي وحسين علي نيري وآخرين ببعض الملفّات المهمّة لاتخاذ الحكم القضائي النهائي فيها، و”تنفيذ حكم الله” في ملفّات عالقة في مجلس القضاء الأعلى. مع تولّي آية الله خامنئي قيادة الثورة، وتولّي محمد يزدي رئاسة السلطة القضائية عام 1989، انتقل رئيسي من مساعد مدّعي عامّ طهران إلى مدّعي عامّ طهران. وقد بقي في هذا الموقع لمدة خمس سنوات.
بعد مسؤوليته كمدّعي عام طهران، تولّى رئيسي مسؤولية رئاسة التفتيش المركزي لمدة عشر سنوات.
وفي مرحلة تولّيه مسؤولية النائب الأول للسلطة القضائية، وبناء على تجربته الطويلة في القضاء، كان يعتبر الشخص الأول في هذه السلطة والجهاز، إلا أنّه كان بعيداً عن المحافل الشعبية والخطابية.
مع تولّي خامنئي قيادة النظام، بدأ المرشد الأعلى حلقات تدريس فقهية تُسمّى في الدروس الحوزوية بـ”البحث الخارج”، الذي يؤهّل رجل الدين المجتهد، ويضعه على سكّة المرجعية. وقد التحق رئيسي، الذي كان يبلغ من العمر حينها ثلاثين سنة، بهذه الدورس، واستمر تلميذاً له على مدى أربع عشرة سنة. وقد سبق لرئيسي أن كان تلميذاً لخامنئي في بداية الثورة في مدرسة الشهيد مطهري العليا في طهران.
بعد مسؤوليته كمدّعي عام طهران، تولّى رئيسي مسؤولية رئاسة التفتيش المركزي لمدة عشر سنوات
هو إبراهيم رئيسي السادات، المعروف برئيسي، المولود عام 1960. كان عمره أقل من عشرين سنة عندما تولّى أول مسؤولية قضائية، وأصبح قاضياً لمحكمة كرج (40 كيلومتراً غرب طهران)، وصولاً إلى اليوم حيث أصبح رئيساً للسلطة القضائية، وذلك مع استمراره في التحصيل الحوزوي. وقد عبّر عن هذا التطوّر في حياته بقوله “بالنسبة إلى شخص تابع لولاية الفقيه ومقلّد للإمام (الخميني)، كان العمل في الأنشطة الثورية والمناصب القضائية والثقافية خلال مرحلة النضال الثوري، وبعد انتصار الثورة الإسلامية، واجباً كفائياً لا مفرّ من الالتزام به. لكن بالنسبة إلى طالب علوم دينية، لا يمكن مقارنة أو تبديل حلقة الدرس والبحث الحوزوي والفقهي بأيّ شيء آخر”.
وفي تعريفه عن نفسه، يقول رئيسي إنّه بعد انتصار الثورة كان من جملة 70 طالباً شاباً اختارهم محمد حسين بهشتي (أول رئيس لمجلس القضاء الأعلى بعد الثورة) ليكونوا نواة مدرسة إعداد الكوادر لتلبية احتياجات إدارة النظام الجديد. واعتبرهم بهشتي حينها “الأشخاص المناسبين لتحمّل المسؤوليات المختلفة في البلاد”.
بعد تولّيه عدّة مناصب قضائية مهمّة في مدن مختلفة، وبينها منصب قاضٍ في محكمتيْ كرج وهمدان، ثمّ مدّعي عام محافظة همدان، انتقل عام 1985 إلى طهران، حيث عُيِّن نائباً لمدّعي عام طهران، وبقي في هذا الموقع خلال عملية إعدام السجناء المعارضين للجمهورية الإسلامية في صيف عام 1988.
إقرأ أيضاً: رئيسي (1/2): الرئيس المعيّن لإيران..
وقد استكمل رئيسي إعداد نفسه على طريق تولّي قيادة النظام من خلال إقامة حلقات دروس حوزوية في البحث الخارج الفقهية، بالإضافة إلى مؤهِّلات أخرى من مثل كونه من نسل الرسول الأكرم، وتلميذ المرشد الحالي، ويأتي من محافظة خراسان.
بعد هزيمته في الانتخابات الرئاسية الماضية أمام حسن روحاني، تراجعت حظوظ تولّيه قيادة النظام. وقد ساد اعتقاد بأنّ التصويت الشعبي كان “لا” لمشروع قيادته، ناهيك عن الحجم الكبير من الأصوات التي حصل عليها روحاني وكانت تصويتاً سلبياً لرئيسي. لكنّه استطاع، على الرغم من هذه الهزيمة، إعادة ترميم ثقة المرشد به، وأن يحصل منه على تعيينه على رأس السلطة القضائية.
فانتظروا رئيسي رئيساً.. ثم مرشداً أعلى.
من هو إبراهيم رئيسي
– ولد عام 1960 في مدينة مشهد، وبدأ تحصيله العلمي الديني وهو في سن الخامسة عشرة.
– في عمر 21 سنة تولّى القضاء في مدينتيْ كرج وهمدان بالتزامن.
– أصبح مساعد مدّعي عام طهران بين عاميْ 1985 و1989.
– بين عاميْ 1989 و1994، بات مدّعي عام طهران.
– رَأَس التفتيش المركزي بين عاميْ 1994 و2004.
– انتقل إلى منصب مدّعي عام إيران بين سنتيْ 2014 و2016.
– شغل منصب مدّعي عام المحكمة الخاصة برجال الدين منذ عام 2012 حتى تعيينه رئيساً للسلطة القضائية.
– عضو اللجنة المركزية لجماعة رجال الدين المجاهدين منذ عام 1997 حتى الآن.
– عضو مجلس خبراء القيادة في دورتيْه الرابعة والخامسة عن محافظة خراسان.
– أول رئيس للجنة إحياء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في إيران.
– تولّى مسؤولية الحضرة الرضوية من سنة 2015 حتى تعيينه رئيساً للسلطة القضائية.
– عُيِّن بين عاميْ 2004 و2014 نائباً لرئيس السلطة القضائية.
– يدرّس مادة الفقه والقانون في الجامعة الحرّة وجامعة الشهيد مطهري وجامعة الإمام الصادق.
– صهر أحمد علم الهدى إمام جمعة مشهد وممثّل قائد الثورة في محافظة خراسان.
التحصيل العلمي
– المرحلة الرابعة في الفقه والأصول من الحوزة العلمية في قم.
– دراسات عليا في القانون الدولي الخاص.
– دكتوراه في الفقه والأسس القانونية، القانون الخاص، من جامعة الشهيد مطهري.