هل طلب “السيّد” من لحّود البقاء في القصر؟

2021-05-20

هل طلب “السيّد” من لحّود البقاء في القصر؟

صدر للزميل نبيل هيثم كتاب من إصدار “دار بلال للطباعة والنشر” في آذار 2021. يتناول مذكّرات ووقائع محطّات مشوّقة من الدروس السياسية يقصّها الرئيس نبيه بري عن كثب، وقد شارك في اتّخاذ أكثر من قرار مفصليّ فيها.

يعرّف الزميل هيثم كتابه “الثقب الأسود” بالقول في نهاية المقدمة التي عنونها  “أوّل الكلام.. تحية وسلام”:

“برعاية مباشرة من دولة الرئيس، وُفِّقتُ في إعداد هذا الكتاب، متضمّناً ما يجب أن يُعرف عن نبيه برّي، وما يجب أن يُحكى ويُقال عن محطّات غنيّة وغاية في الأهميّة، عبرها نبيه برّي منذ العام 2005، ويسرد وقائعها وأحداثها ويوميّاتها بين دفّتيْ هذا الكتاب”.

تقديراً للقامة الوطنية التي يمثّلها الرئيس نبيه برّي، وإسهاماً في فتح النقاش والحوار حول هذه المحطّات، ينشر “أساس” أجزاء من الكتاب في سلسلة من الحلقات.

في الحلقة الأولى محطة من آخر أيّام الرئيس الأسبق إميل لحّود، وأحداث تُكشف للمرّة الأولى عن حقيقة طلب الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله منه البقاء في قصر بعبدا بعد نهاية ولايته، وموقف الرئيس برّي من ذلك.

 

الكلّ يتكلّم ويقول ما يحلو له

 .. صار الاستحقاق الرئاسي مقفلاً بالكامل، والتصعيد السياسي في أعلى درجات احتدامه، وبلغ ذروته مع الهجوم العنيف الذي شنّه الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله في 11 تشرين الثاني 2007، على فريق “14 آذار”، ومع مناشدته الرئيس إميل لحود اتّخاذ ما سمّاه نصر الله “المبادرة الإنقاذية”، التي تعني عمليّاً إمّا تأليف حكومة ثانية، على الرغم من وجود حكومة فؤاد السنيورة، وإمّا البقاء في القصر الجمهوري حتّى لو انتهت ولايته. وقد كان لهذا الموقف صدى إرباكيّ لدى فريق “14 آذار”:

“في اليوم نفسه، الذي ألقى فيه السيد حسن نصر الله خطابه، سارع السفير السعودي عبد العزيز الخوجة إلى زيارتي في عين التينة وقال لي: “أنا قلق جداً من مضمون الخطاب، وإنّ عدداً من أركان فريق “14 آذار” اتّصلوا بي، وأعربوا لي عن خوفهم من الكلام الصادر عن السيد نصر الله”. فهدّأت من روع السفير السعودي، وقلت له: “أعتقد أنّه لا موجب للقلق على الإطلاق، فالسيّد حسن كان في معرض الردّ على الهجوم المتواصل الذي يشنّه فريق “14 آذار” على “حزب الله”، ومن الطبيعي أن يرفع نبرته تجاه هذا الفريق، “اللي مش مقصّر أبداً”. أمّا في الشقّ المتعلّق بالاستحقاق الرئاسي، فإنّ السيد حسن من أكثر المتحمّسين لبلوغ التوافق على رئيس للجمهورية”.

صار الاستحقاق الرئاسي مقفلاً بالكامل، والتصعيد السياسي في أعلى درجات احتدامه، وبلغ ذروته مع الهجوم العنيف الذي شنّه الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله في 11 تشرين الثاني 2007، على فريق “14 آذار”

خرج السفير خوجة من عندي مرتاحاً. ومساء اليوم نفسه، هاتفني النائب الحريري شاكياً، وقال لي: “خطاب السيد حسن تصعيديّ، حيث قدّم طرحاً خطيراً وغير مألوف”.

فقلت له ممازحاً: “وهل كنت تتوقّع من السّيد حسن أن يشكركم أو يغازلكم؟!”.

فقال: “أعرف أنّه لن يفعل، ولكنّه ذهب بعيداً جدّاً. إنّه تصعيد يقطع الطريق على الحلول”.

فقلت: “.. وأين هي الحلول يا شيخ سعد؟”.

فقال مكرّراً: “ما قاله السيد حسن لا يطمئن، ولا يساعد على الحلّ”.

فقلت: “يا شيخ سعد، إنْ كنت سمعت ما قاله السيد حسن، فإنّه قال كلاماً واضحاً لا يحتاج إلى أيّ تفسير. فقد قال إنّه ضدّ القرار 1559، وإنّه ضدّ أن يأتي رئيس للجمهورية لينفّذ هذا القرار. وهذا موقفي أنا أيضاً. فأنا ضدّ أن يأتي رئيس مهمّته تنفيذ هذا القرار”.

فقال: “ما قاله تصعيد غير مسبوق، ولا يخدم المبادرة الفرنسيّة، بل يقطع الطريق عليها”.

فقلت: “لا أعتقد أنّ الأمور مقفلة. ولا أعتقد أبداً أنّ السيد حسن في وارد أن يعطّل، بل بالعكس أنا أؤكّد لك أنّ سماحته مستعجل أكثر منّي ومنّك للوصول إلى توافق على رئيس للجمهورية”.

فقال: “لكنّ هذا الموقف، الذي أدلى به، يصعّب الأمور، خصوصاً أنّه توجّه إلى إميل لحّود، وطلب منه حرفيّاً اتّخاذ خطوة إجرائية لِما سمّاه إنقاذ الوضع الداخلي، والحوؤل دون الفراغ الدستوري. ألا يعني ذلك أنّه طلب من لحّود أن يبقى في بعبدا؟!”.

خرج السفير خوجة من عندي مرتاحاً. ومساء اليوم نفسه، هاتفني النائب الحريري شاكياً، وقال لي: “خطاب السيد حسن تصعيديّ، حيث قدّم طرحاً خطيراً وغير مألوف”

فقلت: “يا شيخ سعد، دعنا نتكلّم بصراحة. كلّ الناس تتكلّم وتقول ما يحلو لها. وكما أنتم تقولون ما لديكم، فغيركم سيقول ما لديه. فلماذا تُفاجَؤون بما تسمعونه من خصومكم عندما يردّون عليكم. فأنتم لا تقصّرون. معنى كلامي هو أنّ موقف السيد حسن له ما يبرّره في ما يطلقه حلفاؤك ضدّ “حزب الله”، وفي دعواتكم المتتالية إلى الاستئثار بانتخاب رئيس للجمهوريّة بنصاب النّصف زائداً واحداً. وفي أيّ حال، كلّ الأمور يمكن أن تحلّ”.

ثمّ قال لي: “علمت أنّ وزير الخارجيّة الفرنسيّة برنار كوشنير سيأتي من جديد”.

فقلت: “صحيح، وقد طلب منّي موعدا. علماً أنّ مهمّته الأساسية هي مع البطريرك صفير والقيادات المسيحيّة”.

فسألني: “هل تعتقد أنّه يحمل معه مخرجاً؟”.

فقلت: “ليس على حدّ علمي”.

إقرأ أيضاً: هكذا ضغط بشار الأسد لتوزير جبران باسيل

ثمّ أكملت: “يا شيخ سعد، دعني أقلْ لك قبل أن يأتي كوشنير وغيره. إنّنا جميعاً نستطيع أن نكون عوامل مساعدة، خصوصاً أنّ أمامنا فرصة جديدة. فأنت تعلم أنّني قد حدّدت موعداً لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية يوم 21 تشرين الثاني، وما زالت تفصلنا عن هذه الجلسة أيّام قليلة. ولعلّ أفضل هديّة، يمكن أن نقدّمها إلى اللبنانيّين قبل عيد الاستقلال، هي انتخاب رئيسهم الجديد، التوافقي، وفتح صفحة جديدة في الحياة السياسيّة للبنان. أمامنا هذه الفرصة، لأنّه في الساعات التالية لـ21 تشرين الثاني، ولعيد الإستقلال، قد لا يعود في وسع أحد أن يتكهّن بما سيكون عليه الشارع في لبنان، من هذا الفريق أو ذاك. وعندئذ تصبح رئاسة الجمهورية في مهبّ الريح والفوضى”.

فقال: “أنا معك”.

فقلت: “إذاً حاول أن تفعل شيئاً مع حلفائك”.

فقال: “سأحاول فعلاً، وسأضعك في الأجواء”.

فقلت: “كلّما عجّلت في إقناعهم، يكون ذلك أفضل للبلد ولنا جميعاً”.

فقال: “إن شاء الله”.

فقلت: “إن شاء الله خير، وأنا في انتظار اتّصال منّك”.

انتهى الحديث بيني وبين الحريري عند هذا الحدّ، واتّفقنا على استمرار التواصل، وأن نلتقي في وقت قريب.

وبعد فترة قصيرة عاد سعد الحريري واتصّل بي، ولم يكن قد وُفِّق في إقناع حلفائه”.

 

غداً في الحلقة الثانية: ماذا قال السفير خوجة للرئيس برّي عن اتّفاق الدوحة؟

مواضيع ذات صلة

سلامة والمظلّة السّياسيّة: الكلمة للقضاء

تتّجه كلّ الأنظار غداً الإثنين إلى قصر العدل حيث يُساق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة للمثول أمام قاضي التحقيق الأوّل بلال حلاوي لاستجوابه واتّخاذ قرار…

العمامة الوطنيّة والعمامة التّكفيريّة

تسود الشارع السنّي حالة من الاستقطاب الديني النزعة على خلفيّة حرب الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة، وما يعرف بحرب الإسناد في جنوب لبنان، ويمكن اختصار…

تعويم الجماعة في ذكرى “الطّوفان”: الأيّوبيّ منسّقاً للمؤتمر القوميّ الإسلاميّ

في خطوة بالغة الأهمّية بتوقيتها ومضمونها تستضيف بيروت في الأول من شهر تشرين الأول المقبل الدورة الجديدة للمؤتمر القومي – الإسلامي، وستكون معركة طوفان الأقصى…

ثلاث سوابق مارونيّة “تنتخب” الرّئيس المقبل

ثلاث سوابق لم يشهدها لبنان في تاريخه السياسي الحديث تكمن أهميّتها ليس فقط في حصولها بل في تزامن بعضها مع بعض مع قاسم مشترك وحيد…