يَا رَاحِلاً فُجِعَتْ بِكَ الْأَقْلامُ

مدة القراءة 3 د

قصيدة سماحة العلاّمَة السيد علي الأمين فِي رثاء الرَّاحِلِ الْكَبِيرِ الْعَلاّمة السيد محمد حسن الأمين رَحِمَهُ الله في ذكرى الأربعين.

 

يَا رَاحِلًا فُجِعَتْ بِكَ الْأَقْلَامُ

وَتَنَكَّسَتْ بِغِيَابِكَ الْأَعْلَامُ

كُنْتَ الرَّفيقَ لَهَا تَصُوغُ بِحِبْرِهَا

دُرَرَاً بِهَا تَتَطَوَّرُ الْأَفْهَامُ

أَنْتَ الْبَقِيَّةُ مِنْ كِبارٍ قَدْ مَضَوْا

بِصِفاتِهِمْ تَتَفَاخَرُ الْأَقْوَامُ

فِيهَا الفقاهةُ وَالثَّقَافَةُ وَالتُّقَى

فِيهَا الْإبَاءُ قَرِينُهُ الْإقْدَامُ

فِيهَا الْمَكَارِمُ وَالْفَضَائِلُ كُلُّهَا

حَقٌّ لَهَا الْإجْلَالُ والإعظامُ

هَذِي الْمَسِيرَةُ كُنْتَ مِنْ رُوَّادِهَا

مَا هَزَّكَ الْإغْرَاءُ وَالْأَخْصَامُ

لَمْ تَلْتَجِئْ لِزَعَامَةٍ وَأَبَيْتَ مَا

اعْتَادَتْ عَلَى تَقْديمِهِ الْأَزْلَامُ

وَضَعُوا الْوَلَاءَ لَهَا لِكَسْبِ وَظِيفَةٍ

هَيْهَاتَ يَخْفِضُ رَأْسَهُ الضِّرْغَامُ

وَالْقُدْسُ أَنْتَ نَصِيرُهَا وَسَفِيرُهَا

دَارُ السَّلَاَمِ عَلَى الْجَبِينِ وِسَامُ

وَوَقَفَتَ فِي وَجْهِ الْغُزَاةِ مُقَاوِمًا

لَمْ تَخْشَ جَيْشَاً دِينُهُ الْإِجْرَامُ

صَفَحَاتُ أَمْجَادٍ لِأَعْوَامٍ خَلَتْ

يَا لَيْتَهَا طَالَتْ بِكَ الْأَعْوَامُ

قَمَرُ الْعَشِيرَةِ غَابَ قَبْلَ أَوَانِهِ

سَهْمُ الرَّدَى أَرْدَاهُ وَهْوَ تَمَامُ

أَلْمَوْتُ يَفْجَعُنَا وَإِنْ أَسْمَيْتَهُ

سَفَرًا، بِهِ تَتَكَسَّرُ الْأحْلَاَمُ

لَا نَبْتَغِي سَفَرًا يُبَاعِدُ بَيْنَنَا

إِنَّ الْحَبيبَ عَلَى الْجَفَاءِ يُلَامُ

أَلْمَوْتُ فَرَّقَ جَمْعَنَا وَلَطَالَمَا

قُطِعَتْ بِهِ الْأَوْصَالُ وَالْأَرْحَامُ

بِالْمَوْتِ نَفْقِدُ مَنْ نُحِبُّ وِصَالَهُمْ

فَقْدُ الْأَحِبَّةِ لَوْعَةٌ وَضِرَامُ

وَنَوَدُّ لَوْ كُنَّا مَضَيْنَا قَبْلَهُمْ

مَا طَابَ عَيْشٌ بَعْدَهُمْ وَمُقَامُ

نَرْضَاهُ حُكْمًا مُنْزَلًا مِنْ رَبِّنَا

بِقَضَائِهِ مَا جَارَتِ الْأَحْكَامُ

جُرْحُ الْفِرَاقِ يَطِيبُ إِنْ طَالَ الْمَدَى

وَالْجُرْحُ فِيكَ تُطِيلُهُ الْأيَّامُ

وَالْيَوْمَ بَعْدَكَ أَظْلَمَتْ سَاحَاتُنَا

وَعَلَا ثَرَاهَا غُبْرَةٌ وَقَتَامُ

مَنْ لِلْمَنَابِرِ يَعْتَلِي أَعْوَادَهَا ؟

قَدْ غَابَ فَارِسُهَا الْفَتَى الْمِقْدَامُ

مَنْ لِلْحُروفِ إِذَا انْتَقَاهَا أَوْرَقَتْ

وَتَفَتَّحَتْ فِي رَوْضِهِ الْأَكْمَامُ

هُوَ لِلْقَصِيدَةِ عَاشِقٌ مُنْذُ الصِّبَا

يَرْوِي الْحُقُولَ وَتُزْهِرُ الْآكَامُ

هُوَ سَابِقٌ فِي عَصْرِنَا أَقْرَانَهُ

وَمُجَدِّدٌ فِي فِكْرِهِ وَهُمَامُ

فَقَدَتْكَ مَدْرَسَةُ الْحَدَاثَةِ رَائِداً

أَنْتَ الْفَقِيدُ وَكُلُّنَا الْأَيْتَامُ.

 

إقرأ أيضاً: السيّد محمّد حسن الأمين: انكسار الضوء أمام الشاعر

 

مواضيع ذات صلة

رجال ترامب هم رجال إسرائيل!

تعكس اختيارات الرئيس المنتخب دونالد ترامب لبعض فريقه الرئاسي الجديد عمق سياساته المقبلة تجاه العالم ككلّ، وتجاه منطقة الشرق الأوسط على وجه الخصوص. قيل لي…

هل ينفع الحوار مع إيران للاستغناء عن خدماتها؟

حين تتحدّث مع دبلوماسيين غربيين عاملين على مسائل لبنان والمنطقة هذه الأيام، يصغون بشيء من اللياقة لما يُعرض من التفاصيل المتعلّقة بصيغة لبنان، سواء في…

صواريخ إيران: شّبح صّينيّ مجهول

كيف تحوّلت إيران إلى مصنّع للصواريخ؟ الصواريخ الإيرانية الصنع تعزّز الآلة العسكرية الروسيّة في الحرب على أوكرانيا. وهذه الصواريخ الإيرانية تشكّل رأس الحربة العسكرية للحوثيين…

تشدّد الرّياض: عودة عربيّة إلى نظام إقليميّ جديد؟

توحي نتائج القمّة العربية – الإسلامية بأوجه متعدّدة لوظيفة قراراتها، ولا تقتصر على محاولة فرملة اندفاعة إسرائيل العسكرية في المنطقة. صحيح أنّ القمّة شكّلت حاضنة…