القيادة الذهب… الموقف يحتاج إلى رجال

مدة القراءة 3 د

في الذكرى الـ32 لاغتيال المفتي الشهيد الشيخ حسن خالد، وجّه نجل الشهيد المهندس سعد الدين خالد رسالةً إلى والده الشهيد عبر “أساس”، فيما يلي نصّها:

 

يا شهيدنا .. في يومك أكتب إليك..

بحبر الجوع أكتب إليك.. فما وجدت في غيره الأمان لتصل رسالتي إليك .. أمان صدق عمّا الناس يعيشونه..

في زمن أبداً لا يشبه الزمان يا سيّدي..

أتسألني أين هم من يُفترض أنّهم هنا؟

الكلّ هنا، لكن وحدَه الوجع يتحرّك..

فمن منهم تظنّه سيتحرّك؟

أيتحرّك من على الوجع مُلام؟

لا نستثني واحداً منهم.. هي الحقيقة وما عوّدتنا يا سيّدي الرياء..

جِدُّ أيتامٍ نحن في غيابك..

ولا يغرنَّك من يدّعي الأبوّة..

قفرٌ هي السياسة في المكان يا سيّدي… قفرٌ يا من حطّمت في السياسة أوثانا..

بحبر الجوع أكتب إليك.. فما وجدت في غيره الأمان لتصل رسالتي إليك .. أمان صدق عمّا الناس يعيشونه

ماذا أخبرك بعد؟

فكلّ وجودهم خواء..

وعودهم للناس هباء.. فالفقر أكل خير القوم كلّه.. هي السياسة البلاء..

هم لطالما حذّرتنا منهم.. هم حجبوا شمس السماء..

دموع الناس تمطر من المآسي.. لا يكترثون وكأنّ الدموع ماء..

يتحلّقون فوق ولائم السياسة ويسجّلون على الشعب الحساب..

حتّى الصروح التي يُفترض أنّها في الملمّات لها صوت.. صوتها يشتاق إليه الكلام..

كثيرون أضحوا يا سيّدي يفضّلون على الحقّ المصلحة الشخصية.. كثيرون أضحوا يقدّمون للخطأ ولاء..

هي السياسة وكلّ ما يتفرّع عنها.. هي السياسة أغرقتنا في كل داء.. لا نعرف كيف نخرج منه.. فهم متّفقون في الباطن علينا ويبدون في العلن جفاء..

مؤسّساتنا تبكي كأرامل حرب.. هي مثل الأرامل فقدت رجالا.. لكنّها ليست حرب المدافع.. هي حرب مصالح، جبهاتُها المقايضة.. خُذ وهَات..

ودائعُ الناس في ليلة عتم ضاعت..

وما ترك الجوعُ بمداهمته البيوت للناس ملاذا.. وحدها أبوابهم يا سيّدي صامدة.. لكنّها مثلهم تفتقد الثواب..

كثيرون أضحوا يا سيّدي يفضّلون على الحقّ المصلحة الشخصية.. كثيرون أضحوا يقدّمون للخطأ ولاء

ملايين بل مليارات الدولارات يتحدّثون أنّها هُرِّبت ونُهبت، وعن مصيرها لا يُقدِّم أحد جوابا.. يثيرون الطوائف لكي تحمي مصالحهم بإشعارها أنّها المستهدفة بالذات.. كلّ منهم في الثراء أضحى لا يعدّ ولا يحصى، ومَن حولهم بلغ به الثراء سماء..

قد أضحى الفاسد في غيابك يا سيّدي قويّاً، ويتحمّل الشريف في غيابك العناء..

يتقاسمون باسم الطوائف كلّ غلّة، والطوائف تشتهي اليوم روائح الشواء..

حرموا البطون من كلّ ما كان يُؤكل، فكلفة الأكل أضحت فاحشة الغلاء..

القطاعات في عدم حلّهم مشكلاتها أضحت وكأنّها لهم بقرة حلوب أو كأنّها من الحلوب شاة.. حليبها من كلّ نوع.. حليبها للمنافع غذاء..

مصالح الوطن ليست مصالحهم.. وبعضهم لها يُناصب العداء..

أتسأل أخيراً عن حلّ؟

الموقف صعب يا سيّد الرجولة..

الموقف يحتاج إلى رجال..

إقرأ أيضاً: المفتي الشيخ حسن خالد (2/1): الشخصية والرسالة والخير العام

 

مواضيع ذات صلة

تركيا في الامتحان السّوريّ… كقوّة اعتدال؟

كان عام 2024 عام تغيّر خريطة الشرق الأوسط على أرض الواقع بعيداً عن الأوهام والرغبات التي روّج لها ما يسمّى “محور الممانعة” الذي قادته “الجمهوريّة…

ردّاً على خامنئي: سوريا تطالب إيران بـ300 مليار دولار

 أفضل ما كان بمقدور إيران وقياداتها أن تقوم به في هذه المرحلة هو ترجيح الصمت والاكتفاء بمراقبة ما يجري في سوريا والمنطقة، ومراجعة سياساتها، والبحث…

إسرائيل بين نارين: إضعاف إيران أم السُنّة؟

الاعتقاد الذي كان سائداً في إسرائيل أنّ “الإيرانيين لا يزالون قوّة مهيمنة في المنطقة”، يبدو أنّه صار من زمن مضى بعد خروجهم من سوريا. قراءة…

تركيا والعرب في سوريا: “مرج دابق” أم “سكّة الحجاز”؟

الأرجح أنّ وزير الخارجية التركي هاكان فيدان كان يتوقّع أن يستقبله أحمد الشرع في دمشق بعناقٍ يتجاوز البروتوكول، فهو يعرفه جيّداً من قبل أن يكشف…