رياح دمشق وبغداد… تهبّ على بيت الوسط

مدة القراءة 5 د

تسير المحادثات السعودية الإيرانية على طريق مستقيم. بعد اللقاء الأوّل في بغداد، علم “أساس” أنّ لقاءً ثانياً عُقِد في العاصمة العراقية أيضاً في الأسبوع الفائت، وأحيط بسرّيّة تامّة بسبب تسريب خبر اللقاء الأوّل. وقد كان إيجابيّاً مثل الذي سبقه، وتركّز على البحث في تخفيف التوتّر وتهدئة الجبهات وإرساء الأمن في منطقة الخليج ومنطقة الشرق الأوسط.

وتشير معلومات “أساس” إلى أنّ الطرفين يبديان إيجابية في التعاطي مع بعضهما البعض، ويبديان الاستعداد لبناء علاقات جيّدة، سيكون لها، بلا شكّ، انعكاسات على تطوّرات الأوضاع في المنطقة ككلّ.

من جهة أخرى أكّدت مصادر دبلوماسية عربية أنّ وفداً أمنيّاً سعوديّاً زار دمشق، حيث التقى رئيس النظام السوري بشّار الأسد واللواء علي مملوك. وبحسب المعلومات فقد بدأت الزيارة يوم الأحد، واستمرّت حتّى يوم الاثنين. البداية كانت غروبَ الأحد في إفطار بين الوفد السعودي ومملوك. والإثنين ظهراً استقبل الأسد الوفد طوال ثلاث ساعات.

أجواء اللقاء الدمشقيّ “إيجابية أيضاً”، خصوصاً أنّها الزيارة السعودية الأولى للقاء مسؤولين رسميّين سوريّين في دمشق. وكان أجرى مملوك ثلاث زيارات إلى الرياض في الأشهر الأخيرة، التقى خلالها مسؤولين سعوديّين في إطار التنسيق الأمني.

تشير معلومات “أساس” إلى أنّ الطرفين يبديان إيجابية في التعاطي مع بعضهما البعض، ويبديان الاستعداد لبناء علاقات جيّدة، سيكون لها، بلا شكّ، انعكاسات على تطوّرات الأوضاع في المنطقة ككلّ

وإذ طلب السوريّون إعادة افتتاح السفارة السعودية في دمشق، أبدى الوفد السعودي ترحيباً، لكنّه ترك توقيت تنفيذ القرار إلى موعد يحدّده لاحقاً. وتمّ تحديد موعد جديد في شهر حزيران المقبل لاستكمال مباحثات تضمّنت، إلى الملفّات السياسية، بحثاً في ملفّات أمنيّة  تتعلّق بعمليات تهريب المخدّرات، وبشأن بعض المجموعات المتطرّفة.

اللقاء الدمشقيّ، معطوفاً على لقاءي بغداد، يؤشّران بما لا يدعُ مجالاً للشكّ، إلى تطوّرات سياسية استثنائية في المنطقة، ستنعكس نتائجها، على الملفّ اللبناني العالق في عنق الزجاجة المحلية والإقليمية، والمتعثّر حكومياً ومالياً.  

وسط هذه الأجواء تصاعدت التوقّعات باعتذار الرئيس سعد الحريري عن تكليفه تشكيل الحكومة. وتشير المعطيات إلى أنّ الرئيس المكلّف متشائم من التطوّرات.

والحريري عبّر عن انزعاجه من الأصداء الخارجية التي وصلت إلى مسامعه عن الموقف السعودي غير الداعم له. وبات متفهّماً لخطورة موقفه، ومتيقّناً من أنّ ورقة التكليف باتت في مهبّ الرياح الإقليمية الجديدة.

في المقابل، تؤكّد مصادر قريبة من حزب الله أنّ الحريري لو انتهز الفرصة سابقاً وعمل على تشكيل الحكومة لكان فرض نفسه بحكم الأمر الواقع، ولكان عنصراً مشاركاً في أيّ تسوية، أو لو قدّم اعتذاره قبل هذه التطوّرات لكان قد فجّر قنبلة قويّة قلبت الموازين، وعزّز وضعه أكثر.

من جهته، يدرس الحريري خيار الاعتذار، خصوصاً أنّه غير مستعدّ لتقديم أيّ تنازل لصالح عون، ولا يبدو أنّ الأخير في وارد تسهيل مهمّته.

وسط هذه الأجواء تصاعدت التوقّعات باعتذار الرئيس سعد الحريري عن تكليفه تشكيل الحكومة. وتشير المعطيات إلى أنّ الرئيس المكلّف متشائم من التطوّرات

خيار الاعتذار هو أفضل الممكن لتجنّب الفخّ الذي حذّره منه الوزير نهاد المشنوق سابقاً، خلال الاستشارات النيابية. خصوصاً أنّ اعتذار الحريري سيفجّر الأزمة بوجه رئيس الجمهورية وفريقه. أمّا القوى الأخرى، ولا سيّما عون وحزب الله، فتدرس كل الاحتمالات، خصوصاً إذا قرّر الحريري الاعتذار عن التكليف، لكي تأخذ بالاعتبار الخيارات البديلة منه إذا أقدم على هذه الخطوة.

الاتجاه الداخلي، لا سيّما لدى عون والحزب، هو عدم ترشيح أيّ شخصيّة سياسية محسوبة على طرف أو محور، وألا تكون عامل استفزاز جديد للدول العربية. لذلك يُبحث في الكواليس عن شخصية ترضي مختلف القوى في الداخل والخارج.

إقرأ أيضاً: هل يعتذر الحريري في أيار؟

الأسماء المتداوَلة كثيرة. فحزب الله وعون يرفضان نوّاف سلام. ومن بين المداولات، التي تكشفها مصادر متابعة، اسم وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي، الذي يرتبط بعلاقة جيدة مع عون، ومع حزب الله، ولا يُعتبر مستفزّاً للحريري، إذ إنّ العلاقات بينهما تحسّنت أخيراً بعدما لبّى كلّ ما طلبه الحريري منه، بالإضافة إلى إيلائه دور متابعة قرار المملكة العربية السعودية في منع تصدير الخضر والفاكهة اللبنانية بسبب تهريب المخدّرات.

هكذا تتّجه الأنظار حاليّاً إلى تطوّرات المنطقة وزيارة وزير الخارجية الفرنسي، الذي لا يزال يعمل على ترتيب جدول مواعيده، مع احتمال حصر زياراته بالقصر الجمهوري وعين التينة، فيما اللقاءات الأخرى مع القوى السياسيّة قد تحصل في السفارة الفرنسية.

ستكون زيارة لودريان عنصراً أساسيّاً ينعكس على القرار الذي يتّخذه الحريري، إمّا بالاعتذار وإمّا بالبقاء على موقفه، لكن ليس بناءً عليها، بل على كلّ الرياح الربيعية، التي قد تلتهب في وجه بيت الوسط.

مواضيع ذات صلة

مشاورات “الأعياد”: لا 65 صوتاً لأيّ مرشّح بعد!

تَجزم مصادر نيابية لموقع “أساس” بأنّ المشاورات الرئاسية في شأن جلسة التاسع من كانون الثاني قد تخفّ وتيرتها خلال فترة الأعياد، لكنّها لن تتوقّف، وقد…

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…

الثنائي وترشيح عون: سوياً ضده… أو معه

كعادته، وعلى طريقته، خلط وليد جنبلاط الأوراق عبر رمي قنبلة ترشيحه قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية، ليحرّك مياه الرئاسة الراكدة. قبيل عودته إلى…