هل تصيب محنة اللقاحات اللبنانيين؟ هل ضاع التطعيم بجرعات لقاح “سينوفارم” هباءً؟ هل يُنصح بتلقّي جرعة إضافية من لقاح آخر؟ وهل يتّجه لبنان إلى خلط اللقاحات؟
في عالم اللقاحات، أسئلة كثيرة تطرح العديد من علامات الاستفهام. فبعد أسابيع من الاتّهامات التي طالت لقاح “أسترازينيكا” الذي ابتكره علماء جامعة أكسفورد في إنجلترا، ها هو اللقاح الصيني “سينوفارم” يتعرّض للانتقادات بعد اعتراف السلطات الصينية بمحدودية فعالية اللقاحات الصينية وبكونها لا توفّر نسبة حماية عالية.
رئيس اللجنة الوطنية لإدارة اللقاحات الدكتور عبد الرحمن البزري يكشف لـ”أساس” أنّ “الاستعجال باستخدام لقاحات غير مدروسة، من دون المرور بوزارة الصحة، أدّى إلى أخذ اللقاح من دون الاستفادة منه. وقد درست وزارة الصحة اللقاح الصيني في مراحل متقدّمة، فأظهر نتائج جيدة لمن هم دون الـ60 من العمر، فسمحنا باستخدامه لتلقيح فئة معينة تتمتع بصحة جيدة، وللقوى العسكرية وبعض الموظفين في القطاع العام الذين يتمتعون بصحة جيدة ودون الـ60 سنة”.
ويضيف البزري: “عدد كبير من الناس تلقّوا اللقاحات بطريقة غير رسمية أو خارج البلاد. وقد يضطر بعضهم إلى أخذ جرعة ثالثة أو جرعة إضافية من لقاح آخر. وعليه، قد تلجأ الوزارة إلى اعتماد خيار دمج اللقاحات لأنّ عدداً لا بأس به تلقّى اللقاح الصيني. وقد يحتاجون إلى جرعة إضافية من لقاح آخر لضمان حصولهم على مناعة عالية وحماية كافية”.
وعن دمج اللقاحات في لبنان، يؤكّد البرزي أنه “أصبح في إمكاننا دمجها على الرغم من عدم وجود رأي رسمي واضح، لكنّ الواقع العلمي فرض ذلك، كما حصل في فرنسا التي اعتمدت هذا الخيار بعد شكوك متعلّقة بلقاح أسترازينيكا”. ويشرح أنّ “بريطانيا تدرس أيضاً الدمج بين اللقاحات وفعّالياتها، لكنّها لم تصدر النتائج النهائية بعد. كذلك الأمر في الصين حيث أعلن مدير المركز الصيني للسيطرة على الأمراض، غاو فو، أنّ السلطات الصينية تفكّر في خلط لقاحات كورونا، لأنّ جرعات اللقاح، الذي صُنع محلّياً، لا توفّر معدل حماية عالياً جداً”. ويشدّد على “أهمية درس ملف كل لقاح لاختيار الأفضل”.
رئيس اللجنة الوطنية لإدارة اللقاحات الدكتور عبد الرحمن البزري يكشف لـ”أساس” أنّ “الاستعجال باستخدام لقاحات غير مدروسة، من دون المرور بوزارة الصحة، أدّى إلى أخذ اللقاح من دون الاستفادة منه”
نصيحة من البزري
ويتابع: “نحن على اطّلاع على ما يحصل بالخارج مع لقاح جونسون الذي صنعته شركة جونسون آند جونسون الدوائية. فبعدما أعلنت الولايات المتحدة وجنوب أفريقيا ودول أخرى تعليق استخدامه إلى حين التحقّق من كونه يسبب جلطاتٍ دماغية، نشأ اهتمام متعاظم بفك ألغاز ردّ فعل غير شائع يحدث حين يطلق الجسم قوة مناعته ضد الصفائح الدموية، التي تنخفض وتؤدي الى فقدان الوعي فالموت. وهو نادر الحدوث. أما في لبنان فلم يُسجَّل أي آثار جانبية جدّية أو خطيرة للقاح “أسترازينيكا”. لكنّ الآثار الجانبية البسيطة اقتصرت على ألم في الرأس أو ارتفاع طفيف في الحرارة. ونحن نوثّق كل الآثار الجانبية التي رافقت عملية التطعيم لمختلف اللقاحات الموجودة في لبنان، وستُنشر وتُوزّع فور جهوزها لنحافظ على الشفافية والصدقية في مسألة التطعيم”.
وينصح البزري ختاماً “كلّ شخص صغير السنّ تلقّى اللقاح الصيني أن لا يقلق لأنّ صحّته جيدة، وكوّن مناعة جيدة، لكن من هم فوق الـ60 أنصحهم، بعد استشارة الطبيب، بالحصول على جرعة إضافية من لقاح آخر لتوفير الحماية اللازمة لهم. وانطلاقاً ممّا تظهره الوقائع حتّى اللحظة، يُنصح كلّ من تلقّى اللقاح، وتحديداً الذين تلقّوا الجرعة الثانية منه، وبعد 3 أسابيع على الأقلّ، بإجراء فحص الأجسام الضدّية للتأكّد من اكتساب المناعة اللازمة. ففي حال عدم اكتساب المناعة، من الضروري تلقّي جرعة ثالثة لاكتسابها، وإلا فسيكون الشخص حكماً عرضة للإصابة بالفيروس في أي وقت”.
مخباط: لا قرارات رسمية بعد
في المقابل، يؤكّد الاختصاصي في الأمراض الجرثومية والمعدية البروفيسور جاك مخباط لـ”أساس” أنّه “في الوقت الحاضر، لا توجد قرارات رسمية لبنانية تتعلّق بدمج أو خلط اللقاحات، وهذه الأمور ستتّضح معالمها مع الوقت. وأمّا اللقاح الصيني فهو لقاح من خارج المنصّة اللبنانية، ومن تلقّاه قام بذلك على مسؤوليته الخاصة”.
ويتابع: “في الإمارات، مثلاً، عندما تبيّن أنّ بعض الأشخاص لم يستجيبوا بشكل فاعل للقاحات، وهذا أمر متوقّع مع كل اللقاحات، وُضعت مبادرة للتعامل مع هؤلاء الأشخاص وإعطائهم جرعة ثالثة من لقاح “سينوفارم”، لتعزيز مناعتهم. وكذلك فعلت الصين”.
الدكتور جاك مخباط يوجّه نصيحةً لكل من أخذ اللقاح الصيني في لبنان أن يأخذ جرعة ثالثة من اللقاح الصيني أو من لقاح موجود في لبنان مثل “فايزر” أو “أسترازينيكا
ويضيف: “إزاء ما يحدث لأسترازينيكا وجونسون، بدأت تتعاظم عالمياً الدعوة إلى إعطاء من أخذوا الجرعة الأولى من هذين اللقاحين جرعةً ثانيةً من لقاح آخر. وهي دعوة أذكت جدلاً علمياً في أرجاء المعمورة. فقد أعلن علماء جامعة أكسفورد أنّهم بدأوا تجارب لإعطاء الملقّحين بالجرعة الأولى من “أسترازينيكا” جرعةً ثانيةً من أحد لقاحيْ “موديرنا” أو “نوفافاكس” الأميركيّيْن، لتحقيق المناعة المنشودة. وتنصّ توجيهات وكالة الأدوية البريطانية على أن تكون الجرعة الثانية من اللقاح نفسه الذي حصل الشخص على الجرعة الأولى منه. وأعلنت فرنسا وألمانيا أنّ جميع من حصلوا على الجرعة الأولى من أسترازينيكا سيُعطون جرعة ثانية من لقاح آخر. لكنّ بريطانيا أعلنت أنّ الأشخاص الذين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً، وحصلوا على جرعتهم الأولى من أسترازينيكا سيُعطون جرعتهم الثانية من لقاح بديل. وقالت ألمانيا إن أيّ شخص يقلّ عمره عن 60 عاماً وحصل على جرعته الأولى من أسترازينيكا سيُعطى جرعة ثانية من لقاح آخر”.
ويوجّه في الختام نصيحةً لكل من أخذ اللقاح الصيني في لبنان أن يأخذ جرعة ثالثة من اللقاح الصيني أو من لقاح موجود في لبنان مثل “فايزر” أو “أسترازينيكا”.
إقرأ أيضاً: سبوتنيك “لايت” بدل “V”: البزري يحذّر.. وغطاس خوري يستورد
ارتفاع أسعار اللقاحات
جدير بالذكر أنّ شركة “فايزر” قرّرت زيادة سعر لقاحها في الطلبيات الجديدة من 12 يور للجرعة إلى 19.5 يورو. وقال رئيس وزراء بلغاريا بويكو برويسوف لصحيفة “ديلي تلغراف” البريطانية إنّ “فايزر قررت هذه الزيادة لمبيعاتها إلى الاتحاد الأوروبي”.
وكان الرئيس التنفيذي لشركة موديرنا الأميركية قد حذّر في وقت سابق من أنّ سعر لقاح شركته سيرتفع مع مرور الوقت.