هل هو دستور جديد أم إرهاصات رئاسية؟
قد يكون الجواب مبهماً إن لم يكن للدستوريين موقف. هي سلسلة من المصطلحات تتعلّق بتشكيل الحكومة أطلقها الرئيس ميشال عون عبر صحيفة “الجمهورية”، في لقائه الأخير مع الزميل عماد مرمل، تاركاً الكثير من الأسئلة عن هذه المصطلحات ودستوريّتها، بدءاً من قواعد تشكيل الحكومة إلى القانون العام وما بينهما من الواجب الاستثنائي في اختيار الوزراء المسيحيين.
أبدى الخبير الدستوري ورئيس مؤسسة JUSTICIA الدكتور بول مرقص استغرابه لِما يُقال عن قواعد تشكيل الحكومة، قائلاً: “لا أعلم أي قواعد لتشكيل الحكومة قصدها الرئيس عون التي يخرقها رئيس المكلف سعد الحريري. كل ما أستطيع قوله أنّ “شاكلة” هذه الحكومة، بحسب ما هو واضح، لا تشير إلى حكومة اختصاصيين مستقلين بمعظم أسمائها، لكنّ بعض الأسماء ذات جدارة”.
ورأى الدكتور مرقص، في تصريح خاص لـ”أساس”، أنّه “هناك نصوصاً في الدستور، وهي قليلة ومقتضبة جداً، منها المادة 64 الفقرة 2، تنصّ على صلاحية كلّ من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف في التشكيل. وهي صلاحية مشتركة بين الرئيسين، ويحتاج مرسوم تشكيل الحكومة إلى إمضاء الرئيسين، وهو يصدر عن رئيس الجمهورية بالاتفاق مع رئيس الوزراء المكلّف بناءً على الاستشارات النيابية غير الملزمة التي أُجريت”.
الدكتور بول مرقص: “لا أعلم أي قواعد لتشكيل الحكومة قصدها الرئيس عون التي يخرقها رئيس المكلف سعد الحريري”
وتابع مرقص: “ينصّ الدستور على أن يطّلع رئيس الجمهورية من رئيس الحكومة المكلف على مشروع “التشكيلة الوزارية” التي أعدّها بالتشاور مع النواب بموجب استشارات غير ملزمة في المجلس. أمّا رئيس الجمهورية فعليه أن ينظر في دستورية تشكيل الحكومة ومراعاتها ميثاق العيش المشترك، أي التوزيع الطائفي والتوازن في البلاد بين مختلف الطوائف، وفي جدارة هذه الحكومة، وهذا ما يستفاد من أحكام الدستور فيه، لجهة صلاحية رئيس الجمهورية إصدار مرسوم تشكيل حكومة بالاتفاق مع رئيس الوزراء المكلف بحسب نص الفقرة 4 من المادة 53 من الدستور”.
وأضاف: “تكون تسمية الوزراء بناءً على الاستشارات غير الملزمة في المجلس النيابي، لكن لا يكون رأي النوّاب إلزامياً، فمن الممكن، مثلاً، أن يُطالب نائب بعدد كبير من الحقائب. ويستأنس الرئيس بهذه الآراء كي يستنبط وجود أكثرية يمكن أن تحصل هذه الحكومة على ثقتها النيابية إذا شُكِّلت”.
أنطوان سعد: الحريري لم “ينسف”
الخبير القانوني والدستوري الدكتور أنطوان سعد يرى في حديث لـ”أساس” أنّه “إذا أراد الرئيس عون مشاركة الرئيس الحريري في تسمية الوزراء المسيحيين فعليهما أن يتشاركا في جميع الأسماء، وعليهما احترام العرف الدستوري في تشكيل الحكومة من 18 وزيراً وتوزيعها على الطوائف، وأن تكون الأسماء غير حزبية بل متخصّصة في إطار الحقيبة التي تتسلمها”.
واعتبر سعد أنّ “الكلام عن أنّ الرئيس الحريري نسف كل قواعد التشكيل كلام غير صحيح، فهذه القواعد فرضها رئيس الجمهورية من خلال المطالبة بحصّة له أو بثلث معطّل. في السابق كان فريق 8 آذار يأخذ الثلث المعطل، لكنّه كان مؤلفاً من أطراف عديدة: نبيه بري والسيد حسن نصرالله وميشال عون والقومي والمردة والطاشناق. أما في هذه المرحلة فالرئيس عون يريد الثلث المعطل لنفسه ووحده”.
أنطوان سعد: “إذا أراد الرئيس عون مشاركة الرئيس الحريري في تسمية الوزراء المسيحيين فعليهما أن يتشاركا في جميع الأسماء، وعليهما احترام العرف الدستوري في تشكيل الحكومة من 18 وزيراً وتوزيعها على الطوائف”
وتابع: “ترك دستور الطائف سنة 1990 لرئيس الجمهورية صلاحية توقيع مرسوم تشكيل الحكومة بالاتفاق مع رئيس الحكومة، أي لديه صلاحية المشاركة في تأليفها، ولكن هذه المشاركة أخذت منحى خاطئاً منذ أيام الاحتلال السوري، وحالياً الاحتلال الايراني. الاحتلال السوري أعطى رئيس الجمهورية حصة، والآن الاحتلال الايراني يعطيه حصةً تارة وثلثاً معطلاً تارة أخرى. لكنّ الدستور لم ينصّ على ثلث معطل، وكان قد طُرِح الموضوع في الطائف لكنّه لم يُقرّ”.
إقرأ أيضاً: الرفاعي لـ”أساس”: عون أقسم يميناً على دستور لا يقتنع به
ويختم سعد: “بحسب الدستور، رئيس الجمهورية غير مسؤول سياسياً أمام المجلس النيابي، بل الحكومة ورئيسها هما المسؤولان، لأنّ نظامنا برلماني. وكان الرئيس سعد الحريري محقاً في عدم منح الرئيس عون ما يريد. وكما يقول المثل الشعبي القديم “لا يُلدغ المرء من الجحر مرتين”. في المرة الأولى أعطاه الثلث المعطل فعطّلوا الحكومة، والمرّة الثانية لن تكون أفضل، ولا سيما أنّ الثلث المعطل مخالف للدستور”.