أوباما وزوجته يواجهان “الإسلاموفوبيا”… ببرنامج رمضانيّ

مدة القراءة 5 د

أطلق الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما وزوجته ميشيل الحلقة الأولى من برنامج رمضاني، أمس (12 نيسان الجاري)، عبر بودكاست صوتيّ بعنوان “أرضيّة أعلى… أخبريهم من أكون”، تتولّى خلاله متشيا أبو سيف، الأميركية من أصل باكستاني، دور المذيعة، ويسلّط الضوء على قصص إيجابية أبطالها مسلمون: “يحبّ الناس الضيوف الذين يستمعون إليهم من دون الكشف عن هويّتهم”، يقول البرنامج.

من الطبيعي أن يعيد هذا البرنامج إشعال الجدل حول أوباما والإسلام. فهذا الدين يُصنّف “إرهابياً” تقريباً، في الذاكرة الأميركية الجماعية. وأوباما هو الرئيس الأميركي الكينيّ الأصل، الذي ما تزال شبهات تحوم حول مسيحيّته، على الرغم من تأكيده أنّه مسيحيّ، وأنه نشأ في كنف أمّ “لاأدرية”، وأب توفي في طفولته (يدعى أيضاً أوباما) يصفه في كتابه “أحلام عن والدي” بـ”الملحد” على الرغم من نشأته المسلمة. والجدّ كان كاثوليكياً، قبل أن يعتنق الإسلام ويغيّر اسمه من اينيانغو إلى حسين. وقد اتّضح أنّ ما تردّد عن أداء جدّة أوباما مناسك العمرة في عام 2015، ليس إلا خبراً مرتبطاً بزوجة جدّه سارة عمر.

تفاصيل كثيرة تجعل أسلمة أوباما، وهذا “الثنائي القويّ”، منطقية ومطواعة في توجيهها سياسياً، سواء لصالح أوباما أو لصالح خصومه الموالين للأحزاب اليمينية، الذين اعتبروا أنّ إعلان البرنامج يعكس “الغرام بين اليسار الأميركي وبين الإسلاموية”. وفي سياقه نقرأ للكاتب روبرت سبنسر، المشهور بعدائه للإسلام والمؤسّس لـ”وقف أسلمة أميركا”، تعليقه الساخر: “يَعِدُ البرنامج بإظهار أفضل ما في الطبيعة البشرية. سيكون بالتأكيد للمسلمين”.

من الطبيعي أن يعيد هذا البرنامج إشعال الجدل حول أوباما والإسلام. فهذا الدين يُصنّف “إرهابياً” تقريباً، في الذاكرة الأميركية الجماعية

الجدير ذكره أنّ البرنامج تشترك في إنتاجه شركة The Obamas، وتطبيق “سبوتفاي” الذي تصل تغطيته إلى 86 دولة في العالم، ويتابعه حوالى مليار مستمع، بعشرات اللغات.
وقد كشف المخرج أنّ أول حوار سيكون مع الممثل الأميركي من أصل مصري – فلسطيني، رامي يوسف، بطل المسلسل الكوميدي في شخصية “رامي”، حيث جسّد دور المسلم أو العربي المهاجر في الولايات المتحدة الذي تتجاذبه منظومة قيم مجتمعه الأصلي وقيم المجتمع الأميركي.

 

سياسة أوباما الإسلامية

مواضيع هذا المشروع أمينة لسياسة أوباما الخارجية والداخلية في دعمها للمسلمين والحذر من توجيه شبهات الإرهاب إليهم. وفي استعراض سريع لهذه السياسة، نذكّر أنّ موقف أوباما من التيارات الأصوليّة لطالما اتّسم بالحكمة والتروّي والكلام الموزون، ويمكن استعراض أبرز مفاصلها كالآتي:

خارجياً: انسحب أوباما من العراق نهاية 2011 لتركيز معركته بوجه تنظيم “القاعدة” فقط. وأنهى عام 2014 المهمّات القتالية لـ”قوات المساعدة الدولية لإرساء الأمن في أفغانستان” ضدّ طالبان بعد 13 عاماً من بدئها، ضمن رؤيته القاضية بإنهاء الحروب الأميركية حول العالم.
وفي ذروة صعود داعش عام 2014، وإعدامها الأسرى الأميركيين في سوريا، أبقى أوباما انفعالاته تحت السيطرة. وفي مقال نشرته مجلة “أتلانتيك” في آذار 2016، يكشف أنّه “حينما أخبرته فاليري غاريت، وهي من أقرب مستشاريه، بأنّ الناس قلقون من أن يبادر التنظيم قريباً إلى نقل حملته لقطع الرؤوس إلى داخل الولايات المتّحدة، أجابها مطمئناً إيّاها: “لن يأتوا إلى هنا ولن يقطعوا رؤوسنا”.

مواضيع هذا المشروع أمينة لسياسة أوباما الخارجية والداخلية في دعمها للمسلمين والحذر من توجيه شبهات الإرهاب إليهم

داخلياً: كثيراً ما ذكّر أوباما موظّفيه بأنّ ضحايا الإرهاب الأميركيين أقلّ بكثير من الأرواح التي تزهق بسبب استخدام البنادق، وبسبب حوادث السيارات، والسقوط في الحمام مثلاً. ولا بدّ من الرجوع إلى خطابه الشهير في مسجد “بالتيمور” في عام 2016، حين أنصت للمسلمة الأميركية اليافعة، صباح، تروي بفخر قصّة ارتدائها للحجاب.

وقد ترجم “أساس” فيديو الخطاب هذا، الذي تزامن حينذاك مع مشارفة ولاية أوباما على الانتهاء، وبدء معركة الانتخابات الرئاسية الأميركية. وقال أوباما فيه إنّ “المسلمين الأميركيين يبقوننا آمنين. إنّهم شرطتنا ورجال الإطفاء، ويعملون في أجهزة الأمن الداخلي. وغالباً ما استُهدِف الأميركيون المسلمون وأُلقي اللوم عليهم لأعمال ارتكبها عدد قليل”.

إقرأ أيضاً: “فاكهة غريبة”: الأغنية التي صارت نشيداً وطنياً للسود

وأكّد أنّ “أيّ هجوم على أيّ ديانة هو هجوم على جميع الأديان”، منتقداً ما وصفه بـ”الخطاب السياسي الذي لا يمكن تبريره”، الذي استخدمه المرشّحون الجمهوريون للرئاسة، في إشارة إلى دونالد ترامب الذي دعا إلى منع دخول المسلمين أميركا، ومراقبة المساجد، وغيرها من الإجراءات الخانقة التي أغرقت أميركا في عاصفة من الإسلاموفوبيا، وتضمّنت أكبر اعتداءات على المسلمين منذ هجمات 11 أيلول.

ستتشعّب التفسيرات لمقاصد هذا البرنامج الرمضاني، وقد تتناقض، وقد يلتقي كثير منها مع سياسة رفيق أوباما الديموقراطي جو بايدن، الّتي تُظهر “ردّة” على الإسلاموفوبيا وتراخياً مع إيران. لكن ما تقدّم يوحي برسالة خير ودعم للمسلمين من سياسيّ أميركي.

وأكثر ما يشرح أفكار أوباما هو مقولة الفيلسوف هوبس الشهيرة التي يردّدها حين ينظر إلى المساحات الشاسعة الممزّقة في الشرق الأوسط،: “إنّها منذ الأزل حرب الجميع على الجميع”.

مواضيع ذات صلة

برّي ينتظر جواب هوكستين خلال 48 ساعة

تحت وقع النيران المشتعلة أعرب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب موافقته على أن يستكمل الرئيس جو بايدن مسعاه للوصول إلى اتفاق وقف لإطلاق النار في…

الجيش في الجنوب: mission impossible!

لم يعد من أدنى شكّ في أنّ العدوّ الإسرائيلي، وبوتيرة متزايدة، يسعى إلى تحقيق كامل بنك أهدافه العسكرية والمدنية، من جرائم إبادة، في الوقت الفاصل…

وزير الخارجيّة المصريّ في بيروت: لا لكسر التّوازنات

كثير من الضوضاء يلفّ الزيارة غير الحتميّة للموفد الأميركي آموس هوكستين لبيروت، وسط تضارب في المواقف والتسريبات من الجانب الإسرائيلي حول الانتقال إلى المرحلة الثانية…

تعيينات ترامب: الولاء أوّلاً

يترقّب الأميركيون والعالم معرفة ماذا تعلّم الرئيس ترامب من ولايته الأولى التي كانت مليئة بالمفاجآت وحالات الطرد والانشقاقات، وكيف سيكون أسلوب إدارته للحكم في ولايته…