نقيب المستشفيات: الاستشفاء بات للأغنياء فقط

مدة القراءة 5 د

هل يصبح الاستشفاء في لبنان للأغنياء فقط؟ هل نشهد إقفالاً لبعض المستشفيات بعد توقّف عدد منها عن إجراء العمليّات الجراحية، إثر الحديث عن تعطّل معدّات ليس في مقدور المستشفيات إصلاحها لأنّها “غير مدعومة” بالدولار “الفريش”، وتكلفة صيانتها تبلغ عشرات آلاف الدولارات؟

سلسلة أسئلة “مصيرية” بالنسبة إلى الجسم الطبي والأمن الصحّي في لبنان، فيما يتصرّف المسؤولون في الوزارات المعنية بمنطق “الترقيع” والمعالجات السطحيّة.

هذا الوضع دفع نقيب المستشفيات الخاصّة الدكتور سليمان هارون إلى رفع الصوت، محذّراً من خطورة الوضع ومن أنّه قد يؤدي إلى انفجار حقيقي. وأكّد في حديث لـ”أساس” أن “لا حلّ للمشاكل التي لا يعانيها القطاع الصحي وحده، بل لبنان كلّه. فالبلد مفلس، بلغ فيه الحد الأدنى للأجور 1.5 دولار باليوم. أصبحنا من بين أفقر 5 دول في العالم. المستشفيات في حالة شبه إقفال أو إقفال جزئي. والتعرفة المرتفعة هي الخطر الأكبر حالياً على المريض الذي رفع صوته أخيراً يشكو من زيادة بعض المستشفيات تعرفتها، فتكرّرت المشكلات بين المرضى والمستشفيات”.

 

تعرفة وزارة الصحّة والصراع حولها

 

“لم تعد المستشفيات قادرة على الاستمرار”، يقول هارون: “الاستشفاء سيكون مُتاحاً للأغنياء فقط إذا استمرّ الوضع على ما هو عليه. التعرفة التي تحدّدها وزارة الصحة قد وُضعت منذ 20 عاماً بناءً على دراسة مشتركة بين الوزارة والبنك الدولي، ولم يطرأ عليها أيّ تغيير يلحظ التضخّم الذي تراكم مع مرور الوقت. لكنّها اليوم لم تعد مقبولة بأيّ شكل من الأشكال مع تراجع قيمة الليرة اللبنانيّة وفقدانها أكثر من 80 % من قيمتها. وعلى سبيل المثال، تعرفة غرفة المستشفى هي 90 ألف ليرة، أي 60 دولاراً على سعر صرف الدولار الرسمي (1515 ليرة)، فيما القيمة الحقيقية لا تتجاوز 8 دولارات (سعر السوق السوداء تجاوز 12 ألفاً)، وتعرفة الولادة ? محدّدة بـ300 ألف، التي كانت تساوي 200 دولار أميركي، وهي الآن لا تتجاوز 27 دولاراً”.

سلسلة أسئلة “مصيرية” بالنسبة إلى الجسم الطبي والأمن الصحّي في لبنان، فيما يتصرّف المسؤولون في الوزارات المعنية بمنطق “الترقيع” والمعالجات السطحيّة

وسأل هارون: “كيف يمكن لهذه التعرفات أن تغطي تكاليف المستشفى التي ارتفعت بمجملها، من دون احتساب الأجور؟ فالمستشفيات تدفع تكلفة الصيانة والأكل والتنظيف والتعقيم والفندقية وجزءاً من المستلزمات الطبية على أساس سعر صرف الدولار في السوق السوداء. وانطلاقاً من هذا الواقع، أنجزت نقابة المستشفيات الخاصة دراسة مفصّلة قدّمتها إلى الجهات المعنيّة، تقارن التكاليف مع التعرفة على أساس ارتفاع سعر الدولار? مقابل الليرة، فتبيّن أنه إذا كان الدولار يساوي 9500 ليرة، فسيكون الدولار الاستشفائي بـ4500 ليرة، أي نحو النصف، فتكون المستشفيات الخاصة في حاجة إلى رفع التعرفة الاستشفائية بنحو ثلاثة أضعاف حتى تستطيع الاستمرار”.

وتحدّث هارون عن واقع صحّي مهدّد بالانهيار بسبب الإفلاس، وعن غياب الحلول في الوقت الحالي، قائلاً إنّه “لا يمكن الجهات الضامنة رفع التعرفة لأنّ ذلك يعرّضها للإفلاس، ومن الصعب تحميل الفرق للمواطن اللبناني الذي لم يعُد يدخل المستشفيات إلّا في الحالات الصحية الملحّة، فكيف يكون الحال إذا رُفعت التعرفة؟”. ويضيف: “القطاع الصحّي يتّجه من السيّئ إلى الأسوأ، والمستشفيات اليوم لا تعرف أيّ أسس تتّبع في تحديد تعرفتها، وتسودها فوضى في التسعير لا يمكن تنظيمها”.

وعن طلب بعض المستشفيات من المرضى دفع تأمين قبل دخول المستشفى، أكّد النقيب أنه “سمع شكاوى من مواطنين ومن الضمان? الاجتماعي ومن وزارة الصحة العامة?، وقد تواصل الضمان الاجتماعي مع المستشفيات الخاصة، وهو يأخذ الإجراءات المناسبة كيلا تكون المبالغ المطلوبة غير منطقية، لكن تبقى بعض الفروقات المنطقية. أمّا نحن في المستشفيات الخاصة فلن نترك المريض يتعرّض لخطرٍ بسبب ضعف الإمكانات المادية للمرضى”.

تحدّث هارون عن واقع صحّي مهدّد بالانهيار بسبب الإفلاس، وعن غياب الحلول في الوقت الحالي

التوقّف عن إجراء العمليّات

لفت هارون إلى أنّ الكلفة المرتفعة لبعض العمليات تجبر المستشفيات على تأجيلها، مثل عملية الركبة الاصطناعية وغيرها، و”نجبر المريض على تحمّل الألم لأنّ المستشفى غير قادر على إيجاد المعدّات والمستلزمات الطبية?، ولا المريض قادر على أن يدفع الكلفة الباهظة، بالإضافة إلى أدوية لا يمكن أن نستحصل عليها. مثال على ذلك جهاز CT scan، حيث الأنبوب الذي يعطي أشعة X- Ray يراوح سعره ما بين 70 و80 ألف دولار. أي أنّنا نحتاج ما يقارب مليار ليرة لبنانية من أجل إصلاح هذا الجهاز. وبدأت أجهزة البنج تتعطّل داخل غرف العمليات في بعض المستشفيات، العاجزة عن استبدالها لأنّ قطع الغيار غير مدعومة. وهذا الأمر خطير جداً”.

 

لكن ما الحلول المطلوبة؟

“المعنيّون بمعالجة الأزمة ما زالوا يتصارعون على الحقائب الوزارية. ومهما بحثنا عن حلّ فلن نجده إلا من خلال تشكيل حكومة جديدة قادرة على المفاوضة والاستحصال على القروض الدولية لكي يقف البلد على قدميه”.

إقرأ أيضاً: سبوتنيك “لايت” بدل “V”: البزري يحذّر.. وغطاس خوري يستورد

خطّة التلقيح وتراجع الإصابات

وإذ يطمئن هارون إلى “انخفاض بسيط في نسبة الإصابات الجديدة بفيروس كورونا”، يلفت إلى “خطورة الفيروس وتحوّره” وإلى أنّ “معظم المصابين الذين يصلون إلى المستشفيات تكون حالتهم حرجة، لأنّ الفقر يدفع الناس إلى الإعراض عن التوجّه إلى المستشفيات إلا عندما تتدهور صحّتهم بشكل كبير”.

وختم كلامه مؤكّداً: “نحن في وضع خطير جداً، وإن استمررنا على هذا المنوال فستنخفض القدرة الطبية في لبنان انخفاضاً أكبر بكثير”.

مواضيع ذات صلة

أيّها اللبنانيّون.. إلى الكمّامة  دُرْ

أعلن وزير الصحة فراس أبيض ارتفاع النسبة الموجبة لفحوص كورونا إلى 2 .14% بعدما كانت تراوح في بداية شهر كانون الأول الفائت بين 5.5% و6%….

كورونا يعود بقوّة: زيادة الوفيات 78% في الشرق الأوسط

قالت منظمة الصحة العالمية أمس الأول (الثلاثاء) إنّ حالات الإصابة بفيروس كورونا تضاعفت ثلاث مرّات في جميع أنحاء أوروبا خلال الأسابيع الستة الماضية، وهو ما…

الكورونا مجدّداً في لبنان: هل “ينفجر” في تموز؟

كورونا.. جدري القردة.. التهاب الكبد الوبائيّ. يبدو أنّ البيئة المجتمعية والصحيّة في لبنان تساعد على تكاثر الفيروسات. دخل “جدري القردة” لبنان عبر حالة وافدة من…

“أنت البطل في معركة الوباء”.. كواليس كورونا الصينية

“أنت البطل في معركة الوباء” (To fight against covid-19, you are the hero) هو عنوان كتاب يعود بنا إلى بداية أحداث انتشار وباء فيروس كورونا في…