كان لافتًا بيان وزارة الخارجية الروسية بعد زيارة وفد حزب الله إلى موسكو، الذي تحدّث عن “حوار واسع بمشاركة ممثلين عن الطوائف الرئيسية كافة في المجتمع اللبناني حصرًا ومن دون تدخّل أجنبي”.
هل هو موقف روسي من موسكو ضدّ التدويل الذي طرحه البطريرك بشارة الراعي؟
هل الموقف الروسي دعوة لمؤتمر تأسيسي ضد طرح البطريرك؟
الوزير السابق سجعان قزّي لا يعتقد ذلك: “هذا موقف كلاسيكيّ، وليست المرة الأولى الذي تردّده روسيا”. وتمنّى في حديث لـ”أساس” لو أنّ المؤتمر اللبناني لا يتدخل فيه الخارج، وحبذا لو طلب أيضًا من الأطراف الذين يستقبلهم أن ينسحبوا من صراعات الخارج ولا يعودوا مرتبطين بالخارج، لأننا إذا كنّا ندعو إلى مؤتمر دولي، فهذا لأنّ هناك اطرافًا لبنانية عديدة مرتبطة ولائيًّا وسياسيًّا ودينيًّا وعقائديًّا وعسكريًّا ببعض الدول الخارجية، وببعض المحاور. فلا نستطيع أن ندعو إلى حوار داخلي من دون أن يكون أطراف الداخل قد فكّوا ارتباطهم بالخارج”.
هل الموقف الروسي دعوة لمؤتمر تأسيسي ضد طرح البطريرك؟
وجزم القزّي كلامه: “لسنا متّجهين الى مؤتمر تأسيسي. بل نحن نتجه إلى مؤتمر دولي. في الحقيقة لا نحب كلمة “تأسيس”. نريد تأسيس صداقة وشراكة، لكنّ لبنان مؤسّس منذ زمن طويل، والأوطان لا يُعاد تأسيسها كل مدة، ما يُعاد النظر فيه هو الدستور وعلاقات الشراكة، والنظام المركزي أو اللامركزي. أما إعادة تأسيس الكيان اللبناني والوطن اللبناني، والدولة اللبنانية والشراكة المسيحية – الإسلامية، فهذه ثوابت لا تتحمل إعادة تأسيس كل يوم”.
وعن دعوة روسيا حزب الله للإسراع بتشكيل حكومة جديدة برئاسة الرئيس المكلف سعد الحريري، قادرة على ضمان خروج لبنان من الأزمة المنهجية، أحال “الجواب إلى حزب الله، لأننا نعتقد أنّ السبب الاساسي الذي يعيق تأليف الحكومة، هو الشروط التي تضعها كتل داخلية مرتبطة بالخارج. وحبذا لو أنّ حزب الله يضغط على حلفائه بصدق، ليتم تأليف الحكومة. نحن لا نتأمل أفضل من ذلك”.
من جهته رأى الدكتور فارس سعيد أنّه “من المبكّر أن نستخلص نتائج ما حصل في موسكو. هناك جانب له علاقة بالوضع الداخلي اللبناني، وهناك الجانب الأكبر والأهم، له علاقة ربما بالظروف الإقليمية المحيطة”.
وأضاف لـ”أساس”: “تأتي زيارة وفد حزب الله خلال 48 ساعة قبل زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي غابي أشكنازي إلى موسكو. وأعتقد بأنّ هناك رسالة ما تلقّاها جانب حزب الله من خلال الروس وهي رسالة إسرائيلية”.
من المبكّر أن نستخلص نتائج ما حصل في موسكو. هناك جانب له علاقة بالوضع الداخلي اللبناني، وهناك الجانب الأكبر والأهم، له علاقة ربما بالظروف الإقليمية المحيطة
أما في ما يتعلق بالموضوع الداخلي وهو تشكيل حكومة برئاسة سعد الحريري، أو عن حوار داخلي لتجنّب المؤتمر الدولي الذي يطرحه البطريرك، فلا يعتقد سعيد أنّ روسيا “مخوّلة أو مؤهلة، بل هي غير قادرة على إعطاء أيّ توجه سياسي إلى الداخل اللبناني، لأنها غير نافذة بمعنى النفوذ الحقيقي للسياسة. إيران في لبنان نافذة، الولايات المتحدة كذلك. بينما الروس هم قوى إقليمية موجودة في سوريا، ولا أعتقد أنّهم على قدر أن يبلّغوا البطريرك رسالة عبر وفد حزب الله”.
إقرأ أيضاً: بكركي هي الحلّ: الحياد والمؤتمر الدولي
ولدى سؤاله: هل نتجه الى مؤتمر تأسيسي؟ أجاب: “كل ما نقوم به اليوم من مبادرات وتحركات، هو كي نتجنّب الوصول إلى هذا الحدث. نحن دعمنا المؤتمر الدولي الذي طرحه البطريرك الراعي لأنه يرتكز على نصوص المرجعية التي أجمع اللبنانيون عليها، وهي وثيقة الاتفاق الوطني والدستور وقرارات الشرعية الدولية. فيما المشروع الآخر “مشروع حارة حريك” هو مشروع مؤتمر تأسيسي”.
وطالب عبر “أساس” جميع “القوى المؤتمَنة على العيش المشترك في لبنان، أن لا يخضعوا إلى موازين قوى متغيّرة ومتقلّبة من مرحلة إلى أخرى، وأن يدعموا مبادرة البطريرك الراعي من أجل أن يكون المؤتمر الدولي لتنفيذ الدستور وقرارات الشرعية الدولية ووثيقة الاتفاق الوطني. وبالتالي لتجنيب اللبنانيين كأس ما يريده حزب الله، وهو الانتقال إلى مؤتمر تأسيسي أو إصلاحات دستورية على قاعدة موازين القوى”.