دائم “الثّورة ” منذ ما قبل 17 تشرين الأوّل 2019، مُتمرّدٌ منذ الصّغر. بهذه الكلمات يستطيع المرء اختصار سيرة رئيس حزب الكتائب سامي الجميّل الذي وإن رفَض “الموروثات اللبنانيّة”، إلا أنّه ورث “العِناد” من آل الجميّل الذين يتحدّرون من “شوام مصر” التي لجأوا إليها سنة 1914 بسبب معارضتهم الشّديدة للعثمانيين.
“العنيد” ابن أمين “العنيد” الذي خرج يومًا منتفضًا على المنطق السّياسي المُعتمَد في حزب الكتائب، يخرج اليوم بعد نجاح مهمّته الحزبيّة، مُنتفضًا على المنظومة السّياسية، ليشنّ انتفاضةً على منظومة “المافيا والميليشيا”.
استطاع سامي الجميّل أن يُعيدَ ضخّ الحياة التي توقّفت في عروق حزب الكتائب زمن الوصاية السّوريّة على لبنان. اكتشف “الشّيخ سامي” تلك “القطبة المخفيّة” في إعادة إنعاش الكتائب، فاستطاع بمهارة أن يُوفّق بين الحرس القديم والجيل الصّاعد في الحزب. لم تكن مُهمّةً سهلة لمن وصلته أمانة مُعمّدة بدماء شقيقه بيار، الذي اغتيل عام 2006 والنائب أنطوان غانم عام 2007.
“العنيد” ابن أمين “العنيد” الذي خرج يومًا منتفضًا على المنطق السّياسي المُعتمَد في حزب الكتائب، يخرج اليوم بعد نجاح مهمّته الحزبيّة، مُنتفضًا على المنظومة السّياسية
قد يتهمه البعض بأنّه يلبس عباءة الوراثة السّياسية وإن انتفض عليها سابقًا، إلّا أنّ من عرفَ تركيبة حزب الكتائب، يعلم يقينًا أنّه لا يستطيع الوقوف على قدميه من دون اسمٍ من آل الجميّل، وخير دليلٍ على ذلك فترة رئاسة الوزير السّابق كريم بقرادوني للحزب.
لا تقتصر “مشاغبات” سامي الجميّل السّياسيّة على زمن تولّيه رئاسة الكتائب أو نيابته تحت قبّة البرلمان، بل تمتد إلى أيّام دراسته الجامعيّة عام 2003، حين نال إجازة في الحقوق من جامعة الـUSJ، وشهادةً في رفع شعارات كانت محظورة يومها بأمرٍ من رستم غزالة وقبله غازي كنعان. استقطب “الشيخ سامي” يومها عددًا لا بأس به من الشّبان الذين شاركوه رؤيته للبنان كبلدٍ قائم على الفيدراليّة التي أسموها “لبناننا”. لينال بعدها شهادة في القانون الدستوري، وبعدها شهادتين في التفاوض والقيادة من جامعة هارفرد عامي 2008 و2009.
وإن ورث “عِناد” والده وعمّه وجدّه، إلّا أنّه لم يرِث منه هدوء “دوزنة” العلاقة مع الأحزاب والتيارات اللبنانيّة، فكانت المواجهة عنوانه منذ عام 2015، حين تربّع على رئاسة الكتائب. فقد اختار الجميّل “الحفيد”، من الجيل الثالث بعد المؤسّس بيار، أن يخوض معركة لم ولن تكون سهلة، خصوصًا في الشّارع المسيحي، بوجه حزب القوّات اللبنانيّة والتيار الوطني الحرّ.
لا تقتصر “مشاغبات” سامي الجميّل السّياسيّة على زمن تولّيه رئاسة الكتائب أو نيابته تحت قبّة البرلمان، بل تمتد إلى أيّام دراسته الجامعيّة عام 2003، حين نال إجازة في الحقوق من جامعة الـUSJ
ثورتُه لا تقِف عند حدود السّياسة. فحملها إلى حياته الزّوجيّة التي توجّها بارتباطه بابنة طرابلس طبيبة الأسنان المُقيمة في باريس “كارين رشيد تدمري” التي تجمع في والديها اثنَيْن من أعرق العائلات الطرابلسية، تدمري والشّهّال. فأنشأ سامي الجميّل وكارين عائلتهما الصّغيرة التي تضمّ إليهما طفلتين هما: جويس وكامي، والأخيرة تبلغ عامها الأوّل هذا الأسبوع.
إقرأ أيضاً: سامي الجميّل لـ”أساس”: إلى المواجهة.. فالحوار لا ينفع مع هذه المنظومة
بعائلته الصّغيرة، صار الجميّل صهرًا لـ”عروس الثّورة”، التي مشى يومًا في أسواقها بين أهلها الذين استقبلوه استقبال “الفاتحين”، حتّى قال قائلهم: ما فعله سامي الجميّل في مسيره في أسواق طرابلس بين أهلها، لا يجرؤ أكثر سيّاسيّيها على فعله.
هو سامي العنيد وريث عِناد العائلة، الذي يريد أن يواجه الطبقة السياسية كلّها، بلا حلفاء من “المنظومة”، فاتحًا يديه للثوّار فقط، وحالمًا ببناء لبنان على أنقاض الطبقة السياسية، طبقة “كلن يعني كلن”، رغم أنّه ابن الحزب الذي شارك في بناء لبنان الذي نعرفه، وشارك في كلّ المراحل السياسية، منذ الاستقلال، حتّى بداية عهد ميشال عون.