قوى الأمن تتّهم الجيش بالتقصير… وطرابلس تحت السيطرة الأمنية

مدة القراءة 7 د

أتت التعزيزات الأمنية إلى طرابلس متأخرة كثيراً عقب “خميس طرابلس الحارق”. حتّى الاجتماع الأمني الفرعي يوم السبت في القبة برئاسة مدير العمليات في الجيش العميد جان الشدياق بحضور ضباط من كافة الاجهزة الأمنية بدا “كالذاهب إلى الحجّ والناس راجعة”. وهو تلا “اجتماع الداخلية” بمشاركة القادة الأمنيين الذي كرّس الفوارق في كيفية معالجة احتقان الساحة الطرابلسية ورمي المسؤوليات المتبادل. عملياً، كلّها ترتيبات هدفت إلى “التنسيق” الذي كان مفقوداً طوال أربعة أيام من التوتر والمواجهات في طرابلس وتوّجت بإحراق مبنى البلدية.

حتى الآن بلغت حصيلة الموقوفين في أحداث طرابلس لدى الجيش 22 موقوفاً بينهم ثلاثة سوريين وفلسطيني (أمس أعلن الجيش عن  توقيف 17 شخصاً)، ويرجّح أن ترتفع الحصيلة بعد تجدّد الاشتباكات ليل الأحد وإقدام محتجين على مواجهة القوى الأمنية ومحاولة اقتحام السراي. كما أنّ شعبة المعلومات ترصد بعض المشتبه بهم وتقوم بتوقيفهم.

 مصادر أمنية تجزم لـ “أساس” بأنّ “اعترافات بعض هؤلاء الموقوفين أظهرت أنهم دُفِعوا للقيام بأعمال تخريب ودفعت لهم الأموال جهات محرّضة أصبحت هويتهم تقريباً معروفة، وتأكّدت مشاركتهم في أعمال تخريب سابقة في بيروت طالت المصارف والمحال التجارية ومحاولة التسلّل إلى داخل ساحة مجلس النواب والسراي الحكومي”، مشيرة إلى أنّ “بعض هؤلاء جاء من عكار والضنية، ومجموعة صغيرة أتت من البقاع بقيادة ربيع الشمالي من حزب سبعة، وأنّ تفريغ كاميرات المراقبة سيتكفّل بتوضيح الصورة أكثر”.

 مصادر أمنية تجزم لـ “أساس” بأنّ “اعترافات بعض هؤلاء الموقوفين أظهرت أنهم دُفِعوا للقيام بأعمال تخريب ودفعت لهم الأموال جهات محرّضة أصبحت هويتهم تقريباً معروفة، وتأكّدت مشاركتهم في أعمال تخريب سابقة في بيروت

وتقول المصادر إنّ “الجهود تنصبّ على توقيف “المفاتيح” التي حرّكتهم ودفعت لهم الأموال”، مؤكّدة في السياق نفسه أنّ “القسم الأكبر من المحتجين تحرّك بعفوية كون طرابلس تمثّل العمق الأكثر دلالة على حجم الكارثة الاجتماعية والمعيشية والانسانية، وهؤلاء بالتحديد انسحبوا من الشوارع حين اشتدّت وتيرة التخريب والمواجهة مع القوى الأمنية والعسكرية”.

وبدا لافتاً في سياق الترجمة الفورية لاجتماع وزارة الداخلية ما صدر عن الاجتماع الأمني الفرعي في القبّة عبر الإشارة إلى “أهمية التنسيق الكامل للجهود وتبادل المعلومات بين المؤسسات الأمنية، واستعداد الجيش لتقديم المؤازرة الفورية عند الضرورة”. وهو ما كان يحصل بين العامين 2014 و 2018 بشكل دوري وأسبوعي وفعاليته مؤكدة بدليل نجاح كل الخطط الأمنية التي نفذت في تلك السنوات.

فالبيان نفسه كشف عن وجود “مشكلة تنسيق” مع تذكير بأنّ مهمّة الجيش تكمن في المؤازرة. وقد سجّلت الساعات الماضية انتشاراً مكثفاً للجيش في طرابلس وإقامة الحواجز وإحكام السطرة الأمنية  بعد استدعاء مغاوير البحر إلى المدينة لتنضمّ إلى لواء المشاة الـ 12 وفوج التدخل الأول. كما تولّت عناصر من الجيش بشكل سريع ومباغت مواجهة المحتجين ليل أمس أمام السراي وإبعادهم عنها باتجاه ساحة النور ثم تفرقتهم وتمشيط الشوارع بدوريات مؤللة، فيما قامت عناصر قوى مكافحة الشغب من خلف أسوار السراي بإلقاء القنابل المسيلة للدموع.

وكشف وزير الداخلية محمد فهمي في حديث لـ”الجديد” أمس أسباب بقاء قوى مكافحة الشغب داخل السراي ليل الخميس الفائت قائلاً إنّ “الخارج كان من مهام الجيش، إضافة إلى أنّ عناصر مكافحة الشغب ليسوا مزوّدين بأسلحة كالجيش، بل يحملون فقط العصي ولا يستطيعون مواجهة من يحمل قنابل يدوية وأسلحة، وهذه المهمة كانت على عاتق الجيش وقام بها”، مؤكّداً “عدم وجود قوى أمنية كافية للانتشار بكل المواقع في طرابلس”.

مصادر قوى الأمن بدت أكثر وضوحاً من وزير الداخلية عبر الإشارة  إلى أنّه “منذ بدء الحراك الشعبي في 17 تشرين تمّ تقسيم المناطق وفق قطاعات وتولّى الجيش كل من البقاع وطرابلس وكانت قوى مكافحة الشغب مسؤولة عن مدينة بيروت. فما الذي تغيّر حتى يُطلب منا حفظ الأمن والنظام في طرابلس؟

وكمنّ يأخذ الاتهامات بالتقصير الموجّهة إلى الجيش وقوى الأمن بصدره قال فهمي: “أنا رح أتحمّل المسؤولية عن الطرفين: فأنا المسؤول معنوياً عن قوى الأمن، وفي المقابل لحم كتافي من الجيش”.

لكنّ مصادر قوى الأمن بدت أكثر وضوحاً من وزير الداخلية عبر الإشارة  إلى أنّه “منذ بدء الحراك الشعبي في 17 تشرين تمّ تقسيم المناطق وفق قطاعات وتولّى الجيش كل من البقاع وطرابلس وكانت قوى مكافحة الشغب مسؤولة عن مدينة بيروت. فما الذي تغيّر حتى يُطلب منا حفظ الأمن والنظام في طرابلس؟”.

وتقول المصادر: “السراي ليست ثكنة لقوى الأمن الداخلي بل تمثل الدولة كلها وكافة الأجهزة الأمنية موجودة داخلها وهناك نقاط عسكرية فيها. وساحة النور حيث تمركز الجيش بعيدة أمتاراً قليلة عن السراي. وقد عمد الجيش أكثر من مرة قبل ليلة الخميس إلى التدخل مساء بعد رمي قنابل المولوتوف داخل السراي، لكنه تأخر كثيراً بالتدخل ليلة الخميس”، متسائلة: “كيف تمكّن بعض المحتجين من حرق مبنى البلدية فيما الجيش فرّقهم بعيد الساعة 11 ليلاً من ساحة النور، وبعدها من أمام مبنى السراي، ولاحقهم حتى وصلوا إلى البلدية من دون أن يتمكّن من منعهم من إحراقها”.

وتجزم المصادر بأنّ “الـ250 عنصراً من قوى مكافحة الشغب إضافة إلى عناصر القوّة الضاربة لا يمكن استخدامهم في عملية قمع احتجاجات تستخدم فيها قنابل يدوية كونها تدخل ضمن إطار العمليات الحربية، فيما هذه القوى مجهزة فقط بالعصي والدروع والقنابل المسيّلة للدموع. وبالتالي كان على الجيش التحرّك تلقائياً مع استخدام القنابل الحربية”.

وتفيد معلومات في هذا السياق بأنّ “قوى مكافحة الشغب لجأت ليل الأربعاء وفي إطار الدفاع عن السراي إلى إطلاق الرصاص الحيّ بعد تعرّضها للرصاص الحيّ ما أدى إلى إصابة الشاب عمر طيبا. حينها اتخذت قيادة قوى الأمن القرار بعدم المواجهة مع المُحتجين وتأمين الحماية للسراي ومنع اقتحامها بأي ثمن وهذا ما حصل بعد استقدام تعزيزات أيضاً من القوّة الضاربة في شعبة المعلومات. وفي ظل أداء الجيش غير المفهوم فإنّ عدم تعزيز السراي بهذه العناصر كان يمكن أن يؤدي إلى سقوطها بيد المحتجّين أيضاً”.

وأتى بيان قوى الأمن الداخلي أمس ليوضح أكثر الصورة بالقول: “عند تزايد الضّغط علينا والخطر الشّديد على السّراي وعلى العناصر المُولجة حِمايتها، وهي التي لا يزيد عديدها من قوّة مكافحة الشغب عن 100 عنصر، فضلاً عن العناصر المتواجدة اصلًا في السراي، فقد أُعطيت الأوامر للقوّة الضّاربة في شُعبة المعلومات ولسريّة الفُهود في القوى السيّارة بالتّوجه من بيروت إلى طرابلس، ووضعت الخطط اللاّزمة لحماية السراي، وقد نفّذت هذه الخطط الموضوعة بدقّه لحفظ الأمن والنظام”.

وتؤكد المصادر أنّ “تبرير الجيش بعدم قدرته على العمل في أكثر من جبهة، هو تبرير غير مقنع. فمنذ بدء الحراك تمكّن الجيش من التواجد والانتشار في أغلب المناطق دفعة واحدة، فلماذا اليوم أعلن عدم قدرته عن تأمين الحماية لمنطقة واحدة هي طرابلس؟ وما المغزى من تواجده في ساحة النور البعيدة امتاراً قليلة عن السراي”، مشيرة إلى أنّها “المرّة الأولى التي نتعرّض فيها لرمي قنابل يدوية حربية بلغ عددها 16 وتحتاج للتصدي لها إلى إمكانيات متوافرة لدى الجيش”.  

إقرأ أيضاً: طرابلس بحماية أمنية: الأجندة السياسية “تحت الرصد”

وتسخر المصادر من “إشاعة خبر الـ600 عنصر داخل السراي. فعديد قوى مكافحة الشغب في كل لبنان هو 500”.

مواضيع ذات صلة

هل تملأ مصر فراغ التّسليم والتّسلّم؟

يترنّح المسار التفاوضي الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية تحت وطأة الضغوط العسكرية التي تمارسها الحكومة الإسرائيلية في عدوانها الوحشي بحقّ لبنان. في الأثناء، يواظب الموفد…

برّي ينتظر جواب هوكستين خلال 48 ساعة

تحت وقع النيران المشتعلة أعرب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب عن موافقته على أن يستكمل الرئيس جو بايدن مسعاه للوصول إلى اتّفاق لوقف إطلاق النار…

الجيش في الجنوب: mission impossible!

لم يعد من أدنى شكّ في أنّ العدوّ الإسرائيلي، وبوتيرة متزايدة، يسعى إلى تحقيق كامل بنك أهدافه العسكرية والمدنية، من جرائم إبادة، في الوقت الفاصل…

وزير الخارجيّة المصريّ في بيروت: لا لكسر التّوازنات

كثير من الضوضاء يلفّ الزيارة غير الحتميّة للموفد الأميركي آموس هوكستين لبيروت، وسط تضارب في المواقف والتسريبات من الجانب الإسرائيلي حول الانتقال إلى المرحلة الثانية…