بقلم روبي غرامر Robbie Gramer وآمي ماكينون Amy Mackinnon وجاك ديتش Jack Detsch وكريستينا لو Christina Lu (Foreign Policy)
ملخص الحلقة الأولى من المقال: تعهّد الرئيس الأميركي جو بايدن بعكس سياسات ترامب على أكثر من صعيد، لكن سيكون عليه البناء في السياسة الخارجية على ما فعله ترامب والإفادة منه لتحقيق مصالح الولايات المتحدة، لا سيما في مجال العلاقات مع روسيا والصين وإيران، ولو أنه سيتشدّد مع موسكو وبكين ويتعامل بمرونة أكبر مع إيران.
وقف الحروب التي لا نهاية لها؟
ستبني خطط بايدن في العراق وأفغانستان على جهود ترامب لسحب قواته من المنطقة. وعلى غرار سلفه، فقد تعهّد بايدن بوقف “الحروب التي لا نهاية لها”، في إشارة إلى التوسع العسكري الأميركي المُكلف الذي دام عقدين تقريباً في الشرق الأوسط. ولكن كما هو الحال مع ترامب وأوباما، هناك فرق كبير بين الوعد بإنهاء الحروب، وإنهائها بالفعل.
وأعلن بايدن في أيلول الماضي أنّ “هذه “الحروب التي لا تنتهي” يجب أن تنتهي، قبل أن يضيف: “أنا أؤيد سحب القوات. لكن إليكم المشكلة: ما زال علينا أن نقلق بشأن الإرهاب و[الدولة الإسلامية]”. يمكن لإدارة ترامب أن تتباهى بأنها دحرت خلافة تنظيم “الدولة الإسلامية” ووجّهت ضربات معوّقة للمنظمة الإرهابية، لكنها تترك لبايدن وضعاً غير مستقر في الشرق الأوسط، مع استمرار الزعيم السوري بشار الأسد في السلطة، بدعم من الروس والإيرانيين، والتوترات العالية مع تركيا بسبب الدعم الأميركي المستمر للمقاتلين الأكراد الذين ساعدوا الحملة المناهضة لتنظيم “الدولة الإسلامية”.
وقبل أقل من أسبوع من تنصيب بايدن، أعلن القائم بأعمال وزير الدفاع الأميركي كريستوفر ميلر Christopher Miller أنّ الجيش الأميركي خفض قواته في أفغانستان والعراق إلى 2500 جندي، حتّى مع تصاعد العنف من جهة حركة طالبان. وقال ميلر في بيان صحافي صدر في 15 كانون الثاني إنّ “هذا الخفض يجعل القوات الأميركية في أفغانستان في أدنى مستوياتها منذ عام 2001″، مشيراً إلى أنّ الولايات المتحدة ستواصل القيام بمهمتها لمكافحة الإرهاب في كلا البلدين. وقال إنّ البلاد يمكن ان تخفض مستويات القوات الأميركية إلى درجة الصفر بحلول أيار، وفقاً لما تسمح به الظروف الميدانية.
يتوقّع عدد من الخبراء المقرّبين من فريق بايدن أن يوقف الرئيس الجديد الدعم العسكري الأميركي للحملة السعودية في اليمن، وأن يتوقّف عن مبيعات الأسلحة الضخمة إلى كلّ من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. ولكن نظراً لأهمية الرياض الجيوستراتيجية بالنسبة للولايات المتحدة، فمن غير الواضح ما إذا كان بايدن سيغيّر العلاقات الأميركية السعودية على نحوٍ كبير
مدّ غصن الزيتون إلى أوروبا
بطريقة ما، أصبح من السهل على بايدن تحسين العلاقات مع أوروبا بعد أربع سنوات من الانتهاكات من ترامب. وقالت مارينا كالجوراند Marina Kaljurand وزيرة الخارجية الأستونية السابقة، والتي تمثّل الآن بلادها فى البرلمان الأوروبي: “لا أعتقد أنه على بايدن أن يفعل الكثير. عليه أن يظهر فقط”.
لكن سيكون على بايدن أن يتعامل مع النزاعات الجارية. وعلى الرغم من أنّ اللهجة ستتغيّر بالتأكيد، فالمتوقّع أن يستمرّ الرئيس الجديد في دفع حلفاء الناتو إلى إنفاق المزيد من المال على الدفاع. بينما قد يراجع، كما يتراجع، بسرعة عن جهود ترامب لخفض عدد القوات الأميركية المتمركزة في ألمانيا بمقدار الثلث. أما الوجود الأميركي المستقبلي في بولندا ودول البلطيق، فهو أقل وضوحاً، إذ كانت هذه الدول تأمل في زيادة القوات الأميركية عندها. واضافت كالجوراند: “بالنسبة لروسيا، من الأصعب بكثير إطلاق النار على جندي أميركي، أو على جندي ألماني، مقارنة بجندي أستوني. هذه حقيقة”.
قد يجد بايدن أنه من الأسهل الآن مواجهة التطرّف اليميني في أوروبا بعد أن شهدت الدول الأروبية ما حدث في واشنطن في 6 كانون الثاني. ولكن بالنسبة للآخرين في أوروبا، لا عودة إلى الوراء بعد ترامب – بمعنى أنهم سيواصلون رسم مسار التقليل من اعتماد القارة على القوة الدبلوماسية والعسكرية الأميركية وعلى نفوذها الاقتصادي.
وقال مسؤول ألماني كبير إنّ “انعدام الثقة لن يزول بسهولة. وبغضّ النظر عما سيأتي بعد ذلك، فإن أميركا ستظلّ دائماً البلد الذي انتخب ترامب”.
لا احتضان للمملكة العربية السعودية
على الرغم من الاعتراضات الشرسة من الكونغرس الأميركي، بما في ذلك حلفاء الرئيس ترامب من الجمهوريين، فقد دعمت إدارة ترامب المملكة العربية السعودية إلى أقصى حدّ، مبتعدة عن محاولات المشرّعين لوقف الدعم العسكري الأميركي للحرب في اليمن.
ويتوقّع عدد من الخبراء المقرّبين من فريق بايدن أن يوقف الرئيس الجديد الدعم العسكري الأميركي للحملة السعودية في اليمن، وأن يتوقّف عن مبيعات الأسلحة الضخمة إلى كلّ من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. ولكن نظراً لأهمية الرياض الجيوستراتيجية بالنسبة للولايات المتحدة، فمن غير الواضح ما إذا كان بايدن سيغيّر العلاقات الأميركية السعودية على نحوٍ كبير.
التصارع مع إرث ترامب في إسرائيل
في عهد ترامب، أصبحت إسرائيل محور تركيز أكبر للسياسة الخارجية الأميركية. فقد قطع ترامب المساعدات عن الفلسطينيين، واعترف بمطالبة إسرائيل بالقدس، ونقل السفارة الأميركية إليها، وكلها مؤشرات على تحالف إدارته الوثيق مع إسرائيل. كما ساعدت إدارة ترامب في إرساء علاقات التطبيع بين إسرائيل وأربع دول عربية – الإمارات العربية المتحدة والبحرين والسودان والمغرب – وهي اختراقات دبلوماسية يصفها كبار مسؤولي ترامب بأنها غيّرت قواعد اللعبة التاريخية في الشرق الأوسط.
من المرجّح أن تتبنّى إدارة بايدن موقفاً أكثر حياداً. ووصف بايدن، الذي انتقد التغييرات التي يقوم بها ترامب، قرار ترامب نقل السفارة إلى القدس بأنه “قصير النظر وعبثي”. لكنه قال في حملته الانتخابية إنه سيُبقي السفارة هناك. كما وعد بإعادة مستوى الدعم الأميركي في مجال التقديمات والتنمية إلى الضفة الغربية وغزة، بعد خفضه في عهد ترامب
ومن المرجّح أن تتبنّى إدارة بايدن موقفاً أكثر حياداً. ووصف بايدن، الذي انتقد التغييرات التي يقوم بها ترامب، قرار ترامب نقل السفارة إلى القدس بأنه “قصير النظر وعبثي”. لكنه قال في حملته الانتخابية إنه سيُبقي السفارة هناك. كما وعد بإعادة مستوى الدعم الأميركي في مجال التقديمات والتنمية إلى الضفة الغربية وغزة، بعد خفضه في عهد ترامب.
وقد كرّر بايدن دعمه لحلّ إقامة الدولتين، لكنه سيواجه عقبات خطيرة أمامه. وفي أحدث سلسلة من الجهود التي بذلتها الإدارة السابقة، أمر ترامب في 14 كانون الثاني القيادة الوسطى الأميركية بضمّ إسرائيل إليها، وهي خطوة طالما دعت إليها الجماعات الموالية لإسرائيل. وفي 11 كانون الثاني، أعلنت إسرائيل عن خطط لبناء 800 منزل جديد للمستوطنين في الضفة الغربية المحتلة، مما يشكّل تحدّياً آخر للإدارة الجديدة.
لا خيارات جيدة بشأن كوريا الشمالية
وعلى الرغم من الآمال العريضة لدى إدارة ترامب وثنائية القمم البرّاقة بين ترامب والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، فقد عرضت كوريا الشمالية للتو ما يبدو أنه صاروخ باليستي جديد جرى إطلاقه من الغواصات، متحدّية إدارة بايدن القادمة.
وأشار بروس كلينغنر Bruce Klingner الخبير في مؤسسة هيريتيج Heritage Foundation والمحلل السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية إلى أنّ الاستفزازات المبكرة من جانب كوريا الشمالية دفعت الإدارات السابقة إلى اعتماد نهج متشدّد. وفي خطاب صاخب الأسبوع الماضي في المؤتمر الثامن للحزب، كشف كيم عن خطط طموحة لتطوير أسلحة جديدة، وأوضح أنّ إدارة جديدة في واشنطن لن تغيّر سلوك النظام.
التصدّي لتغيّر المناخ
أحد أكبر التحوّلات في سياسة بايدن عن سابقتها في عهد ترامب هو التصدّي لتغيّر المناخ. وقلّل ترامب من آثار تغيّر المناخ على الرغم من الأدلة العلمية الدامغة والكوارث الطبيعية الكارثية المتزايدة. وقام بسحب الولايات المتحدة من اتفاقيات باريس التاريخية للمناخ لعام 2015 التي تهدف إلى الحدّ من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية، وتراجع عن القرارات التنظيمية البيئية الأميركية. فكانت العودة إلى هذه الاتفاقيات من أولى قرارات بايدن.
إقرأ أيضاً: بايدن في أول 100 يوم: تشدّد مع روسيا والصين ومرونة مع إيران (1/2)
معالجة تداعيات الجائحة
أعلن بايدن عن تشكيل فريق مؤلف من 13 مستشاراً صحياً لإدارة أزمة وباء كوفيد -19 في الولايات المتحدة وذلك بعد أيام من انتخابه في تشرين الثاني. وقرّر العودة إلى منظمة الصحة العالمية في اليوم الأول من ولايته. وكشف بايدن عن خطة ضخمة للإغاثة من الرعاية الاقتصادية والرعاية الصحية بقيمة 1.9 تريليون دولار تهدف إلى التصدّي للفيروس وآثاره الاقتصادية في الداخل. وأعلن بايدن أيضاً أنه سيعيد تأسيس مديرية الأمن الصحي العالمي التابعة لمجلس الأمن القومي، والتي جرى دمجها في إطار خطط إدارة ترامب لتقليص مجلس الأمن القومي.
لقراءة النص الأصلي اضغط هنا