جنبلاط والرؤساء الثلاثة.. وبرّي: ضدّ عون فقط.. لا الحزب

مدة القراءة 5 د

بعد أيام من الاجتماع الذي عقده رؤساء الحكومة السابقون مع رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط للبحث عن سبيل لخوض مواجهة ياسية عنوانها الدفاع عن اتفاق الطائف والدستور، زار الرئيس فؤاد السنيورة عين التينة والتقى الرئيس نبيه بري.

للزيارة جملة أهداف ترتبط بالتحديات التي تواجه مثل هذا المشروع السياسي:

أولاً: عدم استفزاز نبيه بري.

ثانياً: عدم إحياء الإنقسام العمودي في البلد بشكل يفرض على برّي الإلتحام أكثر بحزب الله.

ثالثاً: مثل هذا المشروع لا يمكن أن يكتمل بدون توفر شريك شيعي وآخر مسيحي.

ورابعاً: أنّ هناك نقاط التقاء كثيرة بين برّي وكل معارضي ميشال عون، أهمها الحفاظ على المناصفة واتفاق الطائف.

انطوى اللقاء على اتفاق يقضي بعدم استفزاز حزب الله، وعدم العودة إلى صيغة 14 و8 آذار، إنّما الذهاب إلى خيارات سياسية عنوانها حماية مؤسسات الدولة ودستورها. في الموازاة، كثر يسألون عن دور رئيس مجلس النواب في هذه المرحلة، وهو المعروف بأنّه عراب التسويات والمصالحات والمبادرات إلى عقد الحوارات، لكنّه يغيب في الفترة الأخيرة. غياب تفرضه ظروف الاختلاف مع عون الذي يريد اختزال كل شيء، ويضع نفسه في موقع الخصم والحكم. وهو الذي يسعى دوماً إلى ضرب أي دور يقوم به رئيس المجلس وأهم أدواره دعواته المتكررة إلى طاولات الحوار.

كان ميشال عون ومن خلفه جبران باسيل هما من أجهض طاولة الحوار في عين التينة في العام 2016، قلب باسيل الطاولة على برّي يومها. فيما رئيس المجلس كان يقول في ذلك الوقت: تعالوا نتفق من خلال هذه الطاولة على كل الملفات الخلافية وعندما ينتخب الرئيس يأتي مدعماً بهذا الاتفاق، ما عرف يومها بـ”السلّة”، وهي سقطت.

حالياً لا يريد عون أيّ دور بارز لبرّي، حتىّ أنّ باسيل يحاول استدراج حزب الله إلى المفاضلة بين التحالف معه وبين استمرار التحالف مع حركة أمل. الخلافات التي انفجرت مؤخراً بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب كثيرة جداً، فيها ما يتعلق بالصلاحيات، وبينها ما يعارض الثوابت ويخلّ بالتوازنات. فيما يبقى رهان جنبلاط ورؤساء الحكومة السابقين على دور بري انطلاقاً من توجهاته العروبية، حراسته للطائف والتوازنات السياسية، وكقوة تمثل حصناً منيعاً في ظل الخلاف مع حزب الله، فيشكل رئيس المجلس صلة وصل تمنع الانفجار وتدوزن الملفات الخلافية.

انطوى اللقاء على اتفاق يقضي بعدم استفزاز حزب الله، وعدم العودة إلى صيغة 14 و8 آذار، إنّما الذهاب إلى خيارات سياسية عنوانها حماية مؤسسات الدولة ودستورها

خمسة ملفات أسّست للخلاف الكبير بين رئيسي الجمهورية والمجلس النيابي، وقابلة للانفجار في أي لحظة ما لم يتم العمل على سحب فتائل تفجيرها. وهذه الملفات هي:

الخلاف حول تكليف سعد الحريري برئاسة الحكومة. فبريّ كان متحمساً وداعماً، فيما رفض عون.

معارضة برّي أن ينال عون الثلث المعطل في حكومة الحريري. وهو سلّم لائحة أسماء اختار منها الحريري اسمين لحكومته بخلاف حزب الله الذي لم يفعل كرمى لعيون عون وكي لا يحرجه.

خلاف على ملف ترسيم الحدود. فعون يريد إقرار مرسوم من جانب واحد، الأمر الذي يعتبره برّي مزايدة عليه ويتوقّع أن يؤدي إلى خسارة لبنانية على المدى البعيد.

خلاف على توقيع مراسيم ترقية ضباط العام 1994، أي العمداء. مرسوم يعتبره برّي مختلّاً توازنه الطائفي، باعتباره العمداء يصنفون في خانة “الموظفين من الفئة الأولى”، بينما عون يصرّ على ترقيتهم من دون توازن طائفي، ويتوسع الخلاف ليطال الناجحين في الخدمة المدنية، ودورة الجمارك، ومأموري الأحراش…

صراع على صلاحيات المجلس النيابي: فعون يعتبر أن المجلس الدستوري هو المخوّل بتفسير الدستور بناء على اتفاق الطائف، بينما بري يعتبر أنّ القانون قد تم تعديله وأصبح تفسير الدستور من صلاحية المجلس النيابي بينما المجلس الدستوري لديه صلاحية تفسير القوانين.

خمسة ملفات أسّست للخلاف الكبير بين رئيسي الجمهورية والمجلس النيابي، وقابلة للانفجار في أي لحظة ما لم يتم العمل على سحب فتائل تفجيرها

 كلّ هذه الملفات، تجعل من العلاقة بين بري وعون قابلة للانفجار في أي لحظة، خصوصاً أن رئيس المجلس قد علم بما يقوله عون في اوساطه بأنّ مشروعه السياسي يقوم على مواجهة الحريرية وشركائها منذ الطائف إلى اليوم، أي نبيه بري ووليد جنبلاط، وسط معطيات تفيد بأنّ عون كان يراهن على اللجوء إلى الشارع والاحتجاجات أمام بعض المراكز والمقرات والمؤسسات الرسمية التابعة لهذا الثلاثي بغية الضغط عليهم وانسجاماً مع حملات الاتهام بالفساد ضدهم. وهذا الأمر قد يستدعي توتراً في الشارع بين جمهوري الطرفين.

أمام هذا الواقع لم يعد نبيه بري قادراً على السكوت أو الوقوف موقف المتفرج. هو قال لحزب الله سابقاً إنّه غير مستعد بعد اليوم لأن يكون عاملاً في مشروع حزب الله. وإذ لا يفضل الدخول في مواجهة مباشرة، لكنّه يراهن على أيّ تحرك ضاغط على عون للاستثمار به ودعمه. خصوصاً أنّ رئيس الجمهورية يريد الإطاحة بكل الثوابت.

إقرأ أيضاً: الرؤساء الثلاثة اجتمعوا بجنبلاط.. ماذا عن الحريري؟

وعلى هذا تتقاطع المصالح إلى حدّ بعيد بين برّي ورؤساء الحكومة السابقين ووليد جنبلاط، ليس على قاعدة إحياء تحالفات طائفية أو مذهبية مغلفة بغطاء سياسي، إنما الغاية هي الحفاظ على أكبر قدر من التكتلات والأحزاب السنية والشيعية والدرزية والمسيحية، القادرة على تشكيل سدّ منيع في وجه مشروع عون الذي لا يقوم إلا على مصلحته ومصلحة صهره، ولو فرضت هذه المصلحة الإطاحة بكل المؤسسات اللبنانية.

هو إذا محاولة لتكوين جبهة ضدّ ميشال عون. “تحت سقف” عدم مواجهة حزب الله.

مواضيع ذات صلة

مشاورات “الأعياد”: لا 65 صوتاً لأيّ مرشّح بعد!

تَجزم مصادر نيابية لموقع “أساس” بأنّ المشاورات الرئاسية في شأن جلسة التاسع من كانون الثاني قد تخفّ وتيرتها خلال فترة الأعياد، لكنّها لن تتوقّف، وقد…

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…

الثنائي وترشيح عون: سوياً ضده… أو معه

كعادته، وعلى طريقته، خلط وليد جنبلاط الأوراق عبر رمي قنبلة ترشيحه قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية، ليحرّك مياه الرئاسة الراكدة. قبيل عودته إلى…