المصدر: إسحاق شوتينر (The New Yorker)
سنة مرّت على مقتل قاسم سليماني. أمر ترامب بشنّ غارة من طائرة بدون طيار، وتعهّدت الحكومة الإيرانية بالانتقام. ردّ ترامب آنذاك بالتهديد بمزيد من العمل العسكري، بل ذهب إلى حدّ القول إنّه يمكن استهداف المواقع الثقافية الإيرانية. علاوة على إقحامه الولايات المتحدة في حرب محتملة مع إيران، أثارت تصرفات الرئيس أسئلة قانونية مهمة، بدءًا مما إذا كانت الضربة نفسها ضمن حدود القانون.
في هذا المجال، أفردت أونا أ. هاثاواي، الأستاذة في كلية الحقوق في جامعةYale ، قراءة قانونية لهذه الوقائع، انطلاقا من الحدود الدستورية للرئيس الأميركي، وما إذا كانت إدارة أوباما فتحت الباب أمام انتهاكات ترامب للسلطة التنفيذية المتمثلة بالكونغرس، والعواقب الخطيرة التي قد تنجم عن استهداف مواقع التراث الثقافي الإيراني.
قالت إدارة ترامب إنّ مقتل سليماني كان عملاً من أعمال الدفاع عن النفس، لكنّها تحتاج لتقديم دليل على أنّه كان هناك بعض التهديد الوشيك للأمة. وحتّى إذا كان ذلك يتطلب توفير معلومات استخباراتية لا يمكن مشاركتها على نطاق واسع، فإنّه يحتاج على أقلّ تقدير إلى الكونغرس
كان المحامون من الإدارات السابقة “نصحوا بشكل شبه مؤكد أنّ مثل هذا الإجراء سيكون غير قانوني”، لأنّ الكونغرس أوضح مرارًا أنّه يخشى التورّط في صراع مع إيران، وذلك انطلاقا من جلسات استماع وعدد من الأحداث اتضح خلالها أن الكونغرس لا يحبذ حقًا التورط في أي حريق كبير. فالكونغرس هو من يمتلك سلطة في الدستور لإعلان الحرب، وليس الرئيس. كما أنّ لدى الكونغرس عدداً من الصلاحيات الأخرى ذات الصلة، مثل سلطة تشكيل الجيوش. ومن الواضح أنّ القصد من إنشاء الدستور كان إعطاء سلطة بدء النزاع للكونغرس. الاستثناء النادر الذي يتفق عليه الجميع تقريبًا هو في الحالات التي تنطبق عليها ضرورات الدفاع عن النفس، عندما لا يكون هناك وقت للتداول، ولا وقت للذهاب إلى الكونغرس للحصول على إذن. وكان هذا صحيحًا بشكل خاص عندما تمت كتابة الدستور لأوّل مرّة، لأنّه قد يستغرق وقتًا طويلاً للتواصل مع الكونغرس أو استدعاء الأعضاء إلى واشنطن.
من جهتها، قالت إدارة ترامب إنّ مقتل سليماني كان عملاً من أعمال الدفاع عن النفس، لكنّها تحتاج لتقديم دليل على أنّه كان هناك بعض التهديد الوشيك للأمة. وحتّى إذا كان ذلك يتطلب توفير معلومات استخباراتية لا يمكن مشاركتها على نطاق واسع، فإنّه يحتاج على أقلّ تقدير إلى الكونغرس. كان ينبغي تقديم المعلومات قبل الضربة إلى “عصابة الثمانية”، وهي مجموعة مكوّنة من كبار قادة الكونغرس في الحزبين، يطلعها البيت الأبيض عادةً علىى مسائل استخباراتية. والفكرة أنّه إذا كان هناك وقت للتشاور مع مستشارين جمهوريين، بعضهم في الكونغرس، فهناك وقت لإخطار “عصابة الثمانية”.
والبارز أنّ انتهاك صلاحيات الكونغرس لم يبدأ مع ترامب، لأنّ “الرؤساء على مرّ السنين قاموا بتفسير سلطاتهم الحربية بشكل موسّع، ما مهّد الطريق لما يفعله الرئيس هنا: “الرئيس الذي لا يهتم حقًا بالقانون من الصعب جدًا تأديبه… لم يكن لدينا رئيس مثله من قبل”.
وجراء هذا الاستفراد في قرارات الرؤساء، كان كل كونغرس يجد نفسه في موقف أكثر صعوبة بسبب الكونغرس الذي سبقه. فلطالما جرى الحديث على ألسنة اليساريين بأنّ أوباما والرؤساء السابقين سمحوا سابقاً باستخدام السلطة التنفيذية لأهدافهم الخاصة ودفعوا حدودها إلى أقصى ما يمكن. وهي سوابق سهّلت على الجمهوريين قبول ما يفعله الرئيس باعتباره ليس مختلفًا عمّا سبق، وقد منحهم هذا المنطق بعض النيران الخطابية، بمعنى: “انظروا، لقد انخرط الرئيس أوباما في الحرب ضدّ ليبيا بدون تفويض الكونغرس. لذا، ما أوجه الاختلاف هنا؟”، وهي حجج امتلكت بعض التأثير لصالح ترامب، فالرؤساء السابقون سهّلوا على ترامب توجيه ضربة بدون الرجوع للكونغرس.
إقرأ أيضاً: “الحرس الثوري” يسيطر على مجلس الشورى ورسالته لبايدن: “سنفاوضكم من فوق”
ختاما، حول أهم التداعيات القانونية على الصعيدين المحلي والدولي، لاستهداف المواقع الثقافية، التي وردت في تهديدات الرئيس، تعتبر الخبيرة القانونية أنّ الأمرسيكون في غاية المأساوية. لأنه انتهاك واضح لاتفاقية لاهاي لعام 1907. وانتهاك واضح لاتفاقية لاهاي لعام 1954 بشأن حماية الممتلكات الثقافية. ما قد يعرّض أيضًا أفراد الجيش الأميركي للمحاكمة على “جرائم حرب”، لأنّ اتفاقية لاهاي لعام 1907 هي من بين القوانين التي يسمح قانون جرائم الحرب لعام 1996 بتجريم منتهكيها.
لقراءة النص الأصلي اضغط هنا