من حيث الشكل التيار الوطني الحرّ متحالف مع الطاشناق منذ عودة الرئيس ميشال عون من المنفى عام 2005. من حيث المضمون تقول أوساط التيار الوطني الحر إنّ الطاشناق فريق لا ينقسم ولا يتمايز عن الثنائي الشيعي. فهو في الانقسام الكبير عام 2005 كان في فريق الثامن من آذار ولا يزال. يقف مع التيار الوطني الحر عندما يتماهى موقف التيار مع موقف “الثنائي”، ويتمايز عنه عندما يتعارض موقف التيار مع “الثنائي”.
إذاً حان الوقت للقول إنّ تكتّل لبنان القوي، بمكوّناته الواحد والعشرين، لديه 17 نائباً عونيّاً و3 نوّاب أرمن ومحمد يحيى.
تقول أوساط التيار الوطني الحر إنّ الطاشناق فريق لا ينقسم ولا يتمايز عن الثنائي الشيعي
بقرادونيان: بوشيكيان ليس حزبيّاً
بهذا المعنى، ليست المرّة الأولى التي يتمايز فيها الطاشناق عن التيار. في كلّ الجولات السياسية المفصليّة كانت أصوات النواب الثلاثة تصبّ في غير مصلحة التيار. وفي كلّ مرّة كانت تظهر أسباب تخفيفية للدلالة على استقلالية الكتلة الأرمنيّة.
لكن بعدما اعتبر التيار الوطني الحر أنّ عقد جلسة لمجلس الوزراء “خطيئة استراتيجية” تنال من الدور والوجود المسيحيَّين في البلاد، قرّر وزير الطاشناق جورج بوشيكيان أمس أن يكون “الوزير الملك” وأن يُكمل نصاباً كان يريد جبران باسيل “تطييره” لجلسةٍ لم تكن لتنعقد لولا مشاركته فيها.
في حديث لـ”أساس”، يقول الأمين العامّ لحزب الطاشناق هاغوب بقرادونيان إنّ “قناعة حزبه هي عدم المشاركة لِما لهذه المشاركة من أثر على الوفاق الوطني. فقد اجتمع بقرادونيان مع بوشيكيان يوم الجمعة في بيروت وناقشا الموقف، واتّفقا أن لا يشارك بوشيكيان في الجلسة. ثمّ اجتمع عضو في اللجنة المركزية في الطاشناق مع بوشيكيان يوم الأحد في زحلة وذلك أيضاً ضمن النقاش المتعلّق بعدم مشاركته في الجلسة. لكنّ بوشيكيان قال إنّه سيفكّر في الموضوع. هو في النهاية مستقلّ غير حزبي، واتّخذ قراره من هذا المنطلق”. وحسب بقرادونيان، ليس قرار وزير الصناعة هو قرار الطاشناق، لأنّ قرار الحزب هو التماهي مع المعارضة المسيحية التي اتّخذت موقفاً بعدم المشاركة في جلسة الحكومة.
أمّا الكلام عن ابتزاز بقرادونيان وتهديده بقبول الطعن بنتائج انتخابات المتن المقدّم من جاد غصن، الذي سيؤدّي إلى الإطاحة بنيابته، فيردّ عليه بأنّ هذا الكلام غير دقيق وأن لا أحد اتّصل به من حزب الله أو حركة أمل ولا من قبل جبران باسيل في شأن هذا الموضوع.
يأتي هذا الكلام تعليقاً على شائعات تحدّثت عن ضمانة تلقّاها بقرادونيان من “الثنائي” بعدم المسّ بنيابته في القرار الذي سيصدر عن المجلس الدستوري، على اعتبار أنّ للثنائي ووليد جنبلاط القدرة على تعطيل القرار في المجلس الدستوري.
في معلومات “أساس” أنّ بوشيكيان رجل أعمال تربطه علاقة وطيدة جدّاً مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وهو سبق أن التقاه أكثر من مرّة من أجل مسألة عقد جلسة لمجلس الوزراء، وقد أكّد لميقاتي مشاركته في الجلسة بغضّ النظر عن أيّ قرار مخالف لحزبه.
ليست المرّة الأولى التي يتمايز فيها الطاشناق عن التيار. في كلّ الجولات السياسية المفصليّة كانت أصوات النواب الثلاثة تصبّ في غير مصلحة التيار. وفي كلّ مرّة كانت تظهر أسباب تخفيفية للدلالة على استقلالية الكتلة الأرمنيّة
محطّات مفصليّة بين التيّار والطاشناق
“منذ ما قبل عودة ميشال عون من باريس، كان حزب الطاشناق من أركان 8 آذار وما يزال”، هكذا يعلّق مرجع نيابي في التيار الوطني الحر معدّداً المحطات التي اختلف فيها الطاشناق مع كتلة التيّار.
يوم كان الرئيس ميشال عون رئيساً في بعبدا لم تظهر كثيراً هذه التباينات على اعتبار أنّ الحلف بين الحزب وعون كان في بداياته وكان هناك حرص على عدم التباين. على الرغم من ذلك أكّد الطاشناق دائماً استقلاليّته في التكتّل.
أمّا اليوم فإذا أردنا أن نعدّد محطّات التباين بين الفريقين منذ الانتخابات الأخيرة، فيمكن تعداد أربعٍ على الأقلّ:
– في الانتخابات الأخيرة خاض الطاشناق معركته الانتخابية مستقلّاً عن التيار تحت عنوان ظروف القانون وخصوصية المناطق واللوائح.
– في انتخابات رئاسة المجلس النيابي صوّت الطاشناق للرئيس نبيه برّي، ولم يكن في موقف موحّد مع التيّار، ودائماً تحت عنوان “المصلحة الوطنية”.
– في تسمية رئيس الحكومة، سمّى نواب الطاشناق الرئيس ميقاتي بالتماهي مع الثنائي مخالفين التيار، ودائماً تحت عنوان استقلالية القرار والتمايز ضمن الفريق الواحد .
– عند دعوة ميقاتي إلى جلسة لمجلس الوزراء في ظلّ فراغ رئاسي واصطفاف المسيحيين ضدّ الدعوة والمشاركة، شارك وزير الصناعة تحت غطاء الاستقلالية في القرار .
– وفي انتخابات الرئاسة تُوضع أصوات الأرمن في خانة الأصوات المؤيّدة لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية، الذي يرفضه التيار رفضاً قاطعاً.
أيّ حلف هذا؟
وزير الصناعة جورج بوشيكيان هو نائب في كتلة لبنان القويّ. كيف يبقى عضواً في الكتلة وقد خالف واحداً من أكثر القرارات حساسيّة على الإطلاق؟
يبدو أنّ الحساب السياسي مقبل على أكثر من تصعيد. يقول بقرادونيان إنّ حزب الطاشناق سيجتمع غداً الثلاثاء لبحث تداعيات موقف بوشيكيان، فهل تظهر تداعيات مخالَفة وزير الصناعة في نتائج الاجتماع؟
إقرأ أيضاً: فيصل الصايغ لـ”أساس”: بلا تشريعات.. سيضيع الترسيم
هذا ما ينتظره باسيل حتماً. فالتيار يوحي بأنّه سيعيد حساباته مع الحلفاء تحديداً، بدءاً من الطاشناق وصولاً إلى حزب الله.
لكن في السياسة قرأ التيار الوطني الحرّ جيّداً قرار حلفائه عقد جلسة حكومية في ظلّ الفراغ، وهم يعرفون وقع ذلك على المسيحيين. فهل يتلقّف باسيل الرسالة أو يذهب إلى التصعيد؟
الثلاثاء أيضاً يعقد باسيل مؤتمراً صحافياً يتحدّث فيه عمّا يعتبره “خطيئة”، مهدّداً بسحب “بطاقة حمراء” بوجه الحلفاء، أو على الأقلّ “بطاقة صفراء”.