على الرغم من التعتيم الإعلامي الكبير انفرد موقع “أساس” بكشف التوجّه إلى إبطال نيابة رامي فنج عن المقعد السنّي وفراس سلّوم عن المقعد العلوي في دائرة طرابلس وإعلان نيابة المرشّحَين السنّي فيصل كرامي والعلوي حيدر آصف ناصر.
كان يمكن المشهد أن يرسو على مفاجأة من العيار الثقيل أيضاً لو قَبِل المجلس الدستوري طَعن كرامي بالمطلق لناحية الخطأ في تعداد الأصوات ودفع الرشى معاً، إذ كان هذا الأمر سيؤدّي إلى خسارة إيهاب مطر مقعده النيابي، إضافة إلى فراس سلّوم، فيما يحافظ فنج على مقعده، ويفوز فيصل كرامي، وينجح بدر عيد (علوي) على لائحة مصطفى علّوش.
مع ذلك، كانت مفاجأة طرابلس مدوّية، ولها ارتداداتها في السياسة، وليس فقط على مستوى العدد. الأهمّ في قرار المجلس الدستوري الأخير الذي أعاد “الأفندي” إلى موقعه النيابي أنّه لاقى شبه إجماع على “دقّته وموضوعيّته”، وأنّ نتائجه لاقت قبولاً حتى من جانب المتشكّكين في عمل المجلس الدستوري، على الرغم من مطالبة النائب السابق فنج “المجلس الدستوري بأن يشرح للرأي العام مبرّرات قراره وكيفيّة توزيع النتائج على كلّ أرقام المرشّحين”، مع العلم أنّ قرار “الدستوري” لاقى إجماع أعضائه باستثناء القاضي عمر حمزة.
وفق المعلومات سينضمّ نائب طرابلس العلوي حيدر ناصر إلى أيّ تكتّل شماليّ محتمل
كرامي في عين التينة الإثنين
توجّهت الأنظار سريعاً صوب تموضع فيصل كرامي سنّيّاً ونيابيّاً، وتحديداً حيال الأزمة الرئاسية الراهنة، وهو الذي لم يحجب تأييده العلني لرئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية، قائلاً: “عاطفتي معه”. فهل ينضمّ إلى معسكر الأوراق البيضاء؟
ستكون الزيارة السياسية الأولى لكرامي لعين التينة حيث سيلتقي يوم الإثنين رئيس مجلس النواب نبيه برّي.
يقول كرامي لـ”أساس”: “لست بالتأكيد مع فكرة الستاتيكو الحالي حيث يتمترس كلّ فريق عند رأيه”، مؤيّداً برّي “في دعوته إلى التلاقي والحوار للخروج بحلّ لا يمكن أن يحصل إلا بالحوار في بلد مبنيّ على توازنات بالغة الدقّة والحساسيّة”. لذلك لن يحيد كرامي عن خيار الورقة البيضاء ما لم يحصل توافق، “وأنا لست من هواة حرق الأسماء”.
يسعى كرامي إلى أن يكون “نقطة تلاقٍ بين القوى السياسية لأنّني قريب من الجميع تقريباً، وهذا ما شعرت به ولمسته بعد إعلان فوزي في الانتخابات”.
حتّى الآن لا توجُّه واضحاً في ما يتّصل برغبة كرامي بتشكيل “جبهة وطنية” يريدها أن “تتخطّى طرابلس والشمال ويكون لها بعدها الوطني الجامع”، مع العلم أنّ بعض النواب القريبين من كرامي يفضّلون أن تكون كتلة طرابلسية “تتكاتف في موضوع الإنماء والسياسة والأمن”.
لا لـ”لقاء تشاوريّ” آخر
لا يؤيّد كرامي “انخراطه ضمن تكتّل سنّيّ محض ولا تكرار لتجربة “اللقاء التشاوري” الذي كان يجمعنا حول طاولة واحدة، ثمّ عند الاستحقاقات كان كلّ نائب يصوّت وفق رغبته”. وكان “التشاوري” كَسَر احتكار التمثيل السنّيّ لـ”تيار المستقبل” وشارك في حكومتين، أوّلاً من خلال الوزير السابق حسن مراد في حكومة الحريري، ثمّ طلال حوّاط في حكومة حسان دياب، وقد سمّاه كرامي بالتوافق مع أعضاء “اللقاء”.
كلّ الاحتمالات واردة بالنسبة إلى كرامي، ومن بينها عدم انضوائه تحت سقف أيّ تكتّل أو جبهة إذا لم تتوافر ظروف التحالف الصَلب والوطني، و”سأتعاون مع الجميع باستثناء القوات اللبنانية”.
يقول كرامي لـ”أساس”: “لست بالتأكيد مع فكرة الستاتيكو الحالي حيث يتمترس كلّ فريق عند رأيه”، مؤيّداً برّي “في دعوته إلى التلاقي والحوار للخروج بحلّ
حلفاء كرامي
الحلفاء الطبيعيون لكرامي شمالاً هم النواب طه ناجي وكريم كبّارة وجهاد الصمد ومحمد يحيى، وفي البقاع حسن مراد. ومنذ الآن تُطرح تساؤلات عن احتمال تكتّل هؤلاء النواب مع آخرين من كتلة “اللقاء النيابي الشمالي” و”التكتّل الوطني المستقلّ” و”جمعية المشاريع” ونواب مستقلّين في جبهة عابرة للمناطق، وهو الأمر الذي لا مؤشّرات إليه حتى الآن.
تجزم أوساط شمالية أنّ “كرامي بحيثيّته الشمالية والسنّيّة، وربطاً بدور محتمل له يتخطّى النيابة، وسط تضعضع الجبهة السنّية بعد اعتزال سعد الحريري السياسة، وعدم ترشّح نجيب ميقاتي في الانتخابات وتراجع حظوظ تكليفه مجدّداً، هو وحده القادر على جمع كلّ هؤلاء النواب وغيرهم تحت سقف واحد”، مشيرة إلى “العلاقة الجيّدة التي تجمع عضو اللقاء التشاوري السابق، الذي كان يضمّ ستّة نواب سُنّة تحت مظلّة المقاومة، بالسفير السعودي وليد البخاري ومسؤولين سعوديين وأتراك”.
وفق المعلومات سينضمّ نائب طرابلس العلوي حيدر ناصر إلى أيّ تكتّل شماليّ محتمل. بدأ التنسيق بين الرجلين منذ نهاية الانتخابات النيابية وإعداد الطعن الذي تقدّم به ناصر، وكان نسخة عن طعن كرامي، بوجه رئيس لائحته رامي فنج، وهذا ما دفع المجلس الدستوري إلى جمعهما معاً والخروج بقرارٍ واحد.
في السياسة رَبِح فريق 8 آذار نائباً بعد خروج رامي فنج “التغييري” ودخول كرامي الندوة البرلمانية، فيما النتيجة بقيت نفسها على مستوى التمثيل العلوي، فالدكتور ناصر ينتمي إلى بيت عروبي مع ارتباط أيديولوجي صريح بسوريا، ويؤمن بسلاح “المقاومة” ضدّ العدوّ الإسرائيلي، ووالده كان أوّل سفير علويّ للبنان في الخارج.
لا مفعول رجعيّاً لإبطال النيابة
في سياق آخر، ما هي انعكاسات خسارة نائب لموقعه النيابي؟
عمليّاً، كان رامي فنج من المصوّتين الدائمين لميشال معوّض وشارك في تقديم اقتراحات قوانين ومنح صوته لنوّاف سلام في استشارات تكليف رئيس الحكومة، وفراس سلّوم صوّت لرئيس مجلس النواب نبيه برّي وانضمّ إلى المقترعين بالورقة البيضاء في انتخابات الرئاسة.
إقرأ أيضاً: “طعون العتمة”: المجلس الدستوريّ “يبيّضها”؟
وفق القانون، لا مفعول رجعيّاً لإبطال النيابة. لكنّ القصة تكمن في السياسة، خصوصاً أنّ هناك طعنين لا يزالان عالقين لدى المجلس الدستوري. صحيح أنّ احتمال قبولهما معاً، أو واحد منهما، أو رفضهما، لن يغيّر في خارطة المجلس، لكنّ موزاييك البرلمان الحالي لا سابق له ويصعّب المهمّة كثيراً على سعاة التسويات التي لم تعد تحتمل نسبة الـ 99%.
تتوجّه الأنظار إلى المقعد العلوي الثاني في عكار الذي يشغله حالياً النائب أحمد رستم والذي قد يخسره الأخير في حال قبول طعن المرشّح على لائحة التيار الوطني الحر في عكار حيدر عيسى، فيكسب حينئذٍ جبران باسيل نائباً إضافياً في كتلته. أمّا الطعن المقدّم من جاد غصن بنيابة رازي الحاج على لائحة القوات ونائب الطاشناق أغوب بقرادونيان فيكتسب قوّة صنّفته من أقوى الطعون.