إعلام الحزب: سنواجه الإعلام الخليجيّ.. بالقتل والدماء

مدة القراءة 4 د

بدأ إعلام حزب الله “هجمةً مرتدّةً” على ما اعتبره “مخطّطاً سعودياً إماراتيّاً” لقلب نظام الحكم في إيران، وتحدّث عن مقالات وتقارير وتسريبات استخبارية عن مراسلات بين وزراء في الإمارات والسعودية وكبار المخطّطين في العقل الإعلامي للدولتين بهدف “التأثير على المواطنين الإيرانيين”.

يا لها من تهمة، إذا صحّت: محاولة، فقط محاولة، لـ”التأثير الإعلامي”.

ومن لا يعرف هذه الأيّام أنّ كلّ الدول باتت تموّل وسائل إعلام بلغات مختلفة للتأثير على أكبر قدر ممكن من الشعوب، إذا ما استطاعت إلى ذلك سبيلا؟!!

تصير الحكاية أكثر إثارة، حين نجد في المقال، الذي افتتح هذه الهجمة المرتدّة، اعترافاتٍ صريحة بأنّ إيران تموّل المعارضات السياسية في الدول العربية، مالياً وإعلامياً وعسكرياً، وتشارك في “تمزيق” الدول العربية من الداخل والخارج، بدءاً من لبنان، ومروراً بسوريا والعراق واليمن وغيرها…

بدأ إعلام حزب الله “هجمةً مرتدّةً” على ما اعتبره “مخطّطاً سعودياً إماراتيّاً” لقلب نظام الحكم في إيران

إنّ الملفّ، الذي يريد تصوير إيران ضحيّةً، يدافع عن حقّها في قصف الدول العربية، وعن “أبوّتها” ومرجعيّتها في المنطقة، ويعتبر أنّ من الطبيعي أن تحاول إيران احتلال هذه الدول، وأن تقتل مواطنيها، باعتبار ذلك حقّاً إلهيّاً.

اعتراف صريح بـ”الإرهاب” الإيرانيّ

يعيب الملفّ المذكور على هذه الدول أنّها “تقاوم” هذه الهجمة الإيرانية، فينتقد التحالف العربي للدفاع عن دول الخليج بوجه الهجمات الحوثية، باعتبار هذا التحالف “أحد وجوه الحرب ضدّ المحور الذي تقوده إيران”. هكذا بوقاحة قلّ نظيرها يعيب على دول أنّها تحارب “المحور الذي تقوده إيران” ضدّ هذه الدول.

أكثر من ذلك، يقول الملفّ في افتتاحيّته: “لم تقف طهران مكتوفة اليدين، بل دعمت صراحة كلّ خصوم المحور المعادي. وكما دعمت المقاومة في لبنان وفلسطين، قدّمت كلّ الدعم الممكن في سوريا والعراق لإلحاق الهزيمة بالخيار التكفيري أو بديله الأميركي. وفي اليمن، وقفت إلى جانب “أنصار الله”، أقوى حركة معارضة في التاريخ الحديث للجزيرة العربية، ومكّن الدعم الإيراني هذه المجموعة الوليدة من الصمود والتطوّر حتى أصبحت في حدّ ذاتها عنوانَ خطر حقيقي، بل وجودي، على نظام آل سعود وبقيّة إمارات القهر في الجزيرة العربية”.

إنّه اعتراف لا سابق له بأنّ إيران تموّل محاولات الانقلاب العسكرية، والإرهاب والترهيب الأمنيّ والعسكري، وتتدخّل بشؤون اليمن والعراق وسوريا ولبنان وفلسطين.

هل هذا ملفّ “اعتراضي” على “مخطّط إعلامي” خليجي مزعوم للتأثير على المواطن الإيراني، أم هو محضر اعتراف رسمي بأنّ إيران تحاول قلب الأنظمة العربية وتدمير الدول العربية واحتلال بعضها وإخضاع شعوبها؟

ليكون الكاتب وفيّاً للتناقضات الجسيمة في الملفّ الذي يدّعي “الدفاع”، ينهي مقاله بالتهديد بالقتل، كعادته: “إذا كان الغرب فالحاً في الحروب الناعمة، فإنّ يدنا الخشنة تنفع في الردع، كما في العقاب”

النظام الإيرانيّ “توسّعيّ”

في الشرق الأوسط دولتان توسّعيّتان:

الأولى إسرائيل: التي عادت إلى حدودها وتحاول إبرام معاهدات سلام مع دول المنطقة.

الثانية إيران: التي لا تتوقّف عن السعي إلى احتلال دول جديدة كلّ يوم، وترفع شعار “تحرير مكّة”، أي احتلال المملكة العربية السعودية.

لاحظوا هذه الجملة: “تجاوز التأثير الكبير لإيران حدود الأفكار التي غذّت الوجهة الحركيّة للتيار الإسلامي في العالم، إلى التأثير النوعيّ الذي جعل كلّ الأنظمة القائمة على الاستعباد والقهر والنهب والهيمنة على مقدّرات الشعوب تتصرّف على أساس أنّ الجمهورية الإسلامية دولة داعمة لكلّ حركة اعتراضية، بدءاً من معركة العرب والمسلمين لاسترداد فلسطين، وصولاً إلى دعم بقاء دول كثيرة في منطقتنا العربية، من سوريا والعراق وغيرهما، خارج منظومة الهيمنة الأميركية”.

إقرأ أيضاً: أميركا للبنان: لا حلّ قبل “ختم” السعودية وصندوق النقد

هكذا بصراحة لا نظير لها يعترف المحلّل بأنّ إيران تدافع عن “تدخّلاتها” في الدول العربية في وقت يدّعي الملفّ أنّه “يكشف مخطّطاً عربياً للتأثير على الرأي العامّ الإيراني”.

وليكون الكاتب وفيّاً للتناقضات الجسيمة في الملفّ الذي يدّعي “الدفاع”، ينهي مقاله بالتهديد بالقتل، كعادته: “إذا كان الغرب فالحاً في الحروب الناعمة، فإنّ يدنا الخشنة تنفع في الردع، كما في العقاب”.

هو تهديد بمواجهة “الإعلام” بالمسدّس. هذا هو فحوى المنطق الإيراني في منطقتنا: سنقتلكم إذا تكلّمتم.

مواضيع ذات صلة

مشروع إيران التّوسّعيّ: ما بُنيَ على متغيِّر.. سيتغيَّر

لا خلاف في أنّ لدى إيران مشروعها التوسّعي في المنطقة. وكلمة “توسّعي” ليست استنتاجاً، إنّما حقيقةٌ تعكسها التصريحات الغزيرة والصادرة عن الكثير من القيادات الإيرانية…

جنبلاط يقبض على اللّحظة الإقليميّة

كان الرئيس السابق لـ”الحزب التقدّمي الاشتراكي” وليد جنبلاط في طليعة من قاربوا بالتعليقات الرمزية وبالمواقف، وبالخطوات العملية، مفاعيل الزلزال السوري على لبنان.   يتميّز جنبلاط…

سليمان فرنجيّة: رئاسة الحظّ العاثر

ـ عام 2004 سأل بشار الأسد سليمان فرنجية: “هل للرئاسة في لبنان عمر معيّن كما عندنا؟ لا يُنتخب رئيس الجمهورية قبل بلوغه الأربعين؟”. ـ مرّتين…

الشّرع وسوريا: الرّسم بالكلمات

لم نسمع من أحمد الشرع أو أيّ وزير من الحكومة المؤقّتة في سوريا أيّ رفع لشعار “الإسلام هو الحلّ” الذي درجت جماعة الإخوان المسلمين على…