بين العيش في الوهم وعدم الاكتراث تبقى النتيجة واحدة على الشعب الإيراني: إنّه “الوهم”. يعتقد نظام الملالي أنّ الشعب “راضٍ” عمّا آلت إليه الأوضاع من جفاف ونقص مياه بسبب بناء السدود المشبوهة التي تخدم مصالح الحرس الثوري وإمداد مصانعه الخاصّة بمياه التبريد وبالطاقة الكهربائية لتعدين البيتكوين وغيرها من العملات الرقمية.
عطش ومطالب بالجملة
مياه الشفة مفقودة في منازل مدن وأرياف إيرانية على حدّ سواء، والأراضي الزراعية هالكة ويابسة. ويحاول الإعلام الرسمي تصوير أنّ هذه الأزمة مقتصرة على القطاع الزراعي دون غيره. أمّا “عدم الاكتراث” فيتّضح من طريقة التعامل مع تحرّكات المتقاعدين المطالبين بتحسين رواتبهم وقدراتهم الشرائية، ومن تظاهرات تجّار البازارات وتأكيدهم على حقّهم في الحصول على أذونات تصدير بضائعهم وسلعهم إلى الخارج، وحقّهم عند تسلّم ثمنها بالاحتفاظ بجزء من أرباحها بغير عملة التومان. وقد وصل الأمر بتجّار البازارات، نتيجة سياسة حكومات الرئيس إبراهيم رئيسي وقبله حسن روحاني، إلى أن يحتفظوا بمردودات التصدير خارج إيران ضماناً لأرباحهم واستمرارية مصالحهم التجارية.
على المنوال نفسه، يتحرّك الأساتذة مطالبين بتحسين ظروفهم الحياتية، ومعهم عمّال المرافئ والمرافق العامّة ومصانع السكّر، حتى موظّفو السجون، إضافة إلى طلّاب الجامعات، من دون نسيان تحرّكات الأقلّيات العرقية الأذريّة والكردية والعربية والبلوشيّة والسيستانيّة والأرمنيّة.
بعد سنة ونيّف من انتخاب رئيسي رئيساً للجمهورية، انتهت الخلافات بين التيارات المتشدّدة وغير المتشدّدة، لأن رئيسي يمثّل التيار الأكثر تشدّداً
الشعار: إسقاط النظام
تعمّ التحرّكات مدن إيران وأحياءها. وانتقلت الشعارات من كونها مطلبيّة إلى سياسية يطلب بعضها “تغيير وإسقاط النظام”. وقد واكبها حرق ملفات الدوائر الرسمية ومعها صور المرشد وقاسم سليماني وقادة الحرس الثوري.
توسعت هذه التحرّكات، ولا سيّما في الصيف مع تقنين وفقدان الكهرباء في المنازل والمصانع والدوائر الحكومية، وعزل إبراهيم رئيسي بعض مستشاريه لامتصاص النقمة، لكن لم تؤدِّ زياراته المناطق إلى خفض التوتّرات وكبح النضالات المطلبية .
وحدة أطرأف التطرف
بعد سنة ونيّف من انتخاب رئيسي رئيساً للجمهورية، انتهت الخلافات بين التيارات المتشدّدة وغير المتشدّدة، لأن رئيسي يمثّل التيار الأكثر تشدّداً. وهو التقى مع مجلس تشريعي متطرّف وحرس ثوري يحتكر الاقتصاد مع تنظيماته التي تسيطر على أغلب المرافئ على طول الساحل من حدود العراق شمالاً مروراً ببندر عباس وباب المندب وبندر جاسك، وصولاً إلى كامل الشاطئ الجنوبي وحدود باكستان. إضافة إلى سيطرتها على مطارات وشركات طيران وخطوط سكك حديد وغيرها. التشدّد والتطرّف أكمل سيطرة المرشد علي خامنئي على كامل السلطة وتركيزها بيد أدواته.
أما بالعودة إلى ما أعلنه رئيسي في برنامجه الانتخابي، وما صرّح به في خطاب تسلّمه سدّة الرئاسة، فنجد أنّه وعد بالكثير الكثير، بانياً جميع خططه على إيرادات النفط والغاز وعلى تصديرهما وعائداتهما.
ينطبق على توجّهات رئيسي المثل القائل: “ذاهب إلى الحجّ والناس راجعة”. فأغلب البلدان النفطية بات لديها خطط متوسّطة وطويلة الأمد لتطوير اقتصاداتها بعيداً عن الإيرادات النفطية وعن الاقتصاد الوحيد الجانب المرتكز على الثروة الباطنية.
ضحك أصدقاء إيرانيون كثيراً عندما أخبرتهم بما قاله الشيخ نعيم قاسم، عن أنّ إيران تقدم الكهرباء 24 ساعة يومياً بـ7 دولارات شهرياً، وغاز التدفئة بدولارين شهرياً.
في إيران: الكهرباء 24/24 بمعدَّل تكلفة للبيت الواحد شهرياً 200 ألف تومان أي 7 $ تقريباً، وغاز التدفئة في البيت 50 ألف تومان أي أقل من 2 $.
الجمهورية الإسلامية الإيرانية تنصف شعبها
وتعطيه حقَّه بعزَّة واقتدار.#الشيخ_نعيم_قاسم— الشيخ نعيم قاسم (@shnaimkassem) September 3, 2022
*كاتب لبناني مقيم في دبي
الجزء الثاني: بروباغاندا الإيرادات النفطية.