الصاروخ اليمني الذي “أجّل” الاتّفاق النوويّ؟؟

2022-08-25

الصاروخ اليمني الذي “أجّل” الاتّفاق النوويّ؟؟

سريعاً “طار” مُستشار الأمن القوميّ الإسرائيلي إيال حولاتا إلى العاصمة الأميركيّة واشنطن حيث التقى نظيره الأميركيّ جايك سوليفان قبل 48 ساعة من إرسال الرّد الأميركيّ على الجواب الإيرانيّ في ما خصّ “المسوّدة الأوروبية” للخطوات اللازمة لإعادة إحياء الاتفاق النووي بين إيران والغرب.

هناك قال للأميركيّين ما مفاده: استبعاد “المنشآت السرّية” من تحقيقات الوكالة الدولية للطاقة الذرية سيدفعنا إلى قصف إيران من دون مراجعة أحد.

قد يكون هذا التدخّل الإسرائيلي في النقطة الأهمّ، التي طلبت إيران إضافتها، السبب في “تطيير” الاتفاق مجدّداً. فإيران اشترطت في ردّها المكتوب وقف التحقيقات في ما تعتبره الوكالة الدولية “منشآت نووية سريّة”، في حين تعتبر إيران أنّها وليدة “تقارير استخبارية كاذبة مصدرها الموساد الإسرائيلي”.

بحسب معلومات “أساس” من مصادر رسميّة في وزارة الخارجيّة الأميركيّة، فإنّ الولايات المُتّحدة أبلغت الأوروبيين والإيرانيين في ردّها أنّها لن توافق على هذا المطلب الإيراني.

إيران تُراهن على حاجة الأميركيين وأوروبا إلى نفط إيران وغازها على أبواب فصل الشّتاء، خوفاً من “تلاعب” روسيا بإمدادات الطاقة إلى أوروبا

ينطلق الرفض الأميركي “تقنيّاً” من أنّ هذه المسألة “ليست أميركية”، بل هي من اختصاص الوكالة الدّوليّة للطّاقة الذّريّة. إلى جانب ذلك رفضت أميركا تقديم ضمانات سياسيّة مكتوبة لإيران بشأن عدم الانسحاب مُستقبلاً من الاتفاق النّوويّ، لأنّه ببساطة لا يمكن لإدارة أميركية حاليّة أن تلزم أيّ رئيس سينتخبه الشعب الأميركي في المستقبل بقرارات لا يمكنه التصرّف حيالها رفضاً أو قبولاً.

يهدف الرّد السّلبيّ الأميركيّ على الملاحظات الإيرانيّة إلى إلزام إيران بأن تقبل بالمسوّدة الأوروبيّة كما هي من دون أيّ إضافات.

لكنّ إيران تُراهن على حاجة الأميركيين وأوروبا إلى نفط إيران وغازها على أبواب فصل الشّتاء، خوفاً من “تلاعب” روسيا بإمدادات الطاقة إلى أوروبا، وهو ما يظنّ الإيرانيون أنّه سيدفع الغرب إلى تقديم المزيد من التنازلات.

عبّرَت عن هذا الأمر صحيفة “كيهان” الأصوليّة النّاطقة بلسان المُفاوض الإيرانيّ الفعليّ، المرشد عليّ خامنئي، بما سمّته “نصيحة للوفد المُفاوض” تنصّ على “عدم تجاهل الحقوق الإيرانية غير القابلة للتنازل أو التفاوض عليها، وإدراك أنّه إذا تمّ التمسّك بالأهداف والمصالح الوطنية للبلاد، فإنّ أوروبا والولايات المتحدة في نهاية المطاف سوف يُجبرون على التراجع”.

ورأت الصّحيفة أنّه “لم يعد السّماح الأميركيّ ببيع النفط في ظلّ أزمة الطّاقة ونقص الوقود امتيازاً كبيراً لإيران مقابل تقديم تنازلات نووية، إذ إنّ الطاقة باتت حاجة حيويّة للغرب”، مضيفةً أنّ “الغرب يستجدي حاجته باسم تقديم التنازلات”.

 

يأتي الرّدّ الأميركيّ متزامناً مع أحداث لا بدّ من التّوقّف عندها:

أوّلاً: عرَضَ المُستشار الإسرائيليّ أمام نظيره الأميركيّ ما سمّاه معلومات عن “التطوّر الكبير” في البرنامج النّوويّ الإيرانيّ، وقال له إنّ تل أبيب تُراقب عن كثب كلّ أنشطة طهران النّوويّة.

كان الأخطر أنّ حولاتا تباهى أمام نظيره الأميركيّ بأنّ الطائرات الإسرائيليّة خرقَت الأجواء الإيرانيّة مرّات عديدة خلال الأشهر الثّلاثة الأخيرة، واصفاً ذلك بـ”المناورات النّاجحة”.

ردّ سوليفان على نظيره الإسرائيليّ بأنّ الرّئيس جو بايدن مُلتزمٌ بـ”أمن إسرائيل” وضمان تفوّقها العسكريّ على خصومها في المنطقة، خصوصاً “إيران وأذرعها”، وأنّ إدارة بايدن لن تتوانى عن تقديم كلّ الدّعم المطلوب في هذا الإطار.

لكن بخصوصِ الاتفاق النّوويّ كان الموقف الأميركيّ مُعاكساً. إذ قال سوليفان إنّ بلاده لا تزال مُلتزمةً بالدّبلوماسيّة كـ”خيار وحيد لمنع إيران من امتلاك قنبلة نوويّة”. وقال لضيفه الإسرائيلي: “نعتقد أنّ المسوّدة الأوروبيّة بحرفيّتها، من دون الإضافات الإيرانيّة غير المقبولة، كفيلة بمنع إيران من حيازة قنبلة نوويّة”.

ثانياً: أثناء كتابة الردّ الأميركي، هاجمت مجموعات موالية للحرس الثوري الإيراني القاعدة الأميركية في حقول دير الزور، فردّ الأميركيون بغارات على مواقع للحرس الثوري في المنطقة. بحسب معلومات “أساس” من مصادر رسميّة أميركيّة، فإنّ الرّدّ الأميركي في بيان قيادة المنطقة الوسطى CENTCOM كان الثّاني، إذ سبقه بليلة قصفٌ صاروخيّ أميركيّ على مواقع لميليشيات “فاطميّون” الأفغانيّة في محيط منطقة البوكمال.

بحسب معلومات “أساس” من مصادر رسميّة في وزارة الخارجيّة الأميركيّة، فإنّ الولايات المُتّحدة أبلغت الأوروبيين والإيرانيين في ردّها أنّها لن توافق على هذا المطلب الإيراني

كانت إيران حاولت من خلال استهداف القواعد الأميركيّة أن تضغط على أميركا وكأنّها تقول لها: “سقوط الاتفاق النّوويّ يعني عودة استهداف المصالح الأميركيّة في منطقة غرب آسيا”.

 

إسرائيل قصفت اليمن

ثالثاً: كشفَ رئيس الأركان الإسرائيلي أفيف كوخافي أنّ سلاح الجوّ الإسرائيلي نفّذ ضربة جويّة على “دولة ثالثة” لم يسمّها خلال المواجهة الأخيرة مع حركة الجهاد الإسلاميّ في قطاع غزّة.

بحسب المعلومات، فإنّ الغارة الإسرائيليّة كانت في الأراضي اليمنيّة، حيث كان الحرس الثّوريّ يُحاول إطلاق صاروخ باليستيّ نحو مدينة “إيلات” جنوب الأراضي المُحتلّة، خلال العدوان الإسرائيلي على “حركة الجهاد الإسلامي”، العسكريّ في غزّة والأمنيّ في الضفّة الغربية.

هذا الصاروخ هو تأكيد لنظرية مُعادلة “وحدة السّاحات” في أيّ مواجهة مع إيران أو أذرعها في الشّرق الأوسط. تلك النظرية التي سوّق لها الأمين العامّ للحزب في خطاباته، وأعاد الحديث عنها رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنيّة بعد لقائه الأمين العام للحزب، وتحدث عنها أيضاً الأمين العام لحركة الجهاد زياد النخالة، خلال زيارته طهران.

أراد الإيرانيون من اليمن أن يبعثوا رسالة “وحدة الساحات”، للإيحاء بأنّها ستكون “قيد التنفيذ” في حال شنّت إسرائيل غارات على البرنامج النّوويّ الإيرانيّ أو على الحزب في لبنان، إذا وصلَ الاتفاق إلى خواتيم سعيدة ووقّعت طهران وواشنطن عليه.

بدوره، كان الجيش الإسرائيليّ يُثبّت للإيرانيين، الذين كان يجلسون إلى طاولة فيينا وقتذاك، مُعادلة “العمليّات الاستباقيّة ضدّ أيّ خطر على الكيان” التي كانت عمليّة غزّة ضدّ “الجهاد” واحدة منها. وقد أعلن عنها وزير الحرب الإسرائيلي بيني غانتس بعد انتهاء عدوانه على “الجهاد” بأن قال: “لنا الحقّ في حماية مواطنينا من خلال عمليات استباقية من خان يونس إلى طهران”.

إقرأ أيضاً: لحظة الحسم في فيينا: التوقيع النهائيّ أو الانهيار الأبديّ…

تترنّح الطّاولة في فيينا ولم تسقط بعد. عادَ مصيرها إلى طهران، إمّا أن تقبل بالتفاوض على نقاطها المرفوضة أميركيّاً، وإمّا أن تنهار الطّاولة وتهبّ رياح التصعيد مُجدّداً من طهران إلى تل أبيب… ومن خان يونس… إلى طهران.

مواضيع ذات صلة

لغز “رئيس الـ86″… ونتنياهو يسوّق خسارته البرّيّة..

بالتوازي بين الميدان والسياسة، كلّ العوامل يتمّ إنضاجها لتترافق مع الحلّ سلسلة خلاصات ستترجم في قرارات دولية ستغيّر المشهد السياسي في لبنان. في الجنوب اشتباك…

نتنياهو يضمّ ساعر.. تمهيداً لضرب إيران؟

شكّلت الخطوة التي قامَ بها رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو بتوسيع الائتلاف وضمّ الوزير السّابق جدعون ساعر مؤشّراً إلى ما تنوي تل أبيب فعله في…

الرّئاسة بين “ديل” برّي و”تهريبة” باسيل

يُقال إنّه في خضمّ المعارك لا يتمّ تبديل الضبّاط المشرفين على العمليات. فهل يمكن انتخاب رئيس، بين جولة قتالية وأخرى، على وقع الصواريخ والقذائف؟ على…

الرّئاسة من خرم الحرب: صفر نتيجة

لا تزال لغة الميدان تطغى على أيّ مسعى خارجي أو داخلي للجم كرة نار الحرب الكبرى، وأجّجتها أكثر تصفية الحسابات الإيرانية-الإسرائيلية التي باتت جزءاً أساسيّاً…