تتّجه الحرب الكلاميّة بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية إلى مزيد من التصعيد الذي ستؤجّجه أكثر مداولات الكواليس التحضيرية لانتخاب رئيس الجمهورية و”كباش الأحجام” تمثيلاً وعدداً.
بلغة الأرقام تفوّقت لوائح القوات، كما يقول الباحث في “الدولية للمعلومات” محمد شمس الدين لـ”أساس”، بـ 40 ألف صوت من كلّ الطوائف على التيار الوطني الحر في الانتخابات النيابية الماضية.
أمّا مسيحيّاً فالفوارق كانت واضحة جداً لمصلحة القوات. ووفق “الدولية للمعلومات” نال التيار الوطني الحر ما نسبته 21.14% من أصوات المسيحيين والقوات 30.8%.
في هذا الوقت لا توفّر القوات جهداً لجذب نواب من قوى التغيير والمستقلّين نحو “مصنع” معراب لإنتاج رئيس الجمهورية المقبل: مواصفات وأسماء.
ينشط النائب ملحم الرياشي بقوّة على هذا الخطّ في محاولة لإقناع “التغييريّين” بأنّ “الشراكة في اختيار الاسم تعني أيضاً شراكة في الاستثمار في الرئيس المقبل”.
تتّجه الحرب الكلاميّة بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية إلى مزيد من التصعيد الذي ستؤجّجه أكثر مداولات الكواليس التحضيرية لانتخاب رئيس الجمهورية و”كباش الأحجام” تمثيلاً وعدداً
تفيد آخر المعطيات أنّ اجتماعاً حصل بين النائب ميشال معوّض ورئيس حزب القوات سمير جعجع تمحورت خلاصته حول إمكانية أن يكون معوّض مرشّح لقوى التغيير والمعارضة.
جعجع يخوض معركة العودة إلى جنة السلطة
لكنّ الأمر ما يزال اقتراحاً وحسب، ولم تعطِ معراب رأيها الحاسم بعد، خصوصاً أنّ الاسم الذي يضمره جعجع سرّاً لخوض المعركة الرئاسية من خلاله لم يتبلور بعد. وحظوظ جعجع المعدومة رئاسياً لا تعيق جهوده لمحاولة الإطاحة بأيّ محاولة لـ “تنصيب” حزب الله وباسيل رئيساً من خارج أجندة معراب السياسية.
يقول مواكبون لأداء جعجع: “حصد رئيس القوات هزائم متتالية خلال ولاية عون الرئاسية التي كان شريكاً أساسيّاً في صناعتها، وهو ما أبقاه طوال الفترة الماضية “خارج الزمن” بحسابات السلطة والنفوذ والتمدّد في مؤسّسات وإدارات الدولة. واليوم بدأت مرحلة تقليص الخسائر والاستثمار في مرحلة أفول العهد العوني”.
بلغت لغة التحريض من الجانبين، العوني والقواتي، حدّها الأقصى في الأيام الماضية مؤجّجةً في نفوس مناصري المعسكرين مناخات التسعينيّات السابقة لاعتقال جعجع ونفي عون.
باسيل يراهن على تغييرات مماثلة للعام 2016
على مقلب جبران باسيل وعلى الرغم من الدعوات المتكرّرة من جانب رئيس التيار إلى عقد اتفاق ثلاثي يجمع باسيل وجعجع وسليمان فرنجية أو ثنائي مع واحد منهما لـ “تجيير” التمثيل المسيحي والشعبي لمرشّح الرئاسة المقبل، إلا أنّ في الخلفيّة الحقيقية لباسيل “لا مرشّح يستأهل الرئاسة سوى جبران باسيل” لكثير من الاعتبارات يحور رئيس التيار ويدور حولها.
وفي كواليس حليفة وقريبة من التيار تضجّ تساؤلات من نوع: “إذا كان باسيل الذي حيّد نفسه علناً عن سباق الترشيحات يعتبر نفسه فعلاً صاحب أكبر كتلة نيابية ومسيحية وصاحب قرار مؤثّر، فما الذي يمنعه من تبنّي ترشيح أحد النواب الموارنة في كتلته و”تسويقه” لدى الآخرين؟ ولماذا يوجّه باسيل دعوة لفرنجية “الذي حجمه نائب”، كما يقول، أو لجعجع الذي لا يلتقي معه عند أيّ موقف أو ملفّ للتنسيق والتوافق على مرشّح يجيّرون تمثيلهم له؟ هل هذه فعلاً فكرة عمليّة تسرّع في انتخاب رئيس الجمهورية؟”.
تفيد آخر المعطيات أنّ اجتماعاً حصل بين النائب ميشال معوّض ورئيس حزب القوات سمير جعجع خلاصته طرح معوّض نفسه كمرشّح لقوى التغيير والمعارضة طالباً دعم القوات
يقول أحد المواكبين لملفّ رئاسة الجمهورية: “عدم إجراء الاستحقاق الرئاسي في موعده الدستوري هو عامل إيجابي لباسيل لِما يمكن أن تحمله رياح التفاهمات الدولية من تأثيرات انقلابية على المشهد الرئاسي الحالي”، داعياً إلى مراجعة حقبة الـ 2016: “من كان يصدّق أنّ سعد الحريري وسمير جعجع سيوصلان ميشال عون، مرشّح حزب الله، بأيديهما إلى قصر بعبدا؟”!.
“التيار” يشد عصب المحازبين
عمليّاً، يعمل الكلّ على تحسين ظروف معركته بما في ذلك ميشال عون نفسه. ولم يتردّد الأخير في الأسابيع الماضية في فتح أبواب القصر الجمهوري خارج أيّ إطار بروتوكولي لاستقبال ناشطين ومحازبين من التيار الوطني الحرّ بهدف رفع معنويّاتهم وإجراء جردة لإنجازات العهد والألغام التي انفجرت بوجهه، وتسمية القوى الداخلية التي تواطأت ضدّه، مع تحفيزه هؤلاء للمرحلة المقبلة مع عبارة يرددها أمامهم: “ما تتركوا جبران”.
يهجس ميشال عون عشيّة مغادرته قصر بعبدا بأمرين أساسيّين:
1 ـ هويّة من سيجلس مكانه في قصر بعبدا ومدى استعداده، كما يقول في مجالسه الخاصة، “لإكمال ما بدأته، فإذا كان الرئيس المقبل مقتنعاً بمعاركي المحقّة التي خضتها ضدّ الجميع لاستعادة الدولة سيكون الأمر سهلاً عليه. أمّا إذا كان ثمّة من يُدار بالريموت كونترول فعلى الرئاسة ولبنان السلام”.
2 ـ أما الامر الآخر فهو مصير جبران باسيل السياسي والحزبي ومآل حلفه مع حزب الله وحلفاء الأخير. وتبدو لافتة في هذا السياق الورشة الحزبية داخل التيار وكأنّ ثمّة من استفاق فجأة على ضرورة إشراك المحازبين في صلب عملية أخذ القرار، وهو الأمر الذي كان غائباً طوال إمساك باسيل بمفاصل إدارة الحزب.
إقرأ أيضاً: نتائج الطعون في تشرين الأوّل.. مشلب لـ “أساس”: لا ضغوط علينا!
وإلى ذلك، هناك اللقاءات الشبابية المتتالية التي يقيمها رئيس التيار بهدف شدّ العصب وخلق حالة تضامن وتعاطف معه في ظلّ معطيات شبه مؤكّدة عن توجه نواب من التيار نحو الانفصال عن “تكتّل لبنان القوي” بعد فترة من مغادرة عون القصر الجمهوري.