رُفِعت الجلسة التشريعية يوم الثلاثاء عند الوصول إلى البند الـ25 المتعلّق بحماية مبنى أهراءات القمح في مرفأ بيروت. من أصل جدول مؤلّف من أربعين بنداً لم يتضمّن أيّ بنود إصلاحية باستثناء تعديل قانون السرّيّة المصرفية الذي تمّ إقراره من ضمن رزمة طويلة من شروط صندوق النقد الدولي لتلبية متطلّبات التعافي المالي والاقتصادي.
يجزم مصدر نيابي لـ”أساس” أن لا تأكيدات حتّى الآن لاحتمال دعوة الرئيس نبيه برّي إلى جلسة تشريعية قبل 31 آب الجاري موعد بدء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس الجمهورية، وبالتالي قد تكون الجلسة الأخيرة في هذا العهد. اللجان النيابية شغّالة، لكنّ الرئيس برّي لن يدعو إلى جلسة مجدّداً قبل طبخ القوانين المرتبطة بخطة التعافي المالي والاقتصادي وإعادة هيكلة القطاع المصرفي وموازنة 2022 والكابيتال كونترول.
عملياً، توسّعت دائرة الاهتمام بالبنود الأربعين، بين “بند الأهراءات” الذي تسبّب برفع الجلسة والبنود الإصلاحية الغائبة وطريقة التعاطي مع اقتراحات القوانين التي تحمل صفة العجلة.
يجزم مصدر نيابي لـ”أساس” أن لا تأكيدات حتّى الآن لاحتمال دعوة الرئيس نبيه برّي إلى جلسة تشريعية قبل 31 آب الجاري
اتّجهت أنظار العسكريين وجزء من موظّفي الفئة الأولى، تحديداً، إلى البنود التي حملت الرقم 24 و28 و35، لأنّ جميعها ترتبط بشكل وثيق بالتمديد لمدنيّين وعسكريين في مواقعهم ربطاً بالأفق المسدود على مستوى تشكيل الحكومة واحتمال عدم حصول الانتخابات الرئاسية، وهو ما يمنع من حصول التعيينات المطلوبة، خصوصاً أنّ عدداً كبيراً من المديرين العامّين اليوم يشغلون مواقعهم بالتكليف.
تضمّن اقتراح القانون رقم 24 في جدول الأعمال تعديل المادّتين 56 و57 من المرسوم الاشتراعي رقم 102 الصادر عام 1993 (قانون الدفاع الوطني) المقدّم من عضوَيْ اللقاء الديمقراطي هادي أبو الحسن وبلال عبدالله. أسقط مجلس النواب في جلسة الثلاثاء صفة العجلة عن القانون وأُحيل إلى اللجان لمزيد من الدرس.
قائد الجيش أيضاً
يتعلّق القانون بالتسريح الحكمي للعسكريين، ويقترح التمديد لهم، وفق الاقتراح، سنتين في مواقعهم ويُسرّحون حكماً بعد انتهاء المدّة، وتكون مدّة تطبيق القانون ثلاث سنوات فقط. وقد أثار الكثير من اللغط في المؤسسات الأمنية والعسكرية بحيث بدا أنّه مفصّل على قياس ضبّاط كبار أوّلهم رئيس الأركان أمين العرم، صديق وجار وليد جنبلاط، الذي يُحال إلى التقاعد في 24 كانون الأول المقبل، إضافة إلى أعضاء في المجلس العسكري في قيادة الجيش، ويمكن قائد الجيش الحالي أن يستفيد منه أيضاً.
استند مقدّمو الاقتراح بشكل أساس على واقع وقف التطويع في المؤسسات الأمنيّة والعسكرية، فيما رافضوه يرون أنّه يخلق حالة تمييز غير عادلة بين الضبّاط توفّر تمديداً لبعض الضباط الكبار على حساب باقي الضبّاط في الأسلاك حين تنقضي مهلة تطبيق القانون بعد ثلاث سنوات.
لكن في مقابل اقتراح القانون المقدّم من نائبَيْ كتلة وليد جنبلاط تقدّم نواب حزب الله علي عمّار وحسن فضل الله ورامي أبو حمدان باقتراح قانون يسدّ إحدى ثغرات هذا القانون ويرمي “إلى زيادة السنّ القانونية للتقاعد الحكمي لبلوغ السنّ القانونية للتقاعد في الخدمة الفعلية من رتبة ملازم إلى رتبة مقدّم ولرتباء وأفراد الجيش” (البند 28).
توسّعت دائرة الاهتمام بالبنود الأربعين، بين “بند الأهراءات” الذي تسبّب برفع الجلسة والبنود الإصلاحية الغائبة وطريقة التعاطي مع اقتراحات القوانين التي تحمل صفة العجلة
لم يصل مجلس النواب في نقاشاته إلى هذا البند، لكنّ مقدّميه رموا إلى “تغطية” الشريحة من الضباط الذين قد لا يشملهم الاقتراح الأوّل. والمرجّح في حال تحديد جلسة تشريعية أن تسقط عنه أيضاً صفة العجلة ويُحال إلى اللجان النيابية لدراسته.
تمديد سنّ التقاعد
كذلك تتقاطع المعطيات عند رفض اقتراح القانون المعجّل المكرّر المقدّم أيضاً من النائب بلال عبدالله لتعديل الفقرة الأولى من المادة 68 من المرسوم الاشتراعي 112 (نظام الموظفين) لتمديد سنّ التقاعد أو الصرف من الخدمة لكلّ الموظفين إلى الثامنة والستّين من العمر، أي بزيادة أربع سنوات. في الجلسة التشريعية الأخيرة لمجلس النواب قبل الانتخابات النيابية طار النصاب قبل الوصول إلى القانون المذكور.
في جدول الأعمال الحالي حلّ هذا القانون في المرتبة الـ35 من أصل جدول أعمال الـ40 بنداً، وكان توقّع كثيرون أن لا يصل النقاش إليه في جلسة يوم الثلاثاء.
يعالج هذا القانون، برأي كثيرين، “حالة” اللواء عباس إبراهيم الذي يُحال بعد نحو تسعة أشهر إلى التقاعد، وهو ما يعطيه إمكانية البقاء في موقعه حتى الثمانية والستين بدلاً من الرابعة والستين. لكنّ الأخير ينفي بشكل قاطع علاقته بتقديم هذا الاقتراح، وذهب، وفق المعلومات، إلى حدّ رفض أن يكون رأس حربة في الدفع باتجاه إقراره بعد مراجعته من قبل العديد من المديرين العامّين وموظّفي الفئة الأولى كي يأخذ بصدره تسويق هذا الاقتراح. سبقه نفي أيضاً على لسان النائب بلال عبدالله في تصريح لـ “أساس” قال فيه إنّ “القانون ليس مفصّلاً على قياس أحد، لكنّه يعالج حالة الشغور في ملاكات وإدارات الدولة بسبب قرار الدولة عدم التوظيف، وهذا الشغور يصل أحياناً إلى 50% و60%، وهناك جزء كبير اليوم يقوم بمهامّه بالتكليف، والقانون يتيح لنا الاستفادة من بعض الكفاءات في الإدارة”.
إقرأ أيضاً: قائد الحرس الجمهوري “في إجازة”: ضاق ذرعاً بباسيل
احتمال البقاء من دون حكومة أصيلة تبتّ التعيينات في السلك الإداري وتسدّ الشغور في العديد من مواقع الفئة الأولى تحديداً، عزّز الرهان على إمكانية إقرار اقتراح القانون قبل انصراف مجلس النواب إلى مهمّة انتخاب رئيس الجمهورية الجديد. لكنّ المعلومات تشير إلى أنّ القرار السياسي لم ينضج للدخول في مدار التمديد في السلك العسكري والإداري، خصوصاً أنّ أيّ خطوة بهذا الاتجاه لدى العسكر أو الإداريين ستستتبع مطالبات بإقرار التمديد لدى الطرف الآخر.