أجرى موقع “أساس” 5 مقابلات مع محلّلين ومسؤولين سياسيين أميركيين وعرب، ليسألهم عن رأيهم في زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن للمنطقة، من فلسطين وإسرائيل وصولاً إلى المملكة العربية السعودية.
في الآتي أبرز ما قالوه في هذه المقابلات المصوّرة:
ديفيد ديروش*: إيران غير قادرة على الحرب
بدأت جهود جدّيّة لتعاون أمنيّ مشترك في الشرق الأوسط بين 2006 و2007، واستمرّت في عهد إدارات جورج بوش الابن وباراك أوباما ودونالد ترامب، لكن لا أعتقد أنّنا سنحصل على تعاون شبيه بحلف “الناتو”.
وجود “ناتو شرق أوسطيّ” صعب لأنّ الدول العربية لم تستطِع توحيد جهودها العسكرية، فكيف إذا وضعت إسرائيل معها. الأرجح هو إنشاء غرفة تبادل معلومات استخبارية، وأن تُقدّم إسرائيل تكنولوجيا دفاع جوّي للدول العربية ومعلومات من داخل إيران.
تتركّز الاستراتيجية الإيرانية تحت سقف الردّ الأميركي. في الثمانينيات تخطّت إيران السقف في مياه الخليج حين أطلقت صواريخ على سفن أميركية، فدمّرت أميركا القطع البحرية الإيرانية، ولهذا كان قتل قاسم سليماني وأبي مهدي المهندس لنقول إنّه لا فرق بين الأجنحة السياسية وتلك العسكرية.
* مسؤول سابق في وزارة الدفاع الأميركيّة
مبارك آل عاتي*: الأولويّة للتعاون الاقتصاديّ
الزيارة مفصليّة في تاريخ علاقات البلدين التي تمتدّ لأكثر من 8 عقود، وهي بُنيت منذ بدايتها على الندّيّة والاحترام المتبادل وعدم التدخّل في الشؤون الداخلية. آمل أن تعيد العلاقات السعودية الأميركية إلى مسارها الطبيعي، وليس سابق عهدها، لأنّ الثقة اهتزّت لأسباب لا تخفى على أحد. وتحتاج إعادة العلاقات إلى مزيد من الوقت وإلى نَفَس طويل وإلى صبر.
بالنسبة إلى “الناتو العربي”، هناك اتفاقات دفاع عربي مشترك، وتعاون ملموس بيننا وبين مصر والأردن والعراق. القدرة الخليجية مهمّة جداً، لكنّ التعاون بين هذه الأطراف يتجاوز مرحلة وجود “ناتو عربي” لأنّ المُهدّد واحد والمصير واحد، لكنّ التجمّع قد يؤدّي إلى تعاون اقتصادي. وأستبعد وجود إسرائيل، لأنّها ليست بحاجة إلى “ناتو إقليمي” بسبب الغطاء الأميركي والروسي والأوروبي، ولا تحتاج إلى أن يدافع عنها أحد.
* محلّل سياسيّ سعوديّ
حازم الغبرا*: زيارة تدارك الأخطاء
زيارة بايدن هي “زيارة تدارك الأخطاء” التي قام بها الرئيس الأميركي في أوّل فترة من رئاسته بمحاولة ابتعاده عن المملكة العربية السعودية وإسرائيل، والتقارب مع إيران. بعد سنتين من عهد إدارته بدأ تدارك هذه الأخطاء.
لم يكن من حاجة إلى لين إدارة بايدن مع إيران لأنّها ترعى الإرهاب منذ عقود. لقد تصرّف بايدن بشكل عشوائي. نتمنّى أن يتدارك هذه المشكلة. لكنّ الشراكة الكبرى بين دول المنطقة والولايات المتحدة وتقارب خليجي إسرائيلي بسبب العدوّ المشترك سيؤدّيان إلى مزيد من الضغوط على إدارة بايدن. يجب أن يكون حلّ العصا موجوداً على الطاولة، وعلى إيران أن تجرّب العصا بعد الكثير من الجزر.
سيعطي التقارب الخليجي الإسرائيلي المجال لتحرّك عسكري ضدّ إيران من دون تدخّل أميركي.
* مستشار سابق في وزارة الخارجيّة الأميركيّة
أحمد مسلماني*: أمن مصر والخليج واحد
جافى الرئيس جو بايدن أكبر دولتين في المنطقة، مصر والسعودية، ولم يتحدّث إليهما طوال 500 يوم. ثمّ اضطرّته حرب غزّة إلى أن يتحدّث إلى القاهرة، وحرب أوكرانيا إلى أن يتحدّث إلى الرياض. حتّى زيارته للسعودية كان متردّداً حيالها. لم يكن هذا التردّد البايدنيّ مناسباً.
وجود مصر طبيعي لأنّها حليفة دول الخليج، ولا يمكن ضمان أمن مصر من دون أمن الخليج، والعكس صحيح، وبالتالي الأمن مشترك والتاريخ مشترك. وخطاب الدول الـ9 عقلانيّ.
العراق ساحة عربية وليس ساحة إيرانية، ويجب أن نمدّ أيدينا إلى عروبة العراق بمواجهة الأيديولوجيا المتطرّفة. وجود مصطفى الكاظمي مهمّ جداً، ولا يمكن أن نسلّمه إلى إيران. ويجب أن ننتزع النخبة العراقية التي ذهبت إلى إيران. أن يأتي الكاظمي إلى الرياض والقاهرة وعمّان يعني أنّه لا يتصرّف طائفياً بل وفق سياسة قائمة على الاحترام.
* مستشار رئاسيّ سابق في مصر
بشار جرّار*: فلسطين ليست أولويّة
بالنسبة إلى السياسة الأميركية في الملفّ الفلسطيني، وتماسها مع أمن إسرائيل، فإنّه لا فوارق بين الحزبين، الجمهوري والديمقراطي، ولا بين الإدارات الأميركية المتعاقبة. هي عملية تراكميّة تعود جذورها إلى هنري كيسنجر، وسياسة “الخطوة خطوة” التي قدّمها للدبلوماسية الأميركية في الشرق الأوسط.
لكنّ حلّ “رؤية الدولتين” بدأه الحزب الجمهوري، وتلقّفه باراك أوباما، وتوتّرت علاقات أميركا مع إسرائيل بسببه، الأمر الذي أدّى إلى جموده وفشل أوباما، وكان بايدن نائب الرئيس يعلم سبب الفشل.
أعلنت مقالة بايدن في “واشنطن بوست” أنّ الأساس في زيارته المنطقة هو السعودية، وهدفها “إعادة توجيه العلاقات” والتركيز على موضوع الطاقة والتهديدات الإيرانية. أمّا الملفّ الفلسطيني فليست له الأولوية التي حملها عنوان الزيارة.
ولّى عهد “الأمن مقابل الطاقة”، فالسعودية تطوّرت والمنطقة تطوّرت.
أمّا لقاء بايدن بمحمود عباس فليس مهمّاً لأنّه جرى في بيت لحم وليس في رام الله، وبوجود الوفدين ولم يكن لقاءً ثنائياً. ومقابل الـ100 مليون دولار لمستشفيات فلسطينية في القدس الشرقية، قدّم 4 مليارات دولار لإسرائيل، والتزاماً أبديّاً بأمنها وتفوّقها.
أمّا الـ100 مليون دولار فهذه مساعدة إنسانية وليست سياسية، وقسم كبير منها سيذهب لتسديد ديون مستحقّة على هذه المستشفيات لمؤسّسات إسرائيلية. وبايدن لم يفِ بوعده بأن يعيد فتح القنصلية الأميركية في القدس الشرقية، وهذا صعب سياسياً ودبلوماسياً لأنّه لا يمكن وضع سفارة وقنصلية في مكان جغرافي واحد.
* عضو الحزب الجمهوري الأميركي وخبير في السياسة الأميركيّة