بات تسلّل الشلل إلى المؤسسات الأمنيّة أمراً عاديّاً ما دامت دولة الكوما تفرض “سطوتها” في ظلّ حكومة تصرِّف الأعمال يُتوقَّع أن تتسلّم صلاحيّات رئيس الجمهورية لعجز الرئيس المكلّف عن تأليف حكومة أصيلة.
في 16 حزيران الماضي أُحيل قائد القوى السيّارة العميد جهاد الحويك إلى التقاعد من دون تعيين بديل عنه، ففقد مجلس القيادة في قوى الأمن الداخلي نصابه، إذ إنّه يتألّف من عشرة أعضاء برئاسة المدير العامّ، ونصاب القرارات فيه هو 8 من 11.
نتجت الأزمة بشكل أساس عن عدم توقيع مراسيم ضبّاط صدرت أوامر فصل بنقلهم إلى مواقعهم الجديدة بصفة “مساعد أوّل”، لكنّ مراسيم تثبيتهم بالأصالة لم تصدر. هؤلاء الضبّاط هم قائد شرطة بيروت العقيد أحمد عبلا (صدرت برقية فصل بتعيينه مساعداً أوّل لقائد شرطة بيروت منذ نحو سنة)، ورئيس قسم المباحث الجنائية الإقليمية العميد حسين خشفة الذي صدرت قبل أيام برقية فصل بتعيينه في الإدارة المركزية، ورئيس شعبة الخدمة والعمليات العقيد جان عواد في القوى السيّارة الذي عُيّن محلّ الحويك قبل ساعات من إحالة الأخير إلى التقاعد.
تقول المعلومات إنّ توافقاً سياسياً حصل أخيراً على تعيين العقيد جان عوّاد في القوى السيّارة بعدما كان رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل طلب في البداية تعيين قائد منطقة جبل لبنان العقيد جهاد الأسمر
أمّا رئيس الأركان السابق العميد مارون شمّاس المُحال إلى التقاعد فلم يُعيِّن المدير العامّ لقوى الأمن الداخلي حتى الآن بديلاً عنه لأنّ العرف يقضي بتعيين ضابط من الطائفة الأرثوذكسية في هذا الموقع. ومن ضمن المطروحين حالياً ليس هناك ضابط أعلى من رؤساء الشعب الـ11 الذين يتبعون لرئاسة الأركان.
تقول المعلومات إنّ توافقاً سياسياً حصل أخيراً على تعيين العقيد جان عوّاد في القوى السيّارة بعدما كان رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل طلب في البداية تعيين قائد منطقة جبل لبنان العقيد جهاد الأسمر.
في المقابل لم يحصل توافق سياسي على تعيين رئيس الأركان، والموقعان مسيحيان عادةً ما يكون للتيار العوني الكلمة الفصل فيهما.
كان باسيل اختار تعيين رئيس مصلحة الآليات العقيد جهاد صليبا لرئاسة الأركان، لكنّ عثمان رفض لأنّ تعيينه سيطيح بكلّ رؤساء الشعب الذين يشكّلون أذرع المديرية العامّة لقوى الأمن. ما يزال حتى الآن تعيين رئيس الأركان عالقاً، ويتولّى رئيس شعبة المعلومات العميد خالد حمود راهناً مهامّ رئيس الأركان بالوكالة.
وفق مصدر مطّلع، “تُحلّ أزمة رئيس الأركان بتوقيع مراسيم ترقية الضباط برتبة عقيد إلى عميد، تلك العالقة منذ عام 2019، ويمكن حينئذٍ حلّ أزمة التراتبية”.
الترقيات التي وقّعت أمس
في هذا السياق، صدرت أمس دفعة جديدة من مراسيم ترقية ضباط من رتبة ملازم إلى عقيد يستحقّون الترقية في 1 تموز، من دون أن تُرفَق هذه المراسيم بمراسيم الضباط العالقة ترقياتهم عند توقيع وزير المال ربطاً بأزمة ترقية ضباط دورة 94.
وبعدما تردّدت في الأيام الماضية أحاديث عن قرب حلّ هذه المشكلة من خلال ربطها بمراسيم أخرى عالقة، ومنها حرّاس الأحراج وتعيينات أخرى، سرعان ما تبدّدت هذه الأجواء. ويبدو أنّ قراراً قد صدر بعدم منح الرئيس عون وجبران باسيل أيّcredit يصبّ في مصلحة رصيدهما في السلطة قبل نهاية العهد.
في العادة تحمل مراسيم التعيين في مجلس القيادة تواقيع رئيسَيْ الجمهورية والحكومة ووزيرَيْ الداخلية والمال، لكنّ المانع الأوّل لصدور هذه المراسيم هو رئيس الجمهورية.
يقول خصوم ميشال عون إنّه يستخدمها ورقة ضغط لفرض تعيينات أخرى داخل المؤسسة، ولعدم رضاه أيضاً عن بعض الأسماء المطروحة لعضويّة مجلس القيادة. أمّا مصادر رئاسة الجمهورية فتؤكّد أنّ عون لم يتسلّم أصلاً مراسيم هؤلاء الضباط، وبالتالي لم يتمنّع عن التوقيع، والأمر يصبّ في إطار الكيديّة السياسية لا أكثر.
سقوط “الأقدميّات“
ترافقت أزمة فقدان مجلس القيادة نصابه بسبب عدم صدور مراسيم الضبّاط مع “مطبّ” سقوط مشروع منح أقدميّات لعدد من ضباط قوى الأمن الداخلي وشعبة المعلومات.
كانت هذه الأقدميّات تحتاج، قبل فقدان مجلس القيادة نصابه، إلى ثمانية أصوات من أصل 11 كي تمرّ، لكنّ عدم تصويت قائد وحدة جهاز أمن السفارات العميد موسى كرنيب أدّى إلى سقوطها. وكانت هذه الأقدميّات قد اصطدمت بدايةً بمعارضة عونيّة عكسها موقف قائد الدرك العميد مروان سليلاتي.
إقرأ أيضاً: ملاكمة ميقاتي – باسيل: نجيب يتقدّم بالنقاط
عليه أُجِّل ملف الأقدميّات التي عادةً ما تتحوّل إلى “تنفيعات” تُعطى لضباط لا يكون لديهم أيّ إنجاز يُذكر باستثناء “إنجاز” ما هو أصلاً من أدنى واجباتهم.
وبسبب عدم بتّ الأقدميّات لرتبة مقدّم وما دون في مجلس القيادة لم يُصدر اللواء عثمان، من ضمن صلاحيّاته، أقدميّات لرتبتَيْ عقيد وعميد “منعاً لحصول تمييز بين الضباط ولأهمية الأقدميّات التي تُمنح للضبّاط من رتبة مقدّم وما دون”، كما يُنقل عن اللواء عثمان.