لا استشارات نيابية مُلزِمة هذا الأسبوع. بعد “طوشة” انتخاب طاقم مجلس النواب وتقطيع مرحلة الاستنفار اللبناني في شأن بلوك كاريش وقدوم الوسيط الاميركي إلى بيروت يتوقع مسارعة الرئيس ميشال عون للدعوة لاستشارات تكليف رئيس حكومة تحت ضغط “الوقت القاتل”.
الموعد الأقرب، وفق مطلعين، هو بداية الأسبوع المقبل، على أن تسبقها دعوة للنواب من رئيس الجمهورية قبل نهاية الويك أند. مع ذلك مصادر رئاسة الجمهورية تؤكد لـ “أساس” أنّ لا تاريخ محدداً بعد للاستشارات خصوصاً أنّه لا يوجد مؤشرات لترشيحات واضحة، وحتى الرئيس ميقاتي لم يعلن رغبته بقبول التكليف”!
حَشَر جبران باسيل رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بالزاوية، واصفاً إيّاه بـ”المُستقتِل” على رئاسة الحكومة، “وإذا لم يكن يريدها فليعلن ذلك”، مشيراً إلى أنّه “فقد شرعيّته الشعبية في الانتخابات”.
يقول أحد نواب قوى التغيير الياس جرادة لـ”أساس”: “مبادئنا واضحة ومتّفق عليها في ما يتعلّق بتسمية رئيس حكومة
ردّ ميقاتي على طريقته من خلال الموقع الإلكتروني المحسوب عليه الذي نَشَرَ أمس خبر “عدم ممانعة قوى سياسية من فريق 8 آذار وجزء من 14 آذار تسمية نائب بيروت نبيل بدر لتشكيل الحكومة العتيدة لقربه من خط تيار المستقبل”.
يأتي ذلك بعدما “تبرّع” ميقاتي شخصيّاً بتزكية أسماء لرئاسة الحكومة مباشرة على الهواء خلال مقابلة تلفزيونية ذاكراً بالاسم وزير الداخلية بسام المولوي والنواب أشرف ريفي وعبد الرحمن البزري وفؤاد مخزومي، إضافة إلى “مستشاره” الموجود خارج لبنان عامر البساط والمقرّب من فؤاد السنيورة.
ميقاتي يحرق الأسماء
مَن يعرف ميقاتي جيّداً يعلم أنّه يتسلّى برمي أسماء “محروقة” أصلاً، أو يفضّل ميقاتي إخراجها بنفسه من لائحة المنافسة عبر التسويق السيّء لها. أقلّه هناك ثلاثة من الأسماء هم المولوي وريفي ومخزومي يفضّل ميقاتي أن يكون منفيّاً خارج لبنان على أن يُسمّى أحدهم رئيساً للحكومة!
أمّا اسم بسام المولوي فهو “نهفة ميقاتيّة” بحدّ ذاته. مَن يجالس ميقاتي يعرف رأيه الصريح فيه، إن كان لجهة أدائه في وزارته وعلمه أنّه لا يسيطر على الداخلية أو لجهة معاينة ميقاتي لـ”تسويق” المولوي لنفسه لدى السعوديين من خلال التودّد في ملفّات مكافحة المخدّرات.
في السياق نفسه تقول مصادر باسيل لـ”أساس” إنّ “كلام رئيس التيار الوطني الحر لم يأتِ من عدم. فميقاتي بعث رسائل إلى عدّة مرجعيّات يعلن فيها رغبته بإعادة تكليفه حتى من دون شروط بعكس ما يوحي محيطه، فيما يتبنّى في الإعلام خيارات أخرى بهدف الاستبعاد والحرتقة فقط. لذلك المطلوب أن يحسم موقفه من ترشيح نفسه تحديداً”.
صحيح أنّ اسم ميقاتي على رأس لائحة المُحتمل تكليفهم، لكن في الأروقة تنغل أسماء أخرى لم تتّضح جدّيّتها بعد. المؤكّد أنّ اسم ميقاتي لن يكون وحيداً في يوم الاستشارات، وسيكون هناك “منافس” آخر يسعى نواب من قوى التغيير والمستقلّين إلى محاولة الاتفاق على اسمه، من دون تنسيق حتى الآن مع القوى السياسية و”السيادية” الرافضة لاسم ميقاتي.
المؤكّد حتى الآن أن لا توافق “محصّناً” سياسيّاً على تمرير تسمية نجيب ميقاتي لرئاسة الحكومة. البوانتاج غير مشجّع
فارق الصوت الواحد
يقول أحد نواب قوى التغيير الياس جرادة لـ”أساس”: “مبادئنا واضحة ومتّفق عليها في ما يتعلّق بتسمية رئيس حكومة. هناك رفض لحكومات الوحدة الوطنية المشبعة بالمحاصصة، وهي بدعة يجب أن تتوقّف، إذ يجب أن يكون هناك فريق يحكم ويتحمّل المسؤولية كاملة في مقابل فريق في صفوف المعارضة يصوِّب الحكم”.
يضيف جرادة: “ليس لدينا مشكلة شخصية مع أحد، بل مع البرامج. وكلّ رئيس حكومة سيُسمّى يجب أن يقدّم برنامجاً واضحاً لأخذ قرار التسمية على أساسه”، مؤكّداً أنّ “من أثبت عدم إنتاجيّته في السنوات الماضية يجب عدم إعادة تسميته”.
المؤكّد حتى الآن أن لا توافق “محصّناً” سياسيّاً على تمرير تسمية نجيب ميقاتي لرئاسة الحكومة. البوانتاج غير مشجّع، وآخر النماذج عدم مسايرة القوات لحليفها في الانتخابات وليد جنبلاط في تسمية ميقاتي رئيساً للحكومة.
لذلك ستكون تسمية رجل الأعمال ونائب طرابلس السابق في الانتخابات، والخاسرة اللائحة المدعومة من قبله، “مخوطرة” على فارق الصوت الواحد تماماً كما أتى انتخاب برّي رئيساً لمجلس النواب.
ميقاتي “غير ميثاقي”
اللافت هو الربط الذي بدأت بعض القوى المؤثّرة تلوِّح به بين رئاستَيْ الحكومة والجمهورية بسبب القرب الزمني للاستحقاقين، وكأنّهما “سلّة” متكاملة، وطرح السيناريوهات الافتراضية للمرحلة والمسارات المفترَضة لها.
هو أمرٌ بحدّ ذاته كفيل بتعقيد الطبخة، وربّما إحراقها بالكامل، بحيث تبقى حكومة تصريف الأعمال قائمة إلى ما شاء الظرف السياسي الذي يزداد خطورةً مع توقّع خبراء انفجار الوضع المالي والاقتصادي بشكل غير مسبوق.
الأمر الآخر المؤكّد أنّ قوى التغيير لم تتّفق على اسم محدّد بعد، ولم تباشر اتصالاتها مع قوى المعارضة الأخرى لبلورة اسم منافس ميقاتي في حال رَسَت القرعة السياسية عليه.
ميقاتي العائد، على الأرجح، سيكون من دون غطاء مسيحي كامل تماماً كما في التكليف الأوّل له في عهد ميشال عون في 26 تموز من العام الماضي حين نال 72 صوتاً من أصل 115 حضروا الاستشارات.
آنذاك تمنّعت كتل القوات والتيار الوطني الحر والنواب الأرمن عن تسميته، فيما أيّده تيار المستقبل والاشتراكي وحركة أمل وحزب الله والقومي وجزء من اللقاء التشاوري والمردة.
في التكليف الرابع لميقاتي، منذ تسميته رئيساً للحكومة أوّل مرّة عام 2005، ثمّ 2011، ثمّ 2021، يبدو “الحظر” المسيحي أكثر وضوحاً مع انضمام الكتائب ونواب استقالوا سابقاً من مجلس النواب والنواب الجدد من المستقلّين والتغييريّين إلى المجموعة الرافضة لتسمية ميقاتي.
قارب التيار الوطني الحر في التكليف السابق حدّ تسمية السفير نواف سلام، لكنّه تراجع عن قراره تحت ضغط من حزب الله، وأفتى بمعادلة “الميثاقية في التأليف وليس التكليف”.
إقرأ أيضاً: أزمة دستورية جديدة: ميقاتي مُصَرِّفاً ومُكَلَّفاً بلا تأليف
لا يُعرف اليوم هل يُعيد باسيل الكرّة طارحاً اسماً آخر بوجه ميقاتي قد يكون نقطة التقاء مع القوات وقوى التغيير؟
الأهمّ: هل يُعيد الرئيس عون الكرّة بتأجيل الاستشارات أسابيع عدّة كما فعل قبل تكليف ميقاتي الأخير بسبب غياب التوافق على التكليف والتأليف معاً؟