تسنّى لي أن أشاهد فيلم “سيدة الجنة” The Lady of Heaven. وهو الفيلم الذي أثار وما يزال يثير جدلاً واسعاً حول العالم. مؤلّفه وكاتب السيناريو والمموّل الرئيسي له هو رجل الدين الشيعي ياسر الحبيب. وقد أخرجه إيلي كينج.
يتطرّق فيلم “سيدة الجنّة” المثير للجدل إلى مشاهد هجمات تنظيم “داعش” على العراق في بداية الفيلم قبل أن يحكي قصّة السيّدة فاطمة ابنة الرسول (ص). ويمرّ على الأحداث التي أعقبت وفاة النبي عليه السلام وتسليم الخلافة، بالإضافة إلى تصوير مشاهد عن الاعتداء على بيت السيدة فاطمة بعد وفاة والدها، وإحراق منزلها وضربها.
Screenings continue at several VUE cinemas as we enter the second week of our UK release!
BOOK NOW at https://t.co/B4hWSRiOM3#TheLadyOfHeaven pic.twitter.com/5B0XAmE08z
— The Lady of Heaven (@TLOHmovie) June 10, 2022
قام ببطولة فيلم “سيّدة الجنّة” كلّ من غابرييل كارتيد في شخصية “ليث لانراوي”، وراي فيرون في شخصية “أبي بكر الصديق”، ومارك أنتوني برايتون في دور “عمر بن الخطاب”، وأوسكار سالم في دور “رائد”، وألباني كورتوا في شخصية “فاطمة لانراوي”، وكريس جرمان في شخصية “بلال”.
لماذا يثير الجدل؟
يتركّز النقد الموجّه إلى الفيلم بشكل كبير على تصوير العديد من صحابة النبي مثل أبي بكر الصدّيق وعمر بن الخطّاب وعثمان بن عفّان. إلا أنّ الموقع الإلكتروني للفيلم يؤكّد عدم تقديم أيّ شخصية مقدّسة، واستعمال “أضواء ومؤثّرات بصرية” عوضاً عن ذلك، على حدّ قوله.
تقول صحيفة إندبندنت البريطانية إنّ تصوير الشخصيات المقدّسة موضوع مثير للانقسام جدّاً بين المدارس الدينية في الإسلام. وقد منعت عدّة دول إسلامية، من بينها مصر وباكستان وإيران والعراق والمغرب، عرض الفيلم البريطاني الذي اعتبرته “مسيئاً”.
استنكر المجلس العلمي الأعلى في المغرب، وهو الهيئة الرسمية المسؤولة عن إصدار الفتاوى، محتوى الفيلم “بشدّة”. وندّد المجلس الذي يرأسه العاهل محمد السادس في بيان بـ”التزوير الفاضح لحقائق ثابتة في التاريخ الإسلامي”.
إلى ذلك قال المركز السينمائي المغربي في بيان إنّه قرّر “عدم منح التأشيرة لهذا الفيلم ومنع عرضه التجاري أو الثقافي على التراب الوطني”.
بدورها، أقالت الحكومة البريطانية مسؤولاً مسلماً يدعى عاصم قارئ، وهو إمام ومحامٍ، من منصبه، بعدما اتّهمته بتشجيع تظاهرات ضدّ الفيلم، معتبرةً أنّ ما فعله يتعارض مع كونه نائباً لرئيس مجموعة عمل حول الإسلاموفوبيا.
يتركّز النقد الموجّه إلى الفيلم بشكل كبير على تصوير العديد من صحابة النبي مثل أبي بكر الصدّيق وعمر بن الخطّاب وعثمان بن عفّان. إلا أنّ الموقع الإلكتروني للفيلم يؤكّد عدم تقديم أيّ شخصية مقدّسة
كانت شبكة “سينيوورلد” البريطانية لدور السينما قد اضطرّت إلى وقف عرض فيلم “سيّدة الجنة” الذي بدأ في الصالات في 3 حزيران، بعد تظاهرات نظّمها مسلمون خارج دور العرض التي قُدّم فيها.
من هو المؤلّف ياسر الحبيب؟
ولد في الكويت عام 1979، وتدرّج في المدارس والمعاهد التعليمية النظامية، ثمّ عمل بعد تخرّجه في الحقل الإعلامي والصحافي، بالإضافة إلى تلقّيه العلوم الدينية الشيعية بإيران. أُسقطت جنسيّته بتهمة زعزعة الأمن القومي في الكويت إثر قيامه في سنة 2010 بإقامة احتفال بذكرى وفاة عائشة بنت أبي بكر، ولتعمّده سبّ صحابة النبيّ عليه السلام وإصدار الكثير من الكتب للطعن فيهم.
ألقت السلطات الكويتية القبض عليه بتهمة التحريض على الطائفية من خلال التعرّض لرموز المذهب الإسلامي الآخر في الكويت، ثمّ تطوّرت القضية إلى قضية أمن دولة حكم فيها في أيار 2004 بالسجن لعشر سنوات، وأدانت الحكم الكثير من المنظمات الدولية التي تنشر تقارير مرتبطة بحقوق الإنسان كمنظمة العفو الدولية ووزارة الخارجية الأميركية، إلا أنّه قضى في السجن ثلاثة أشهر فقط، ثمّ أُطلق سراحه. صدرت بعد ذلك مذكّرة اعتقال ثانية بحقّه، إلا أنّه تمكّن من الهجرة غير الشرعية إلى العراق، ثمّ إلى إيران قبل أن يسافر ويستقرّ في إنكلترا بعد حصوله على حقّ اللجوء فيها.
إقرأ أيضاً: “صندوق الرمل”: الكشف عن جرائم ضدّ الإنسانيّة
أطلق الحبيب قناة “فدك” التي جمع التبرّعات لبثّها، فانطلقت في أيلول 2010، لكنّ بثّها لم يستمرّ بسبب ورود تهديدات. ثمّ أُعيد بثّ القناة بتاريخ 27 شباط 2011، فاستمرّ بثّها من لندن منذ ذلك الوقت حتى الآن. اختارتها هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) ضمن قنوات الكراهية الدينية الأكثر تطرّفاً. وكانت هذه القناة قد نظّمت حملة لجمع تبرّعات ماليّة لإنتاج فيلم سينمائي يحمل عنوان “سيّدة الجنّة”.