النائب رامي فنج: صديق لقمان سليم الهادئ والعنيد

مدة القراءة 5 د

منذ إعلان نتائج الانتخابات النيابية، كثُر التنقيب والتدقيق في ملفّات النواب التغييريّين لمعرفة مَن هم، وما هي خلفيّاتهم السياسية والفكرية. يحاول “أساس” في هذه الأسطر الإضاءة على نائب طرابلس الدكتور رامي فنج، أحد النواب الذين يحملون روح ثورة 17 تشرين 2019 وأهدافها.

 

ابن ضابط ومربّية أجيال

رامي، ابن سعد الله فنج، طبيب الأسنان في الجيش اللبناني، الذي وافته المنيّة منذ ستّ سنوات، وابن المربّية صباح القرق، المعلّمة والمديرة التربوية في مدارس روضة الفيحاء التي استعانت بها أخيراً لإعادة هيكلة المؤسّسة التربوية ذات الجذور الراسخة في المجتمع الطرابلسي. كانت أيضاً صحافية، فكتبت في عدّة صحف آخرها “البيان” الطرابلسية.

تلقّى تعليمه في مدرسة الفرير، وأكمل مرحلتَيْ المتوسّط والثانوي في روضة الفيحاء. حصل على البكالوريا الفرنسية ونال المرتبة الأولى على محافظة الشمال. كان والداه شديدَيْ الحرص على النظام والانضباط، وخاصة والدته التي كانت تطبّق النظام المدرسي بشكل صارم على أبنائها قبل غيرهم.

آمن بثورة الأرز، وأسهم في تأسيس تجمّع “14 آذار مستقلّون” في محاولة لإحياء روح “14 آذار”

والدٌ شهابيّ الهوى، ووالدةٌ قوميّة عربية كحال العشرات من أبناء ذاك الجيل المفعم بالمدّ العروبي، وعلى الرغم من ذلك لم تجذب رامي السياسة. انتقل إلى بيروت لدراسة طب تقويم الأسنان في الجامعة اللبنانية عام 1984، وعايش في تلك العشرية السوداء الاقتتال والحروب وبزوغ نجم حزب الله.

ما تزال صور تلك الحروب مطبوعة بذاكرته حتى اليوم. فقد رأى الكثير منها حين تطوّع مسعِفاً في الصليب الأحمر، بعدما كان ابتدأ المشاركة في أعمال إغاثة النازحين الهاربين من جحيم الاجتياح الإسرائيلي عام 1982 وهو في عمر الـ16، ومن حينها تعرّف على الفساد في بيع المساعدات.

 

غربة قصيرة

سافر إلى فرنسا لإكمال تخصّصه في جامعة مونبيلييه، ثمّ عاد إلى لبنان لفترة وجيزة، ثمّ رجع إلى فرنسا حيث عمل لسنتين، لكن لم يطِب له المقام فيها، إذْ كان يشعر بحنين شديد إلى الوطن يدفعه إلى البحث المضني في الراديو لالتقاط بثّ تردّدات صوت لبنان وسماع أغاني فيروز وتقصّي أخبار الوطن.

عاد إلى لبنان مع المتأمّلين بقيامة لبنان الجديد من بين الأنقاض، بعدما تأثّر بحركة إعادة الإعمار والبناء التي قادها الرئيس رفيق الحريري، وخاصة حينما عاين بنفسه كيف تحوّل وسطها من خرائب وخطوط تماس دموية خبِرها في سنوات الجامعة إلى مكان ينبض بالحياة والألق.

أسّس عيادته الخاصة في الشقّة حيث كانت عيادة والده في زاهرية طرابلس مقابل مدرسة الآباء الكرمليّين الشهيرة بـ”الطليان”. وعمل 14 عاماً في عيادة الدكتور زياد سلوم في رأس بيروت.

 

العمل الاجتماعي

دفعه شغفه بالعمل الاجتماعي إلى الانضمام إلى نادي “الروتاري” الذي يُنظر إليه أنّه أحد أذرع الماسونية العالمية، وهو ما ينفيه بشدّة، فـ”الروتاري” ما هو إلّا نادٍ اجتماعي لا علاقة له لا بالماسونية ولا بأجهزة الاستخبارات العالمية، كما يحلو للبعض الاتّهام.

المفارقة أنّه عضو في “الروتاري” لمدّة 20 عاماً رأس خلالها النادي لبضع سنوات، لكنّه قبل ذلك انتسب إلى جمعية “مكارم الأخلاق الإسلامية”، ولا يزال عضواً فيها، وقد دعمته في الانتخابات. الجدير ذكره أنّ شروط الدخول إلى “الروتاري” هي نفسها مطبّقة في “مكارم الأخلاق”.

يُفاخر فنج بالمشاريع الخيرية التي أسهم في إنجازها عبر نادي “الروتاري”. وكان النادي عيّنه مسؤولاً عن مشروع إدارة الكوارث في 9 دول، بينها لبنان، بالتعاون مع الصليب الأحمر الدولي، وبالتشبيك مع المنظمات العالمية.

 

17 تشرين ولقمان سليم

آمن بثورة الأرز، وأسهم في تأسيس تجمّع “14 آذار مستقلّون” في محاولة لإحياء روح “14 آذار”. جمعته صداقة مع بعض الشخصيات من أصحاب العقول اللامعة، أبرزهم لقمان سليم، وكان على موعد معه في اليوم التالي لاغتياله.

معارضته هيمنة حزب الله، وصداقاته مع الرموز والنخب المناهضة للحزب إيّاه عرّضته لسلسلة تهديدات زادت حدّتها بعد “17 تشرين” التي جذبته منذ لحظاتها الأولى، حيث وجد فيها الأمل الذي يبحث عنه منذ سنوات. اتّخذت هذه التهديدات أشكالاً مختلفة، من بينها عشرات الاتّصالات على هاتفه وهاتف المنزل التي دفعته في نهاية المطاف إلى قطعه، علاوة على المراقبة والأذيّة شبه اليومية.

إقرأ أيضاً: استدعاء الطبيب رامي فنج.. التهمة: “طرابلسي”

استدُعي إلى مخفر التل في طرابلس بتهمة تقديم الطعام إلى الثوّار، إضافة إلى المحتاجين، من خلال “مطبخ الثورة” الذي أسّسه، وهو ما اعتبره البعض دعاية سياسية مجانية له. يقول فنج لـ”أساس” إنّ توقيت الاستدعاء بعد مشاركته في مراسم تأبين لقمان سليم بأيّام معدودة ما كان سوى رسالة له، وأمّا موضوع الطعام فهو ذريعة فقط، ولا سيّما أنّه يمارس هذه النشاطات منذ سنوات بالتنسيق مع الجيش والقوى الأمنيّة.      

هذا هو رامي فنج، الذي صار نائباً عن المقعد السنّي في طرابلس، عاصمة الشمال.        

مواضيع ذات صلة

حكاية دقدوق: من السّجن في العراق إلى الاغتيال في دمشق! (1/2)

منذ أن افتتحَت إسرائيل سلسلة اغتيالات القيادات العسكريّة للحزبِ في شهرَيْ حزيْران وتمّوز الماضيَيْن باغتيال قائد “قوّة الرّضوان” في جنوب لبنان وسام الطّويل وبعده قائد…

فتح الله غولن: داعية… هزّ عرش إردوغان

ثمّة شخصيات إسلامية كثيرة في التاريخ توافَق الناس على تقديرها واحترامها، مع ظهور أصوات قليلة معترضة على نهجها أو سلوكها أو آرائها، لكنّها لم تتمكّن…

مصرع السنوار في مشهد لا يحبّه نتنياهو

مات يحيى السنوار، رئيس حركة حماس منذ اغتيال سلفه إسماعيل هنية في 31 تموز الماضي، وهو يقاتل الجيش الإسرائيلي، في إحدى أسخن جبهات القتال في…

الحزب بعد “السّيّد”: الرأي الآخر… ومشروع الدّولة

هنا محاولة لرسم بورتريه للأمين العامّ للحزب، بقلم كاتب عراقي، التقاه أكثر من مرّة، ويحاول في هذا النصّ أن يرسم عنه صورةً تبرز بعضاً من…