هل تراجعت اسرائيل عن تصفية السنوار؟

مدة القراءة 6 د

عرقلت عملية “إليعاد”، التي قُتل فيها ثلاثة مستوطنين قرب تل أبيب بالفؤوس، التفاهمات الجديدة، التي رعتها المخابرات المصرية، بعد اتصالات مكثّفة بين الاحتلال والفصائل في غزّة لنزع فتيل التوتّر ومنع تدهور الأوضاع الأمنيّة عقب خطاب رئيس حركة حماس في غزّة يحيى السنوار، خصوصاً مع خروج أصوات قويّة داخل إسرائيل تطالب علانية باغتياله.

من جهتها، حذّرت كتائب القسام إسرائيل من أنّ الإقدام على اغتيال رئيس حركة حماس في غزة أو أيّ من قادة المقاومة سيكون “إيذاناً بزلزالٍ في المنطقة وسيُقابل بردٍّ غير مسبوق”. وقال الناطق باسم الكتائب أبو عبيدة في بيانٍ له إنّ الإقدام على الاغتيال “سيجعل من معركة سيف القدس حدثاً عاديّاً مقارنةً بما سيشاهده العدوّ”.

 

وجّهت حركة حماس عبر وسطاء رسالة تهديد شديدة اللهجة للاحتلال الإسرائيلي تحذّر من العودة إلى سياسة الاغتيالات، وأبلغت حماس الوسطاء أنّ عودة سياسة الاغتيالات تعني عودة العمليات التفجيرية داخل المدن المحتلّة، وإغراق المدن الإسرائيلية بمئات الصواريخ.

ردّ بيني غانتس، وزير الجيش الإسرائيلي، على دعوات إسرائيلية تنادي باغتيال يحيى السنوار، بأنّ مناقشة مثل هذه القرارات لا تُدار إلا في غرف مغلقة، معتبراً أنّ جميع القرارات العملياتيّة والعسكرية ليست مطروحة للنقاش العامّ، وما يحكمها هو اعتبارات أمنيّة.

ثم نقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” عن مسؤولين أمنيين كبار قولهم إنّ “الجيش الإسرائيلي أوصى المستوى السياسي بعدم إصدار قرار باغتيال رئيس حركة حماس في غزة يحيى السنوار في هذه الفترة”.

وأضافت أنّ هيئة الأركان تعتقد أنّه ليس من الصواب تنفيذ قرار كهذا الآن، وأنّ على الحكومة الإسرائيلية أن تتنفّس عميقاً وأن تعدّ حتى الألف وأن تعمل من الرأس وليس من البطن.

بدوره قال الصحافي الإسرائيلي نوعم أمير: “لحظة.. قبل أن نقرّر اغتيال السنوار، أريد أن أذكّر فقط أنّ قائده محمد الضيف نجح في الخروج بسلام من عدّة محاولات اغتيال، لذلك من الجيّد أن يعرف الجميع أنّ هناك فجوة بين التغريد على تويتر وبين الواقع، وبين قرار تتّخذه المنظومة الأمنيّة لاغتيال السنوار وبين تنفيذ هذا القرار”.

نتنياهو يتدخّل

استغلّ رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتانياهو تهديدات الناطق العسكري باسم كتائب القسام، مطالباً حكومة نفتالي بينيت “الضعيفة” بالاستقالة. وقال نتانياهو عبر تويتر: “بدلاً من محاربة “الإرهاب”، تنشغل حكومة بينيت المخادعة والضعيفة بنشر إنجازات كاذبة، وكالعادة ينسون الحقائق”، وأضاف أنّه هو الذي أمر باغتيال الجعبري وأبو العطا، وتدمير مترو حماس، وتصفية 200 مسلّح خلال حارس الأسوار، بينهم 25 من كبار قادة المنظمات، وتدمير 10 أبراج في غزة. وتابع: “لا يوجد سبب لانتظار الهجوم المقبل. يجب أن تستقيل حكومة بينيت الضعيفة، ويجب تشكيل حكومة وطنية قوية برئاستي على الفور، وستعيد الهدوء والأمن للمستوطنين”.

عرقلت عملية “إليعاد”، التي قُتل فيها ثلاثة مستوطنين قرب تل أبيب بالفؤوس، التفاهمات الجديدة، التي رعتها المخابرات المصرية، بعد اتصالات مكثّفة بين الاحتلال والفصائل في غزّة لنزع فتيل التوتّر ومنع تدهور الأوضاع الأمنيّة عقب خطاب رئيس حركة حماس في غزّة يحيى السنوار

على كل حال، انتقلت إسرائيل في يوم ما يُسمّى بـ”عيد الاستقلال” بحدّة من الاستقلال إلى الواقع. فقد وضعت عملية “إليعاد” المستوى السياسي والعسكري في تل أبيب في مأزق، فقد كان يأمل مسؤولو جهاز الأمن والجهاز السياسي أنّه إذا ما نجحت إسرائيل في أن تجتاز بهدوء نسبيّ شهر رمضان وعيد الفصح اليهودي ويوم الاستقلال، فسيكون ممكناً أن يهدأ ببطء التصعيد الذي بدأ بعملية بئر السبع في منتصف شهر آذار، وأن يتمّ التوصّل إلى تفاهم مع حركة حماس بوساطة القاهرة، خصوصاً بعد نجاح المصريين في ضبط الأوضاع الأمنية في غزة، وتفادي حدوث أيّ عمل عسكري ردّاً على اقتحام المسجد الأقصى.

لكنّ عملية “إليعاد” وخطاب السنوار الذي دعا فيه أهل الضفة والخط الأخضر إلى استخدام الأسلحة والفؤوس في وجه الإسرائيليين، دفعت جهاز الأمن الإسرائيلي إلى إجراء تقويم معمّق للوضع والخروج باستنتاج قوي بأنّ موجة العمليات الفدائية ستستمرّ وبشكل موجّه، وبضرورة الانتقال من التكتيك إلى استراتيجية مرتّبة لوقف هذه الموجة.

ورأت وسائل إعلام إسرائيلية أنّ “من المعقّد جدّاً العمل في مقابل هذا النوع من العمليات الفدائية، بحيث لا يوجد عنوان واحد للردّ عليها، ولا سيّما أنّ السّنوار يعمل على الربط بين السّاحات، بين غزّة والضفة والقدس والداخل، على عكس الاستراتيجية الإسرائيلية”. إذ تسعى إسرائيل إلى أن تفصل بين الساحات المختلفة، كي لا توقظها كلّها ضدّها في الوقت نفسه.

تبرئة السنوار.. لتبرير عدم اغتياله

معلّق الشؤون العسكرية في “القناة الـ 13″، اعتبر أنّه “من الناحية العسكرية الصرفة، لا نجد أمراً صدر بشكل مباشر عن السنوار إلى المهاجمين، بل ربّما عملوا بتأثير منه، لكنّ من المعقّد جدّاً على إسرائيل الردّ على العملية بهجوم في غزة، أو بعملية في جنين، على شاكلة نسخة ثانية من عملية السور الواقي”.

لكن مصادر إسرائيلية أعلنت أنّ دولة الاحتلال تعتزم “معاقبة الفلسطينيين”. فقد أطلقت الشرطة الإسرائيلية حملة داخلية لاعتقال فلسطينيين من غير الحاصلين على تراخيص للدخول إلى إسرائيل “ومَن يساعدهم”. ويدرس الاحتلال خفض عدد العمال الغزّيّين الذين يُسمح لهم بالعمل داخل الخطّ الأخضر، وحتى وقف إدخالهم تماماً، بهدف إرسال رسائل لقادة حماس.

الباحث في “معهد ترومان”، روني شاكيد، رأى أنّ “الفؤوس الفلسطينية حقّقت نتائج أكثر خطورة من الصواريخ”، مضيفاً أنّه “يجب التعامل مع كلام يحيى السنوار في منتهى الجدّية. هو يؤمن بما يقول، وهذه هي أيديولوجيّته”، مؤكّداً أنّ “السنوار استغلّ كلّ الفراغ القيادي، ولم يصل فقط إلى القدس، وإنّما أيضاً إلى عرب إسرائيل والضّفة”، داعياً إلى اغتيال يحيى السنوار.

إقرأ أيضاً: روسيا تستقبل “حماس”… وتبتعد عن إسرائيل؟

في هذه الأجواء المحمومة، وفي ما يشبه الدعوة إلى المحاكاة، تحدّث موقع “والا” العبري عن تفاصيل اغتيال كبار قادة كتائب القسام، ومهندسي صواريخها، خلال معركة سيف القدس، ومنهم قائد لواء غزة باسم عيسى، والمهندس جمال الزبدة، وجمعة الطحلة، ووليد شمايل، وقيادات أخرى. وأوضح الموقع العبري أنّ هذه القيادات كانت داخل نفق رئيسي يمرّ من تحت مبانٍ بغزّة، وله عدّة “فتحات”، على عمق أكثر من 25 متراً تحت الأرض في قلب مدينة غزّة. وزعم الموقع أنّ حماس أخفت في هذا النفق الأبحاث وتطويرها وإنتاجها للأسلحة، وأنّه كان عبارة عن نفق متشعّب من عدّة طبقات وأقسام، وتمّ تجهيزه بشكل خاص، وليس بشكل عشوائي. وذكر الموقع أنّ سلاح الجوّ الإسرائيلي هاجم 10 فتحات تؤدّي إلى المخبأ حيث “النفق الرئيسي”، ما أدّى إلى مقتل ثلّة من قادة حماس.

*كاتبة فلسطينية مقيمة في غزّة..

مواضيع ذات صلة

“دوخة” نيابيّة: جلسة من دون فرنجيّة وجعجع!

“الوضع بدوّخ. المعطيات مُتضاربة ومُتغيّرة كالبورصة. ولا توافق سياسيّاً بالحدّ الأدنى حتى الآن على أيّ اسم لرئاسة الجمهورية”. هي حصيلة مختصرة للمداولات الرئاسية في الأيّام…

جعجع في عين التّينة لإنضاج الرّئاسة؟!

عاثرٌ جدّاً حظّ سليمان فرنجية. مرةً، واثنتيْن وثلاث مرّات، بلغت الرئاسة حلقه، لتُسحب في اللحظات الأخيرة، فيقف على أعتاب القصر عاجزاً عن دخوله، ويعود أدراجه…

يومٌ في دمشق: فرحٌ ممزوج بالقلق

مرّت 14 سنة بالتّمام والكمال عن المرّة الأخيرة التي زُرتُ فيها العاصمة السّوريّة دِمشق، في كانون الأوّل من عام 2010، أي قبل 4 أشهر من…

برّي والرّئاسة: Now or Never

ما كادت تمرّ أيّام قليلة على الإطاحة بالنظام السوري، حتى ظهرت أوّل تداعيات “الانقلاب الكبير” على الرقعة اللبنانية، في شقّها الرئاسي: انقلبت أدوار القوى السياسية،…