استبقَ رئيس تيار التوحيد وئام وهاب زيارة النائب جبران باسيل دائرة الشوف-عاليه بموقف غمز فيه من قناة رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل بالتأكيد “أنّنا لا نراعي أحداً ولا نساوم مع أحد. وإذا افتكروا تحالفنا مع هذا الفريق أو ذاك يسمح بوضع شروط علينا. لا فليضع شروطه على غيرنا”.
بَدَت الرسالة موجّهة بشكل مباشر إلى باسيل بعد دربٍ صعبٍ من المفاوضات هدّدت “مشروع” تحالف التيار الوطني الحر وطلال أرسلان ووهاب والثنائي الشيعي، إذ كادت الأمور أن “تَفرط” أكثر من مرّة.
لم تشمل زيارة باسيل للشوف زيارة وهّاب أو حضور ممثّلين عن أعضاء اللائحة خلال جولة رئيس التيار. وبعد إعلان اللائحة من دارة أرسلان في خلدة عاد حلفاء الضرورة كلٌّ إلى “مقرّه” ليخوض معركة مُرشّحيه و”جَمع” الأصوات التفضيلية.
قلق حقيقيّ يعيشه جنبلاط من احتمال فوز وئام وهاب. لا يتعلّق الأمر بخرق لائحة القوات-الاشتراكي وحسب، بل بمقدار اقتحام الحديقة الخلفية للزعامة الجنبلاطية. وهذا خطّ أحمر في مرحلة التسليم والتسلّم بين وليد وتيمور
كان واضحاً من خطاب باسيل أنّ معركة التيار المسيحية “الخاصّة” في دائرة الـ13 مقعداً هي نيل “حواصل” من أجل غسان عطالله وفريد البستاني في الشوف، وسيزار أبي خليل في عاليه. ومن خلال دعوته المُحازبين والمؤيّدين للتصويت لهم بالاسم أظهر باسيل أنّ ترشيحه لطوني عبود، من الدامور، كان فقط بهدف عدم تغييب أحد أهمّ بلدات الشوف وتدارك نتائج الصدام مع النائب ماريو عون بعد رفض باسيل ترشيحه لهذه الدورة.
كان لافتاً اتّهام باسيل بعض أعضاء التكتّل بـ”الخيانة”، قاصداً من ضمنهم ماريو عون، حين قدمّ شهادته بالنائب فريد البستاني قائلاً: “حكيوه كتار من خونة التكتل ليترك معهم وما سِمِع لهم وبقي، وما هزّ”.
مقعدا مروان وطلال بخطر؟
لكنّ معركة دائرة جبل لبنان الرابعة الأساسية هي درزية بامتياز قبل أن تكون مسيحية أو سنّيّة. في الشوف معركة وئام وهاب بوجه مروان حمادة، وفي عاليه معركة احتفاظ طلال أرسلان بمقعده.
اضطرّ وليد جنبلاط إلى خوض إحدى أقسى معاركه الانتخابية مستعيناً بـ”الرفيق” مروان حمادة، بدلاً من نجله كريم، لشدّ العصب وإبقاء المقعد الدرزي الثاني مع مقعد تيمور جنبلاط “المضمون” بعهدة المختارة.
قلق حقيقيّ يعيشه جنبلاط من احتمال فوز وئام وهاب. لا يتعلّق الأمر بخرق لائحة القوات-الاشتراكي وحسب، بل بمقدار اقتحام الحديقة الخلفية للزعامة الجنبلاطية. وهذا خطّ أحمر في مرحلة التسليم والتسلّم بين وليد وتيمور.
نشاط وهّاب غير المسبوق في المناطق الدرزية والسنّيّة وحجم ماكينته الانتخابية والتكتّل “الحديدي” لقوى 8 آذار للمرّة الأولى بهذا الوضوح، كلّ ذلك يشكّل مصدر قلق جدّيّ لوليد جنبلاط، دفع نجله تيمور، الذي عادة ما يعتمد خطاباً مدوزناً هادئاً، إلى استحضار لغة والده ورفع مستوى الخطاب التحريضي: “تريدون اختراق الجبل؟ جرّبتم في 7 أيار ولقيتم الجواب المناسب”.
من يعلم بكواليس المختارة يدرك جيّداً أنّ وليد جنبلاط هو من يخوض المعركة وليس تيمور على الرغم من الضغط عليه لتكثيف زياراته المناطقية
“فتّ” الأموال
من يعلم بكواليس المختارة يدرك جيّداً أنّ وليد جنبلاط هو من يخوض المعركة وليس تيمور على الرغم من الضغط عليه لتكثيف زياراته المناطقية. ابتعاد الحليف السابق للمختارة الرئيس سعد الحريري عن الملعب الانتخابي وخسارة جنبلاط بلوك تيار المستقبل شكّلا ضربة قوية للائحة لن تعرف تداعياتها إلا بعد إقفال صناديق الاقتراع.
كان للأزمة الماليّة وجريمة سرقة أموال المودعين تأثير ملموس على الناخبين الدروز، تماماً كما باقي القواعد الانتخابية، ولذلك يُقال إنّ فتّ المال و”شراء الأصوات” يحصلان في الجبل، خصوصاً في الملعب الدرزي، بطريقة فاقعة لم يشهد الجبل مثيلاً لها، فيما الأزمة الخانقة شكّلت فرصة لخدمات “مفتوحة” وشاملة.
في المقابل، كثرة لوائح المعارضة في الشوف-عاليه التي بلغت خمساً لم تؤثّر على احتمال حصول خرق جدّيّ للمرّة الأولى في الجبل مهدّدةً حواصل لائحتَيْ قوى 8 آذار-التيار الوطني الحر والاشتراكي-القوات.
لائحة “توحّدنا للتغيير” هي الأكثر تقدّماً على صعيد سيناريو الخرق. تضمّ 12 مرشحاً وتمثّل أغلب مجموعات المعارضة. تسعى اللائحة إلى حاصل أو حاصلين، وفق أوساطها. عام 2018 بلغ الحاصل الانتخابي 13,125 صوتاً. وفي ميدان لوائح المعارضة يوجد كلّ من “صوتك ثورة”، “الجبل ينتفض”، “سيادة وطن” و”قادرين”.
الخرق المحتمل لإحدى قوى المعارضة قد يكون عبر المقعد الماروني أو السنّيّ أو الدرزي. في هذه الحال يرى كثيرون أنّ مقعد أرسلان قد يكون في دائرة الخطر، فيما المقعد الدرزي الثاني محسوم لأكرم شهيّب.
يشير مؤيّدو لائحة “توحّدنا للتغيير” إلى أنّ اللائحة تنطلق من حاصل مضمون ثبّتته أرقام اللائحتين المعارضتين عام 2018، وأنّ مارك ضو المرشّح عن المقعد الدرزي في عاليه يملك حظوظاً قوية لأنّه صاحب الرقم الأعلى من الأصوات التفضيلية عام 2018.
لكنّ أحد الخبراء الانتخابيين يوضح لـ”أساس”: “يُتوقّع أن تخرق لائحة “توحّدنا للتغيير”، والأرجح بمقعد ماروني. في المقابل يمكن للائحة القوات والاشتراكي أن تنال 7 مقاعد، ولائحة التيار وأرسلان ووهاب أربعة مقاعد، ويبقى من غير الممكن توقّع مَن سيؤول إليه المقعد الـ13 منذ الآن”.
إقرأ أيضاً: عونيّون سابقون… على طريق النيابة
يُذكر أنّه في العام 2018 نالت لائحة تحالف التيار وأرسلان والحزب القومي وعلي الحاج 39,027 صوتاً وفازت بأربعة مقاعد، ولائحة تحالف القوات والاشتراكي والمستقبل وناجي البستاني 98,967 صوتاً وفازت بتسعة مقاعد. أمّا لائحة وئام وهّاب وزاهر الخطيب فنالت 12,796 صوتاً، أي أنّها لامست الحاصل.
بالمقابل، شُكِّلت ثلاث لوائح للمعارضة نالت أكثر من 17 ألف صوت.