حماس فتحت جبهة “الضفّة”.. وتهدّد منصور عباس

مدة القراءة 5 د

في إعلان هو الأوّل من نوعه منذ سنوات، تبنّت حركة حماس بالكامل عمليّة مستوطنة “أرئيل” في الضفّة الغربية، التي قتل فيها مسلّحون حارس أمن إسرائيلياً.

كانت كتائب عزّ الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، قد أعلنت مسؤوليّتها الكاملة عن عملية سلفيت، التي نفّذها اثنان من منتسبيها، واعتبرتها حلقة في سلسلة ردّها على عدوان الاحتلال في الأقصى.

شكّل إعلان حركة حماس صدمة في الأوساط الإسرائيلية، بعدما امتنعت خلال السنوات الأخيرة عن تبنّي المسؤولية عن العمليات في الضفّة خشية أن يؤدّي ذلك إلى كشف بنيتها التحتية في الضفة الغربية وتفكيكها، وإثارة ردود فعل إسرائيلية عسكرية عنيفة.

شكّل إعلان حركة حماس صدمة في الأوساط الإسرائيلية، بعدما امتنعت خلال السنوات الأخيرة عن تبنّي المسؤولية عن العمليات في الضفّة خشية أن يؤدّي ذلك إلى كشف بنيتها التحتية في الضفة الغربية وتفكيكها

في ما يبدو أنّه اعتراف بأنّ السياسة التي تعتمدها حكومة الاحتلال الإسرائيلي في التعامل مع حركة حماس انهارت. رجّحت التقديرات الأمنيّة الإسرائيلية تصاعد العمليات في الفترة المقبلة، وذلك في ضوء خطاب زعيم حركة حماس في غزّة يحيى السنوار في يوم القدس العالمي، أطلق خلاله تهديداتٍ، بعد فترة طويلة نسبيّاً من الهدوء تجاه إسرائيل، وأكّد أنّ “المعركة مع الاحتلال لن تنتهي مع نهاية رمضان”.

بحسب صحيفة “يديعوت أحرونوت” فإنّ “إعلان الجناح العسكري لحركة حماس مسؤوليّته عن ‎عملية أرئيل لم يحصل مثله منذ زمن طويل، وهو بمنزلة إطلاق صواريخ من قطاع غزة”. وأضافت في افتتاحيتها، التي كتبها المعلّق العسكري يوسي يهوشع، أنّ “محافل عليا في الاستخبارات الإسرائيلية تؤكّد أنّ موجة العمليات في الداخل آخذة بالتصاعد، ولن تكون آخرها عملية إطلاق النار في مستوطنة أرئيل”.

وأشارت القناة 13 العبرية إلى أنّ تبنّي حماس المسؤولية عن عملية أرئيل “هو تصعيد وتغيير في الاتجاه نحو تشجيع العمليات الفدائية في الضفة يهدف إلى مواصلة إشعال المنطقة حتى بعد شهر رمضان، كما توعّد السنوار في خطابه الأخير”.

هكذا أجمع المحلّلون الإسرائيليّون على أنّ إعلان حماس المسؤولية عن عملية أرئيل يفتح صفحة جديدة من الصراع مع إسرائيل، ويمثّل تغييراً في سياستها، خصوصاً أنّ الأمر لم يعد يتعلّق بتشجيع حماس وتحريضها على تنفيذ العمليات عن بعد، بل تعدّاه إلى تنفيذ أجندتها بيدها.

هذا الأمر يعني بالنسبة إلى إسرائيل استتاجَيْن:

1- لم تعد حركة حماس تخشى ترك بصمات واضحة، “وتدعو” إسرائيل إلى الردّ في قطاع غزّة.

2- تشعر حماس أنّها ليست وحدها في الميدان، وأنّ هناك من يساندها مثل حركة “الجهاد الإسلامي”، وإيران، التي استأنفت الدعم المالي لحركة حماس بعدما شهد تقليصات كبيرة على خلفيّة الأزمة السورية. وطالب الإعلام الإسرائيلي  بإعادة النظر في الاستمرار في منح حماس الحصانة بغزّة عندما يتعلّق الأمر بتنفيذ العمليات وليس التحريض عليها فقط.

السنوار اعتبر أنّ تشكيل منصور عباس شبكة أمان لحكومة بينيت التي تأخذ القرار باستباحة الأقصى هو جريمة لا يمكن أنْ تغفر أبداً: “وهو بمنزلة طعنة للدين والهويّة العربية والهويّة الوطنية”

السنوار يهدّد منصور عباس

على كلّ حال، لم يرفع يحيى السنوار يده مهدّداً إسرائيل فقط في خطابه الأخير. بل إنّ الأمر طال رئيس حزب “القائمة العربيّة الموحّدة” وزعيم الحركة الإسلامية في داخل الخط الأخضر منصور عباس. ففي أعنف هجوم من حركة حماس الإسلامية في غزة على الحركة الإسلامية في الداخل، وصف السنوار عبّاس منصور بـ”أبي رغال”، وهي شخصية عربيّة قبل الإسلام تُعتبر رمز الخيانة. وأضاف السنوار: “أنْ يقول عربيّ (منصور عباس) إنّ هذه دولة يهودية هو ذروة الانحطاط”. وتوجّه إلى منصور عبّاس بالقول: “حقّقت إنجازات قليلة للمجتمع العربيّ مقابل استباحة الأقصى؟”.

السنوار اعتبر أنّ تشكيل منصور عباس شبكة أمان لحكومة بينيت التي تأخذ القرار باستباحة الأقصى هو جريمة لا يمكن أنْ تغفر أبداً: “وهو بمنزلة طعنة للدين والهويّة العربية والهويّة الوطنية”.

ردّ منصور عباس على السنوار بـ”أنّنا لا ندين ليحيى السنوار أوْ لأيّ شخصٍ آخر بشيء، ونحن نفعل ما هو في مصلحة المجتمع العربي والشعب الفلسطينيّ في إسرائيل، ونتّخذ قراراتنا هنا في مؤسّساتنا، ولن يملي علينا أحد ما يمكننا أو لا يمكننا فعله”.

غير أنّ مسؤولين في الحركة الإسلامية استاؤوا من دخول منصور عباس في مواجهة مع يحيى السنوار، معتبرين أنّه لم يكن هناك داعٍ للردّ على ما قاله السنوار، ولا توجد لديهم مصلحة في الخلاف مع حركة حماس.

كانت القائمة الموحّدة قد علّقت عضويّتها في الائتلاف بعد الاشتباكات الأخيرة بين الفلسطينيين وشرطة الاحتلال في الأقصى من دون أن تحاول إسقاط حكومة بينيت.

في السياق نفسه، علّق عميت ساعر، قائد “وحدة الأبحاث” في “شعبة الاستخبارات العسكريّة” في جيش الاحتلال، على ما جاء في خطاب يحيى السنوار، قائلاً إنّ السنوار يعتبر نفسه خبيراً بالمجتمع الإسرائيليّ، إذ قضى السنوار عشرات السنوات في السجون الإسرائيلية قبل أن يتمّ إطلاق سراحه في صفقة شاليط، وهو يتابع ما تكتبه الصحافة العبرية ومراكز البحوث الاستراتيجية في إسرائيل. وبالنسبة إلى ساعر، يحاول السنوار التلاعب بالوعي الإسرائيلي، ويظهر أنّه يعرف المجتمع الإسرائيلي وكيف يُتّخذ القرار في تل أبيب، لكن يقرّ ساعر بأنّ حركة حماس منظّمة ومنظومة، ولا تتوقّف على شخص واحد.

إقرأ أيضاً: إسرائيل تقسّم “الأقصى” بين المسلمين واليهود

في معرض ردّه على سؤال من صحيفة “يسرائيل هايوم” العبريّة: هل يجب قتل السنوار؟ ردّ بالقول: “أنا لا أركّز على اغتيال شخص واحد في مواجهة مع منظومة”. وأضاف: “إخراجه من المعادلة سيكون دراماتيكيّاً، لكن يوجد هنا الكثير من الغموض. لقد كان إخراج عباس الموسوي زعيم حزب الله السابق من المعادلة دراماتيكياً، وبعده جاء حسن نصر الله. فعمليّات الاغتيال ليست حلّاً سحريّاً”.

مواضيع ذات صلة

“دوخة” نيابيّة: جلسة من دون فرنجيّة وجعجع!

“الوضع بدوّخ. المعطيات مُتضاربة ومُتغيّرة كالبورصة. ولا توافق سياسيّاً بالحدّ الأدنى حتى الآن على أيّ اسم لرئاسة الجمهورية”. هي حصيلة مختصرة للمداولات الرئاسية في الأيّام…

جعجع في عين التّينة لإنضاج الرّئاسة؟!

عاثرٌ جدّاً حظّ سليمان فرنجية. مرةً، واثنتيْن وثلاث مرّات، بلغت الرئاسة حلقه، لتُسحب في اللحظات الأخيرة، فيقف على أعتاب القصر عاجزاً عن دخوله، ويعود أدراجه…

يومٌ في دمشق: فرحٌ ممزوج بالقلق

مرّت 14 سنة بالتّمام والكمال عن المرّة الأخيرة التي زُرتُ فيها العاصمة السّوريّة دِمشق، في كانون الأوّل من عام 2010، أي قبل 4 أشهر من…

برّي والرّئاسة: Now or Never

ما كادت تمرّ أيّام قليلة على الإطاحة بالنظام السوري، حتى ظهرت أوّل تداعيات “الانقلاب الكبير” على الرقعة اللبنانية، في شقّها الرئاسي: انقلبت أدوار القوى السياسية،…