الحكومة تعفي جمعيات المحسوبين عليها… من الضرائب

مدة القراءة 9 د

في البند الثامن من جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء الأخيرة طلب وزير الشؤون الاجتماعية هكتور حجار منح عدد من الجمعيّات والمؤسسات صفة المنفعة العامّة، على اعتبار أنّ هذه المؤسّسات حدّدت أهدافها في المجالات الاجتماعية والصحّية والتأهيل، وتتّصف خدماتها بالشمول والاستمرارية بحسب كتاب الوزير حجار.

والمنفعة العامة، هو أن تعفى هذه الجمعيات من الضرائب، باعتبارها لا تبغي الربح. فإذا كانت تبغي الربح، فإنّ هذا يعني تحويل هذه الجمعيات إلى “مؤسسات” أو “شركات” غير معلنة، معفية من الضرائب. أي إلى “جنّات ضريبية”، تحت عيون الدولة وأجهزتها، في وقت يعاني اللبنانيون من الفقر والجوع والعوَز ومن خسارة جنى أعمارهم في المصارف.

ولأنّ السلطات الحاكمة في الدولة اللبنانية لا يمكنها أن تقدم على أمر من دون أن يكون للسياسيّين والمنافقين منفعة خاصة فيه على حساب المصلحة العامة وتحت عنوانها، دققنا في هويّة أصحاب ومؤسّسي هذه الجمعيات. وكما توقّعنا، تبيّن أنّها تعود إلى شخصيّات من الصفّ الأوّل، بينهم رؤساء أحزاب وسياسيّون ونوّاب ووزراء وإعلاميّون ورجال أعمال ورجال دين، أبرزهم جبران باسيل وسليمان فرنجية ووليد جنبلاط وغيرهم.

دققنا في هويّة أصحاب ومؤسّسي هذه الجمعيات. وكما توقّعنا، تبيّن أنّها تعود إلى شخصيّات من الصفّ الأوّل

في موازنة عام 2022، التي أعدّتها حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، ومع كلّ محاولات خفض النفقات ووقف الهدر، رُصِد نحو 585 مليار ليرة تحت عنوان “مساهمات لغير القطاع العام”، من بينها نحو 551 ملياراً مساهمات لـ”هيئات لا تبغي الربح”. وهي لجمعيّات مشابهة لتلك التي قدّمها الوزير حجّار، أي يملكها سياسيون وزوجاتهم ومحسوبون عليهم. وتعمل الحكومة اليوم على توسيع رقعة هذه الجمعيات على الرّغم من الأزمة المالية والاقتصادية التي يعيشها لبنان.

وهنا لائحة بأبرز الجمعيات التي ترتبط بسياسيّين من الصف الأوّل في المشروع الجديد:

– جمعية الميدان: أُسّست عام 2004، وترأسها زوجة رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، ريما بشارة قرقفي، وممثّل الجمعية هو المدير العامّ لمنشآت النفط سركيس حليس، الذي بقي متوارياً بسبب ملفّ الفيول المغشوش. ويقع مركز الجمعية في زغرتا، وتهدف إلى القيام بكلّ أعمال الرعاية الاجتماعية والأعمال الخيرية والصحية والثقافية والبيئية والإنمائية، وتضمّ الجمعية السيدة غلوريا أبو زيد المديرة العامّة للتعاونيّات في وزارة الزراعة.

– جمعية بنك الغذاء اللبناني:  وضعها وزير الشؤون الاجتماعية على رأس القائمة، وهي جمعية أُسّست عام 2011، وغايتها “توفير الطعام للمحتاجين على مدار السنة والتصدّي لمشكلات الجوع في لبنان من خلال جمع الطعام من الفنادق والمطاعم وإعادة توزيعه، والقيام بأعمال الإغاثة والمساعدات الخيرية والتثقيف”. أما المؤسّسون القيّمون على هذه الجمعية فهم السادة: عبد العزيز جمعة، كمال سنّو، نزيه الريّس، غسان الكعكي، حسام شمس الدين، محمد البحري، محمد قاطرجي، ومروان فرعون. وقد اعتمدت سنّ الفيل في المتن مركزاً لها.

– جمعية “أنت أخي”: أُسّست عام 1993، ومركزها أنطلياس، وغايتها الاهتمام بالشبيبة المعوّقين عقليّاً وجسدياً أياً كانت انتماءاتهم الدينية أو الاجتماعية. أسّست الجمعية السيدة إيفون الشامي، وجبران الصافي وهادي خوند ممثّلها لدى الحكومة.

في موازنة عام 2022، التي أعدّتها حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، ومع كلّ محاولات خفض النفقات ووقف الهدر، رُصِد نحو 585 مليار ليرة تحت عنوان “مساهمات لغير القطاع العام”، من بينها نحو 551 ملياراً مساهمات لـ”هيئات لا تبغي الربح”

 

– جمعية ع سطوح بيروت”: تحمل اسم برنامج الإعلاميّة داليا داغر، الذي كان يُبثّ على قناةotv . وداغر هي مؤسّسة هذه الجمعية وممثّلتها لدى الحكومة. وقد شارك في تأسيسها جهان جبور وهاني طوق وجمانا سليمان. وهي تُعنى بمساعدة المرضى والمنكوبين والمحتاجين، ودعم المرأة وتمكينها في المجتمع المدني والمهنيّ، والقيام بحملات توعية، إضافةً إلى العمل لإحياء الطبقة الوسطى. أُسّست الجمعية في شباط عام 2017، ومقرّها بدارو في بيروت.

– “مؤسسة الفرح الاجتماعية”: من ضمن المحاصصة في الجمعيات كانت حصة لرئيس الحزب التقدّمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط، الذي أسّسها عام 1988، ومعه جوزيف القزي، بدّور زين الدين، النائب بلال عبدالله، دريد ياغي، وهشام ناصر الدين ممثّل الجمعية لدى الحكومة. أمّا غرضها فهو “تحسين المجتمع اللبناني على جميع الصعد، والقيام بجميع الخدمات الاجتماعية والإنسانية عبر القيام بالدراسات اللازمة لتحسين المجتمع، إضافة إلى التعمير وإعادة المنكوبين والمهجّرين وإقامة المساكن لهم، وبناء وإنشاء المؤسسات لإيواء الأولاد المعوزين والأيتام ورعايتهم”. يقع مركز الجمعية في مدينة بيروت.

– “جمعية مكارم الأخلاق الإسلامية”: أُسست عام 2007 واعتُمدت مدينة الميناء مركزاً لها. هدفها “رفع المستوى التعليمي بمختلف مراحله عبر نشر التربية والتعليم عن طريق إنشاء المدارس، فضلاً عن بثّ روح التآلف والتحابب ونشر مكارم الأخلاق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومساعدة الفقراء”. وتصدر الجمعيّة مجلّة دوريّة.

– “رسالة سلام”: ممّن حظي أيضاً بنعمة الجمعيات، التي أُدرج اسمها في لائحة الحكومة، النائب الراحل بيار الدكاش، الذي أسّس جمعية “رسالة سلام” مع بيار عازار، وشربل محفوظ، وجوزيف الدكاش، وبشارة الدكاش، الذي يمثّل الجمعية لدى الحكومة. وقد اتّخذت مقرّاً لها في نهر إبراهيم. أمّا اهتماماتها فهي “رعاية الشبيبة والأطفال المعوّقين وأهلهم على اختلاف انتماءاتهم، فضلاً عن توعية المجتمع على مسبّبات الإعاقة وخلق فرص عمل لهؤلاء”. ويعود تاريخ تأسيسها إلى عام 1997.

– “الجمعية اللبنانية للأسرى والمحرّرين”: مركزها في حارة حريك. تهدف إلى رعاية شؤون الأسرى وتعزيز الاهتمام الشعبيّ بقضية المعتقلين بوصفها قضية وطنية، وإثارة قضيّتهم في المحافل الدولية. وقد أسّس هذه الجمعية عام 2002 محمد برماوي، محمد ياسين، أحمد عمّار، رسمية جابر، علي حرقوص، محمد بدير، ونوال بيضون. وواضح أنّها قريبة من حزب الله.

وزير الشؤون وضع الجمعيات على قاعدة 6 و6 مكرّر، وأنّ لجميع الأحزاب والطوائف حصصاً من المنفعة العامة. وعلى الرغم من المشكلات المعيشية الكبيرة التي يعيشها اللبنانيون لم تتردد الحكومة في وضع البند على جدول أعمالها

– “دار العطاء الجنوبي”: قريباً من حارة حريك اختيرت الشّيّاح مقراً لهذه الجمعية التي أسّسها عام 2009 رئيس بلدية الغازية محمّد سميح غدّار وشقيقه عامل، ومعهما زاهر حطيط. وهي جمعية تهدف إلى تقديم الخدمات الإنسانية والقيام بالأعمال الخيرية، وتقديم المساعدات المادّيّة لكلّ أسرة أو فرد حالتهم مزرية تدعو إلى الرأفة والعون، ومدّ يد العون ماديّاً لكلّ معوز. ورئيس البلدية محسوب على حركة “أمل”.

– “جمعية القائم الخيرية الإسلامية-معروب”: تتعاطى الشأن الثقافي والاجتماعي من خلال إنشاء المراكز الثقافية والفنية، وتوفير مراكز الدراسات العليا والمكتبات العامّة، وإقامة الندوات الفكرية وإصدار مجلّة في هذا الخصوص. أمّا المؤسّسون فهم موسى غبريس، أحمد السيد، عماد الدين قصير، شريف هاشم، والشيخ حسان مدلج. يقع مقرّها في بلدة معروب بقضاء صور. وواضح أنّها قريبة من حركة أمل.

– “جمعية الإصلاح والإرشاد الخيرية الإسلامية”: أسّسها عام 1984 زياد دبيبو، محمد قاطرجي، وأنور الخطيب. وقد نُقِل مقرّ الجمعية غير مرّة في منطقة الطريق الجديدة، وعُدّلت مهامّها عام 2008 لتكون معنيّة بالأعمال الخيرية وتقديم مساعدات للفقراء، والقيام بأعمال الإغاثة ورعاية الطفولة والاهتمام بشؤون المرأة. وواضح أنّها من بيئة تيار المستقبل.

– “الجمعية الخيرية لمساعدة جرحى ومعاقي الحرب في لبنان”: يقع مركزها في المعمورة بقضاء بعبدا. أبرز أهدافها إنشاء المستوصفات والمراكز الصحّية، ودور الأيتام، وإنشاء الصيدليات ومستودعات الأدوية، فضلاً عن إنشاء المدارس وتقديم الخدمات الإنسانية. مؤسّسو الجمعية هم أحمد المصري، محسن الخنسا، محمّد عسّاف، علي برّو، محمّد جبارة، عبد الإمام شعيتلي، وعبدالله صادق. وقد أُسّست عام 1992. وهي قريبة من “الثنائي الشيعي”.

– “جمعية بترونيات”: كثيرون سمعوا عنها. أسّسها في عام 2006 أسّس رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل. حُدّدت أهدافها انطلاقاً من اسمها. فهي تضع الدراسات الإنمائية والعمرانية للدولة من أجل إنماء منطقة البترون. وفي الشقّ الثقافي تعقد المحاضرات والندوات، واجتماعياً تُعنى بتقديم المساعدات الاجتماعية لأبناء منطقة البترون. ولم تخلُ أعمالها من الأهداف البيئية، فشملت تنظيف الشواطئ ووضع دراسات تتعلّق بالنفايات. وهي تهدف أيضاً إلى إقامة المهرجانات لتعزيز السياحة، وإنشاء المستوصفات والمراكز الصحية. أمّا المؤسّسون، إضافة إلى الوزير باسيل، فهم خالد نخلة، وليد ضومط، فاكية الحكيم، مارك منعم، نجم خطار، داني جبراييل، إيلي الياس، وألكسندر قهوجي.

– “جمعيّة الطاقة الوطنية اللبنانية”: لم تقتصر الجمعيّات المحسوبة على التيار الوطني الحر والمدرَجة في قائمة الجمعيات المحظيّة على جمعية باسيل. فهذه أسّسها المحامي كريم قبيسي، والوزيران منصور بطيش وفادي جريصاتي، ومستشار باسيل غسان خوري، هي أيضاً على لائحة الحكومة لإعطائها صفة الشأن العام. وهي جمعية أُسّست عام 2017 بغرض تعزيز التنمية الاقتصادية، وتفعيل الحركة التجارية بين لبنان والعالم من خلال إقامة المؤتمرات والنّدوات واستضافة رجال أعمال، فضلاً عن نشر الفنون والموسيقى والتراث اللبناني ورعاية المبدعين المقيمين في لبنان والخارج.

إقرأ أيضاً: هل قال فرنجيّة للافروف: أنا رئيس الجمهوريّة المقبل؟

الواضح أنّ وزير الشؤون وضع الجمعيات على قاعدة 6 و6 مكرّر، وأنّ لجميع الأحزاب والطوائف حصصاً من المنفعة العامة. وعلى الرغم من المشكلات المعيشية الكبيرة التي يعيشها اللبنانيون لم تتردد الحكومة في وضع البند على جدول أعمالها. إذ تمثّل جمعيّات المذكورين أولويّة بالنسبة إلى الحكومة، فالوقت لم يعد لمصلحتهم مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية، فمن جهة قد يكون لهذه الجمعيات دور في هذه المرحلة من خلال تقديم المساعدات في مقابل أصوات في صناديق الاقتراع، ومن جهة أخرى فإنّ عمر الحكومة من عمر الاستحقاق الانتخابي، ولا بدّ من التصديق على إعطاء هذه الصفة للجمعيّات، لأنّهم يعملون على قاعدة “يخلق الله ما لا تعلمون بعد الانتخابات”.

مواضيع ذات صلة

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…

الثنائي وترشيح عون: سوياً ضده… أو معه

كعادته، وعلى طريقته، خلط وليد جنبلاط الأوراق عبر رمي قنبلة ترشيحه قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية، ليحرّك مياه الرئاسة الراكدة. قبيل عودته إلى…

الليلة الأخيرة لـ”ديكتاتور الشّام”..

تحملُ ليلة هروب رئيس النّظام السّوريّ المخلوع بشّار حافظ الأسد قصصاً وروايات مُتعدّدة عن تفاصيل السّاعات الأخيرة لـ”ديكتاتور الشّام”، قبل أن يتركَ العاصمة السّوريّة دمشق…