ترامب راجع… هذا ما تُظهره استطلاعات الرّأي المُبكرة المرتبطة بالانتخابات الرّئاسيّة الأميركيّة في 2024.
دائماً ما أثارَ الرّئيس الأميركيّ السابق الجدل في الولايات المُتّحدة. لكنّ ما يثير الجدل اليوم لدى المراقبين، هو التقدّم المُبكِر لدونالد ترامب على الرّئيس الحاليّ الدّيمقراطيّ جو بايدن ونائبته كامالا هاريس بغضّ النّظر عمّن سيكون شريك ترامب في السّباق الرّئاسيّ.
أمّا داخل الحزب الجمهوريّ فتُظهر الاستطلاعات أنّ ترامب يُحلّق مرتاحاً في الصّدارة بعيداً عن منافسيه المُحتملين في الانتخابات التّمهيديّة للحزب.
لم يحدث يوماً أن كان لشخصيّة أميركيّة من خارج الحزب الجمهوريّ نفوذ داخل الحزب كالذي يتمتّع به دونالد ترامب. فهو لم يكن يوماً من الذين تشرّبوا “المبادئ” الجمهوريّة
ماذا تقول الأرقام؟
بحسب استطلاع أجرته منصّة The Hill أواخر آذار المُنصرم، فإنّ 47% من النّاخبين قالوا إنّهم سينتخبون ترامب في السّباق الرّئاسيّ 2024. أظهر الاستطلاع أيضاً أنّ 41% سيعيدون انتخاب جو بايدن، بينما لم يحسم 12% من المُستطلَعين اختيارهم بعد.
اقترح الاستطلاع على النّاخبين احتمال أن يخوض الحزب الدّيمقراطيّ السّباق نحو البيت الأبيض بترشيح نائبة الرّئيس كامالا هاريس لتُنافس ترامب، فكانت النّتيجة كارثيّة على الدّيمقراطيين: 49% اختاروا ترامب، و38% نائبة الرّئيس الحالي.
أمّا داخل الحزب الجمهوريّ فكانت النتائج واضحة لناحية تفضيل الجمهوريين ترشيح الرّئيس السابق لخوض الانتخابات والفوز بولاية جديدة. إذ أيّد 59% من الجمهوريين ترشيح ترامب مجدّداً، وكان أقرب مُنافسيه نائبه السّابق مايك بنس الذي حصل على 11% فقط، وحاكم فلويدا رون ديسانتيس على 10%.
هذا عن مُشاركة ترامب. ماذا لو قرّر عدم خوض الانتخابات الرّئاسيّة؟
يقلب غياب ترامب الموازين في حال قرّر “العزوف”. أوضحت الأرقام أنّ الفارق بين الدّيمقراطيين والجمهوريين سينقلب لمصلحة الدّيمقراطيين. فقد اختار المُستطلَعون كامالا هاريس بنسبة 40% مُتقدّمةً على حاكم فلوريدا الجمهوريّ رون ديسانتيس الذي نال 38%.
أمّا داخل الحزب الجمهوريّ فيتقدّم حاكم فلوريدا على نائب الرّئيس السابق مايك بنس. إذ تُظهر الاستطلاعات أنّه في حال “عزف” ترامب عن المشاركة، فسينال ديسانتيس 28%، وبنس 24%.
هل ذاب الحزب الجمهوريّ بـ”الترامبيّة”؟
لم يحدث يوماً أن كان لشخصيّة أميركيّة من خارج الحزب الجمهوريّ نفوذ داخل الحزب كالذي يتمتّع به دونالد ترامب. فهو لم يكن يوماً من الذين تشرّبوا “المبادئ” الجمهوريّة. لم يكن سوى رجل أعمال ثريّ ذي طموحٍ رئاسيّ، استغلّ النّكسات التي تلقّاها الحزب الجمهوريّ بعد ولايتَيْ جورج بوش الابن وتيّار المحافظين الجدد بين سنتَيْ 2000 و2008، وهي الفترة التي تخلّلتها أحداث 11 أيلول وغزو أفغانستان والعراق.
لم تتوقّف النّكسات الجمهوريّة عند ولايتَيْ بوش. إذ كان مُفاجئاً صعود نجم الرّئيس الأميركيّ الأوّل من أصول إفريقيّة باراك أوباما، الذي استطاع أن يحكم مرتاحاً لولايتين بعيداً عن “الإزعاجات” الجمهوريّة، وأكسب حزبه الدّيمقراطيّ شعبيّة واسعة في أوساط الشّباب والأقلّيّات العرقيّة والمثليّين واليهود.
مع ترنّح الحزب الجمهوريّ، كان الملياردير ترامب يؤسّس لدخول البيت الأبيض، وهذا ما حصل في المفاجآت التي حقّقها بفوزه بترشيح الحزب، ثمّ انتصاره الصّادم على المرشّحة الدّيمقراطيّة هيلاري كلينتون سنة 2016.
على الرّغم من مشاهد احتلال الكابيتول بعد خسارة ترامب أمام بايدن في 2020، إلّا أنّ الجمهوريين الذين يُعدّون أكثر تمسّكاً بالمؤسسات والدّولة والدّستور اختاروا الدّفاع عن دونالد ترامب، وفي مقدّمهم أعضاء بارزون في مجلس الشّيوخ مثل ليندسي غراهام وتيد كروز وغيرهما.
ينتظر ترامب أوّل تحدٍّ جدّيّ في الانتخابات النّصفيّة في خريف 2022. وقد بدأ العمل الجدّيّ لمحاولة إيصال المرشّحين الجمهوريين المدعومين منه إلى داخل مجلسَيْ النّواب والشّيوخ، ليُمسك بزمام الحزب الجمهوريّ بالكامل إيذاناً بانطلاق حملة عودته نحو البيت الأبيض في 2024، في حال استمرّ في ترشيحه.
عوامل تقدّم ترامب
استفاد ترامب والجمهوريّون من أخطاء إدارة بايدن خلال سنة ونصف من الحكم:
– أزمة التضخّم المُتزايد في الولايات المُتحدة بسبب كورونا، وارتفاع أسعار النّفط.
– عجز إدارة بايدن عن تحقيق أيّ إنجاز على صعيد السّياسة الخارجيّة. فهي لم تردع فلاديمير بوتين عن اجتياح أوكرانيا.
إقرأ أيضاً: فيينا تنتظر تخلّي إيران عن اغتيال بومبيو وبولتون
– لم تستطع أن تتعاون مع دول الخليج العربيّ بشأن أسعار النّفط، بل صار العكس.
– لم تستطع إدارة بايدن حتّى السّاعة عقد اتّفاقٍ نوويّ “يمنع إيران من حيازة السّلاح النّوويّ”.
– يُضاف إلى كلّ هذا تضرّر صورة الهيبة العسكريّة الأميركيّة مع الانسحاب الكارثيّ من أفغانستان.
فهل يفعلها ترامب ويدخل البيت الأبيض مجدّداً على متن الهيمنة الترامبيّة على الحزب الجمهوريّ، وأخطاء بايدن الكارثيّة في الدّاخل والخارج؟