حين سأل قياديّون وناشطون في التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل عن فحوى لقائه رئيس تيّار المردة سليمان فرنجية على مائدة الإفطار التي دعا إليها السيّد حسن نصرالله، اختصر الأمر بالقول: “عادي. حكينا بأمور عامة، وكان لازم يصير هاللقاء”.
فرنجية من جهته تحدّث أمام كوادر في “تيار المردة” عن “فتح صفحة جديدة وإمكانية استتباع اللقاء بجلسات تنسيقية”.
بمنأى عن استنتاجات الطرفين من جلسة الإفطار عشيّة الانتخابات النيابية، يمكن التسليم بأنّ “دفتر شروط” حزب الله للمرحلة الفاصلة عن الاستحقاق النيابي والرئاسي، وفي ضوء التطوّرات الإقليمية والدولية، يُنفّذ تدريجاً.
يقول مصدر مطّلع على اللقاء لـ”أساس”: “منذ فترة طويلة حاول الحزب العمل على حلّ الخلاف بين باسيل وفرنجية، لكنّ الصدام كان كبيراً جدّاً
أصعب بنوده كان جَمع الحلفاء على لوائح انتخابية واحدة، تحديداً أمل والتيار الوطني الحر، والذي قد يكون له ترجمات متقدّمة أيضاً من خلال لقاء يجمع باسيل والرئيس نبيه بري قريباً، وفق تأكيد مصدر مطّلع.
حضَر الإفطار مساعد الأمين العام للحزب الحاج حسين خليل ومسؤول لجنة الارتباط والتنسيق في حزب الله الحاج وفيق صفا. وفق المعلومات، صافح باسيل وفرنجية بعضهما ببرودة في البداية، ثمّ ما لبثت أن “انكسرت” حدّة التشنّج.
خلال عشاء الإفطار لم يتمّ التطرّق إلى مسألة الانتخابات النيابية إلا من زاوية أهميّة ربحها من دون النقاش في وضعيّة اللوائح والمرشّحين في الدوائر. ولم يُطرح ملفّ الانتخابات الرئاسية.
مصادر اطّلعت على اللقاء
يقول مصدر مطّلع على اللقاء لـ”أساس”: “منذ فترة طويلة حاول الحزب العمل على حلّ الخلاف بين باسيل وفرنجية، لكنّ الصدام كان كبيراً جدّاً. بداية ووجِهت محاولة الحزب بالرفض من قبلهما، ثمّ بوَضعِهِما شروطاً متبادلة، ثمّ التفهّم، ثمّ إقناع الطرفين بضرورة الجلوس معاً. وبعد انكسار حدّة الخلاف بينهما، وهذا ما ظهر من خلال توقّف الحملات منذ أشهر بين الطرفين على مواقع التواصل الاجتماعي، وفي المقابلة التلفزيونية الأخيرة الهادئة لفرنجية، باتت مقوّمات اللقاء متوافرة، خصوصاً أنّ السيّد “يمون” على الطرفين. ولا شكّ أنّ الانتخابات النيابية فرضت نفسها كي يُخاض الاستحقاق كفريق واحد في الشكل والمضمون”.
في ما يتعلّق بملفّ رئاسة الجمهورية يقول مصدر مسؤول في حزب الله لـ”أساس”: “من جهتنا في حزب الله هذا الملفّ غير وارد النقاش فيه الآن مع أحد. فرئيس الجمهورية ميشال عون لا يزال يقوم بمهامّه الرئاسية في بعبدا. وقبل أيّ شيء الهدف بالنسبة إلينا هو الفوز بالغالبية النيابية، لِما لذلك من تأثير مباشر لاحقاً على حجم الكتلة النيابية لفريقنا السياسي، واستطراداً تأثيرها في انتخابات الرئاسة. وبطبيعة الحال لا يُبحث موضوع كهذا بوجود مرشّحين للرئاسة يجلسان إلى الطاولة نفسها”.
يصف المسؤول عينه إفطار الضاحية بـ”مصالحة حقيقية، فالرجلان رجعوا يحكوا مع بعض. وسيكون هناك لقاءات تنسيقية بينهما في ما يخصّ انتخابات الشمال وصولاً إلى ما بعد مرحلة الاستحقاق النيابي. صحيح أنّ اللوائح أُعلِنت، لكنّ إمكانية التعاون قائمة من خلال الاتفاق على كيفيّة توزيع الأصوات”.
يصف المسؤول عينه إفطار الضاحية بـ”مصالحة حقيقية، فالرجلان رجعوا يحكوا مع بعض. وسيكون هناك لقاءات تنسيقية بينهما في ما يخصّ انتخابات الشمال وصولاً إلى ما بعد مرحلة الاستحقاق النيابي
“باسيل ما بيعمل مختار”
قاد مسعى الحزب حاليّاً إلى تهدئة جبهة بعبدا – بنشعي بعد الكلام الكبير جدّاً بين الطرفين وصولاً إلى حدّ قول فرنجية: “مفكّرين سيطالون رأسي (على خلفيّة ملفّ الفيول المغشوش)، عندهم مشكلة معي فليواجهوني. وبدّهم حرب فليكن. المشكلة أنّهم يشتغلون ونحن جالسون في بيوتنا. وحين نأتي إلى الحقيقة فرنجية مطروح لرئاسة الجمهورية وباسيل ما بيعمل مختار”.
في السياق نفسه كان لافتاً تضمين باسيل خطابه في حفل إعلان لوائح التيار يوم السبت، بعد إفطار الجمعة، رسالة سلبية إلى فرنجية حين تساءل: “هل يمكن الاتّكال على البيك ابن البيك والإقطاعي ابن الإقطاعي لإحداث التغيير؟”.
تُعتبر دائرة الشمال الثالثة البقعة الأكثر تأثّراً باحتمال حصول “تنسيق” بين الخصمين المسيحيّين. والأرجح ستنطبق عليها معادلة باسيل التي أعلنها صراحة في حفل إعلان مرشّحي التيار الوطني الحر منتصف آذار الماضي: “تحالفاتنا الانتخابية هي لدمج الأصوات من أجل رفع الحواصل، لكن رح نبقى نقاتل المنظومة المالية والسياسية الراكبة منذ الـ90 والمتحكّمة برقابنا ولن ننغمس بفسادهم. ولمّا تخلص الانتخابات كل واحد بروح ع بيته”.
هكذا في حال جرى التنسيق بين المردة والتيّار يَفترض باسيل، وفق كلامه، أنّ مرحلة التعاون ستسقط بعد إقفال صناديق الاقتراع، إذ يعتبر فرنجية جزءاً من المنظومة التي يشنّ الحرب ضدّها.
الحزب يطلب النجدة
يدرك الحزب أنّ معركة كبرى تُخاض ضدّ باسيل في دائرة الشمال الثالثة، وهو يطلب نجدة فرنجية وباسيل معاً، بعدما حاول عبثاً جمعهما على لائحة واحدة في مواجهة القوات. أمّا في كسروان فعين حزب الله ليس فقط على المقعد الشيعي في جبيل بل على مقعد فريد الخازن، حليف سليمان فرنجية.
سبع لوائح تمّ تسجيلها في الدائرة، خمس منها أساسية: لائحة التيار، ولائحة القوات، ولائحة المردة، ولائحة تحالف معوّض وآل حرب والكتائب، ولائحة “شمالنا”.
إضافة إلى رمزية فوز باسيل في دائرة “الرؤساء”، يولي حزب الله أهمية كبرى لمعركة وليام طوق في بشرّي. بعد أن أدّى انضمام الأخير إلى لائحة المردة إلى تكبير المشكل بين باسيل من جهة وحزب الله وفرنجية من جهة أخرى. وزاد الطين بلّة خسارة باسيل اليوم التحالف مع تيار المستقبل وميشال معوّض وجزء من أصوات الحزب القومي.
يُذكَر أنّ دائرة المقاعد النيابية العشرة (7 موارنة يتوزّعون 3 في زغرتا و2 في البترون و2 في بشرّي، إضافة إلى 3 أرثوذكس في الكورة) أعطت عام 2018 أربعة مقاعد للمردة وثلاثة مقاعد للتيار الوطني الحر و3 للقوات.
بلغة الأرقام والإحصاءات يُتوقّع احتفاظ باسيل بمقعده النيابي وفوز مرشّح القوات غياث يزبك بالمقعد الماروني الثاني. في زغرتا يفوز طوني فرنجية وميشال معوّض وإسطفان الدويهي.
إقرأ أيضاً: ما هي “حكاية” اللقاء بين ماكرون وفرنجية؟
أمّا في بشرّي فهناك مقعد مضمون لستريدا جعجع وآخر لجوزيف إسحق، مع العلم أنّ ثمّة تقديرات انتخابية باحتمال خرق وليام طوق لائحة القوات في بشرّي، وهو ما قد يشكّل انتصاراً مدوّياً لمحور الممانعة في عرين سمير جعجع ولو أنّه أمر مستبعد. فالنائب جوزيف إسحق نال في الانتخابات الماضية 5,990 صوتاً تفضيلياً، وطوق 4,649 صوتاً تفضيلياً. أمّا في الكورة فهناك خطر حقيقي على مقعد النائب العوني جورج عطالله، إلا إذا نالت لائحة التيار حاصلين.