الفاتيكان سأل عون: أين الاستراتيجية الدفاعية وتحقيق لقمان سليم؟

مدة القراءة 5 د

ضجّت وسائل الإعلام بأخبار عن موقف الفاتيكان من الحوار مع حزب الله ومن قضايا تفصيلية أخرى في المشهد اللبناني. سبق هذا الكلام موقفٌ منسوبٌ إلى الفاتيكان دعا إلى “نزع صفة الإرهاب عن حزب الله”، وهو ما أثار استغراب دوائر الفاتيكان نفسها.

في المعلومات أنّ السفير البابوي في لبنان سأل معنيّين بقراءة المشهد اللبناني: ما هذا الكلام المنشور عن موقف الفاتيكان؟ وما يمكن أن تكون أهدافه؟ فأتاه جواب مطوّل بأنّ ذلك له أهداف داخلية تتعلّق بالرغبة في التأثير على مزاج البيئة المسيحية اتجاه حزب الله، خصوصاً على أبواب الانتخابات النيابية.

التقى رئيس الجمهورية ميشال عون البابا فرنسيس يوم الإثنين. ثمّ التقى ثانيةً رئيس الحكومة بياترو بارولين ووزير الخارجية بول غالاغير. وفي إطار تغطية هذا الحدث وتحليل معطياته خرجت مقالات وتحليلات أقلّ ما يُقال فيها أنّها مُبالَغ فيها أو أنّها مخطئة، ولا أساس لها من الصحّة.

اللقاء الذي جمع عون مع بارولين وغالاغير فتخلّله تشديدٌ على إجراء الانتخابات النيابية في موعدها

هذا الكلام يؤكّده سفير لبنان في الفاتيكان الدكتور فريد الياس الخازن في حديث لـ”أساس”. فهو يجزم أنّ المنحى العامّ في كيفية تعاطي بعض وسائل الإعلام مع زيارة عون إلى الفاتيكان شابته محاولات إسقاط في غير محلّها لتمنيّات أطراف لبنانية.

وقال الخازن إنّ “هناك مخيّلة واسعة في لبنان. فالكلام في لبنان شيء، والكلام في الفاتيكان شيء آخر. لا تناقض بين بيان الكرسي الرسولي وبيان الرئاسة اللبنانية بخصوص زيارة البابا فرنسيس للبنان. فالحبر الأعظم طالما عبّر عن رغبته بزيارة لبنان، والرئيس عون دعاه إلى القيام بها، إلا أنّه لا زيارة قريبة للبابا فرنسيس للبنان، وسبق أن عبّر عن ذلك غالاغير خلال زيارته الأخيرة إلى لبنان”.

 

ثوابت الفاتيكان في لبنان

أما عن الحوار مع حزب الله، فقال الخازن إنّ “الفاتيكان له موقف مبدئي هو الانفتاح والتحاور مع أيّ طرف في لبنان. وهذه الدعوة ينتهجها الفاتيكان في كلّ الدول التي تشهد نزاعات، إلا أنّ هناك فرقاً بين الدعوة إلى الحوار مع أيّ طرف وبين تبنّي طروحات هذا الطرف. وهذا التمييز لا يظهر في الإعلام اللبناني. فالفريق المؤيّد لحزب الله يسوِّق روايته، والفريق المعارِض لحزب الله يسوِّق روايته، والواقع أنّ الفاتيكان يدعو إلى حوار لبناني – لبناني، ومستعدّ للقيام بمبادرة لإيجاد حلول لأزمات لبنان ومساعدة الشعب اللبناني في معاناته، تماماً كما عبّر بياترو بارولين عن استعداد الفاتيكان للمساعدة في إيجاد الحلّ في أوكرانيا. لذلك كلّ الكلام في لبنان إمّا مبالغ فيه وإمّا مخطئ ولا أساس له من الصحّة”.

 

 وسط زحمة الكلام عن الكرسي، لا بدّ من التذكير بثوابته الدائمة في لبنان:

– الالتزام بالقرارات الدولية.

– عدم إدخال لبنان في الصراعات الدولية.

– تطبيق الدستور.

– وتنفيذ الإصلاحات.

هذه هي الثوابت التي ينطلق منها الفاتيكان في مقاربته الواقع اللبناني. وقد عبّر عن تخوّفه من حجم الخطر على هذه الثوابت من خلال الكلام الذي قاله غالاغير عند باب القصر الجمهوري في زيارته الأخيرة، وجاء فيه: “الفاتيكان متخوّف من زوال لبنان”.

انطلاقاً من هذه الثوابت حصل اللقاء بين البابا فرنسيس والرئيس ميشال عون. وفي معلومات “أساس” أنّ الحبر الأعظم لم يتطرّق إلى دور حزب الله في لبنان إلا من باب حصر السلاح في يد الدولة اللبنانية وفقاً للقرارات الدولية، وتطبيق الدستور لناحية لتثبيت حضور الدولة اللبنانية وسيادتها بكلّ ما في ذلك من معنى، والحفاظ على الصيغة اللبنانية ونموذجها الذي عبّر عنه البابا فرنسيس في لقائه مع شيخ الأزهر في الإمارات.

قال الخازن إنّ هناك مخيّلة واسعة في لبنان. فالكلام في لبنان شيء، والكلام في الفاتيكان شيء آخر

الانتخابات والمرفأ ولقمان سليم

أمّا اللقاء الذي جمع عون مع بارولين وغالاغير فتخلّله تشديدٌ على إجراء الانتخابات النيابية في موعدها. وقد سأل رئيس وزراء الفاتيكان عون عن الاستراتيجية الدفاعية التي كان سبق أن أعلن أنّه سيعمل عليها بعد الانتخابات الماضية.

وسأل عن المعارضة وعن المجتمع المدني وعن ضرورة عدم التعرّض لحرّيّتهم في التعبير وخوض المعترك السياسي. وتمحور النقاش أيضاً حول انفجار مرفأ بيروت وضرورة التحقيق فيه. وبعد انتهاء اللقاء، توجّه بارولين باللغة الإيطالية إلى غالاغير، ثمّ بالإنكليزية إلى عون، سائلاً: “أين أصبح التحقيق في قضية لقمان سليم؟” فأجابه عون أنّ التحقيق مستمرّ. 

انعكست المناقشات في الاجتماعات المغلقة بالصرح البابوي في مقابلة أجراها عون مع صحيفة إيطالية. إذ قال إنّ “العدالة ستتحقّق في ما خصّ انفجار مرفأ بيروت”، وأشار إلى سعيه “لتطبيق اللامركزية الإدارية الموسّعة للتوصّل إلى تطبيق أفضل للدستور”. وعن حزب الله قال عون إنّ “مقاومة الاحتلال ليست إرهاباً، وليس لحزب الله المكوّن من لبنانيين، والذي حرّر الجنوب من الاحتلال الإسرائيلي، أيّ تأثير على الواقع الأمنيّ الداخلي للّبنانيين”، مشيراً إلى أنّ “أجزاء من أراضي لبنان وسوريا لا تزال محتلّة من قبل إسرائيل، وعند التوصّل إلى تحريرها يمكن الانطلاق بمسيرة مفاوضات سلام لحفظ الحقوق”.

إقرأ أيضاً: الفاتيكان يحذّر من زوال لبنان: السياسيون متآمرون

وهذا يشكّل انعكاساً لِما جرى التطرّق إليه في الفاتيكان، الذي اكتفى ببيان مقتضب كان أهمّ ما تضمّنه ثلاث نقاط تتعلّق بالانتخابات النيابية وتنفيذ الإصلاحات وكشف الحقيقة في انفجار مرفأ بيروت.

فكيف يمكن استخدام ذلك في بازار الاصطفافات الداخلية؟ ومن أيّ زاوية حُشِرَت الإسقاطات والتحويرات والمواقف عن لسان الصرح البابوي؟

مواضيع ذات صلة

مشاورات “الأعياد”: لا 65 صوتاً لأيّ مرشّح بعد!

تَجزم مصادر نيابية لموقع “أساس” بأنّ المشاورات الرئاسية في شأن جلسة التاسع من كانون الثاني قد تخفّ وتيرتها خلال فترة الأعياد، لكنّها لن تتوقّف، وقد…

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…

الثنائي وترشيح عون: سوياً ضده… أو معه

كعادته، وعلى طريقته، خلط وليد جنبلاط الأوراق عبر رمي قنبلة ترشيحه قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية، ليحرّك مياه الرئاسة الراكدة. قبيل عودته إلى…