في صباح يوم السبت الماضي، قرأت خبراً في وسائل الإعلام اليابانية يشير إلى انخفاض عدد الأجانب الذين دخلوا اليابان عام 2021 إلى نحو 353 ألف زائر، وهو ما يشكّل تراجعاً بنحو 4 ملايين زائر، أو نحو 91% مقارنة بالعام السابق.
هذا الرقم هو أكبر انخفاض تسجّله اليابان، منذ بدء تسجيل هذا النوع من البيانات في عام 1950، ويعدّ الانخفاض الأعلى للعام الثاني على التوالي.
تشير تفاصيل الخبر إلى أنّ عدد الزوّار الأجانب لليابان قد بلغ في شهر كانون الثاني 2021 أكثر من 37 ألف شخص، وانخفض بشكل حادّ في شهر شباط إلى أقلّ من 1500 زائر بعدما تمّ تشديد القيود على الدخول للحدّ من تفشّي فيروس كورونا.
يشير التحديث الفصليّ لتقرير صندوق النقد الدولي إلى أنّ الاقتصاد العالمي يدخل عام 2022 بوضع أضعف ممّا كان متوقّعاً
ازداد الرقم إلى نحو 47 ألف زائر في تموز، ثمّ انخفض إلى 17 ألفاً في آب، عندما أُقيمت الألعاب الأولمبية والبارالمبية في طوكيو، وكانت اليابان تخطّط لجذب أكثر من 40 مليون سائح، وأن تحقّق بفضلها رقماً قياسياً سنويّاً للزائرين.
توقّف الرقم عند أكثر من 10 آلاف زائر بقليل في شهريْ تشرين الأول وتشرين الثاني، لكنّه انخفض مجدّداً إلى أقلّ من 3 آلاف في كانون الأول الماضي حين فرضت الحكومة حظراً على دخول الأجانب للبلاد للحدّ من تفشّي متحوِّل أوميكرون.
كانت الحكومة اليابانية قد وافقت رسمياً على مسوّدة الميزانية للعام المالي 2022، وتبلغ قيمتها 107 تريليونات و596 مليار ين، أي نحو 940 مليار دولار، ويعدّ ذلك ارتفاعاً بـ8.6 مليارات دولار عن الميزانية الأوّلية للعام المالي 2021.
وسيخصّص مبلغ قياسي قيمته 317 مليار دولار تقريباً لتغطية نفقات الضمان الاجتماعي، بما في ذلك الرعاية الطبية والتمريضية للمسنّين، لتلبية متطلّبات زيادة المسنّين في اليابان، بالإضافة إلى نحو 43 مليار دولار لتمويلات احتياطية للتعامل مع جائحة فيروس كورونا.
اقترحت أيضاً الحكومة اليابانية إنفاق نحو 47 مليار دولار على الدفاع، وبلغت التكلفة المخصّصة لخدمات الدين العامّ الياباني أكثر من 212 مليار دولار، وتتوقّع جمع عائدات ضريبية قياسية تبلغ 65.2 تريليون ين أو حوالي 570 مليار دولار.
تنطبق المصاعب الاقتصادية التي تعاني منها اليابان تماماً على الأوضاع السائدة في دول جنوب شرق آسيا، وتنتج عن ضغوط تضخّميّة يسبّبها العرض المحدود والطلب المتزايد اللذان يؤدّيان إلى ارتفاع الأسعار.
في سنغافورة، ذكرت إدارة الإحصاء أنّ مؤشّر أسعار المستهلك في شهر كانون الأول ارتفع بنسبة 4 في المئة مقارنة بالعام السابق. وقد أدّت زيادة حادّة في أسعار خطوط الطيران، بالإضافة إلى أسعار الكهرباء والغاز، التي ازدادت بسبب ارتفاع أسعار الطاقة، إلى ارتفاع المؤشّر، وهذه هي أعلى زيادة يشهدها المؤشّر في نحو 9 سنوات.
وفي تايلند، ارتفعت أسعار المستهلك بنسبة 2.1 في المئة في كانون الأول، وشهدت أسعار اللحوم زيادة حادّة بسبب ارتفاع أسعار العلف وتفشّي إنفلونزا الخنازير الإفريقية التي أدّت إلى تراجع الإمداد.
في الوقت نفسه، شهدت ماليزيا تضخّماً بنسبة 3.2 في المئة في كانون الأول، في حين سجّلت إندونيسيا أكثر من 1.8 في المئة.
تنطبق المصاعب الاقتصادية التي تعاني منها اليابان تماماً على الأوضاع السائدة في دول جنوب شرق آسيا، وتنتج عن ضغوط تضخّميّة
يتوقّع المراقبون أن تشهد الأسعار زيادة أكبر في منطقة جنوب شرق آسيا، في حال قرّرت الولايات المتحدة تبنّي سياسة نقدية أشدّ صرامة، إذ من شأن ذلك أن يزيد من قوة الدولار ويجعل الواردات إلى آسيا مكلفة بصورة أكبر.
يشير التحديث الفصليّ لتقرير صندوق النقد الدولي إلى أنّ الاقتصاد العالمي يدخل عام 2022 بوضع أضعف ممّا كان متوقّعاً، مضيفاً أنّ ظهور المتحوِّل أوميكرون أواخر شهر تشرين الثاني الماضي يهدّد بانتكاسة في مسار التعافي المبدئي.
في الوقت نفسه، ما زالت التوقّعات تواجه مخاطر، بما في ذلك التوتّر الجيو- سياسي، وموجة ارتفاعات في الأسعار تؤثّر على المستهلكين والأعمال التجارية، يُتوقّع أن تستمرّ لفترة أطول ممّا كان يُعتقد سابقاً.
وبعد التعافي القويّ العام الماضي عندما حقّق الاقتصاد العالمي نموّاً قُدّرت نسبته بـ 5.9 في المئة، خفض صندوق النقد توقّعاته لكلّ دولة تقريباً، وكان استثناء الهند من هذا الاتجاه لافتاً بدرجة كبيرة، فيما كان لخفض التوقّعات بالنسبة لكلّ من الولايات المتحدة والصين التأثير الأكبر.
لفتت النائبة الأولى للمدير العامّ للصندوق، غيتا غوبيناث، إلى أنّ مجموع الخسائر الاقتصادية المتوقّعة، التي سيتسبّب بها وباء كورونا، على مدى 5 سنوات، سيبلغ حوالي 14 تريليون دولار حتى نهاية عام 2024، مقارنة بتوقّعات ما قبل الوباء.
في ما يتعلّق بالاقتصاد الأميركي، ذكر صندوق النقد الدولي أنّ خطة الرئيس بايدن الضخمة للإنفاق الاجتماعي عالقة في الكونغرس، وأفاد أنّ هذا العامل، إضافة إلى اضطراب سلاسل الإمداد الذي انعكس سلباً على الأعمال التجارية الأميركية والتصنيع، تسبّبا بخفض إجمالي الناتج الداخلي بـ1.2 نقطة مئوية، وبات من المتوقّع أن ينمو إجمالي الناتج الداخلي 4 في المئة هذا العام.
وبينما يعدّ المعدّل مرتفعاً تاريخياً بالنسبة لأكبر اقتصاد في العالم، إلا أنّه أقلّ بكثير من النموّ البالغ 5.6 في المئة عام 2021.
في هذه الأثناء، ساهمت إعادة فرض تدابير إغلاق في الصين في تراجع الاستهلاك الخاصّ، فيما أدّت الصعوبات التي تواجه قطاع العقارات إلى خفض توقّعات النمو بمقدار 0.8 نقطة، وباتت النسبة المتوقّعة حالياً 4.8 في المئة.
إقرأ أيضاً: جديد كورونا: متحوّل “الشبح”… يخدع الـPCR
وتمّ خفض التوقّعات بشكل كبير بالنسبة لاقتصادات كبرى أخرى على وقع الاضطرابات الناجمة عن الوباء، مثل ألمانيا (خفض بـ 0.8 نقطة مئوية) والبرازيل والمكسيك (خفض بـ1.2 نقطة مئوية).
وبينما لفت تقرير الصندوق إلى أنّ توقّعات عام 2023 تحسّنت بعض الشيء، فإنّ هذا التحسّن ليس بما يكفي للتعويض عن الخسائر الناتجة عن الانخفاض المسجّل للعام 2022.
* نقلاً عن بوابة الأهرام المصريّة