انتخابات زحلة: 7 تغييرات كبيرة

مدة القراءة 7 د

تشكّل زحلة إحدى الدوائر الانتخابية التي ترتسم حولها علامة استفهام كبرى، تحديداً حول مدى تأثّر تيار المستقبل بقرار اعتزال الرئيس سعد الحريري العمل السياسي وعزوفه، هو وتياره، عن الترشّح… إلى فترة لا يعرف مدّتها الحريري نفسه.

هي الدائرة التي راكمت منسوب الخسارة التي تلقّاها الحريري في انتخابات 2018 وأسهمت في كسر “قاعدة” الاحتكار الأزرق للتمثيل السنّيّ من صيدا إلى بيروت والبقاع الغربي وطرابلس والكورة…

فجأة “فرّخت” أمام الحريري زعامات مناطقية “مصدّقة” بختم صناديق الاقتراع، من وزن أسامة سعد وعبد الرحيم مراد وفيصل كرامي. وأسّست لتعاطٍ سياسي مختلف مع زعيم تيار المستقبل انعكس في تأليف الحكومة وفي الحسابات داخل البيت السنّيّ.

ستنقلب مشهديّة 2018 بعد أشهر رأساً على عقب بفعل التراجع المتوقّع في نسبة الاقتراع و”خلطة” التحالفات الجديدة وغياب تيار المستقبل ككتلة تنظيمية وشعبية ناخبة

يومئذٍ اعترف “الحريريّون” علناً بخسارة ثلاثة مقاعد “كان في الإمكان الفوز بها بسهولة، لكنّ الخطأ في توزيع الصوت التفضيلي والإرباك في عمل الماكينات الانتخابية أدّيا إلى خسارتنا”، على حدّ تعبير الأمين العامّ للتيّار أحمد الحريري.

اعترف الحريري أنّ “باسم الشاب خسر على 900 صوت كان ممكناً تجييرُها من بلوك سعد الحريري أو تمام سلام، وخسرت المرشّحة الأرمنيّة في زحلة ماري جان بلازكزجيان على 1700 صوت، أمّا نقولا غصن في الكورة فكان يحتاج فقط إلى 180 صوتاً”.

لكن بالأرقام كانت الخسائر أكبر من ذلك بفعل طبيعة قانون الانتخاب.

تشتّت البلوك السنّيّ

انكماش التمثيل السنّيّ المستقبلي قبل أربع سنوات معرّض لمزيد من التشتّت على شكل “حالات” مناطقية تستلهم معاركها من الخطّ السياسي العامّ لتيار المستقبل، لكن تخوض الاستحقاق بـ”زنودها” وهمّة التحالفات التي ستحبكها.

النائب سيزار المعلوف، شريك القوات في الانتخابات الماضية، أعلن عزوفه. كانت تلك أولى الترجمات في زحلة لقرار الحريري. وهو شبّه الأمر بالمقاطعة المسيحية للانتخابات عام 1992.

قرار المعلوف نهائي، على الرغم من اعتبار البعض أنّه قد يُعيد النظر بعدما رصد مواقف دار الإفتاء ورئيس الحكومة وشخصيات سنّيّة لم تتبنَّ خيار “المقاطعة السنّيّة” ولم تتملّكها فوبيا “الانعزال والاستهداف”. وتتردّد معلومات أنّ عمّه النائب السابق يوسف المعلوف يدرس قرار الترشّح.

وفق المعلومات، سيترشّح الدكتور عاصم عراجي. وهو النائب الذي اُنتُخب للمرّة الأولى على لائحة التيار الوطني الحرّ عام 2005، ثمّ على لائحة تيار المستقبل بعد الاعتراض على سياسات التيار البرتقالي

في 2018 فازت لائحة تحالف المستقبل – التيار الوطني الحر – ميشال الضاهر بثلاثة مقاعد. ذهب الأوّل لضاهر (كاثوليكي) والثاني لعاصم عراجي (سنّيّ) والثالث لسليم عون (ماروني). أمّا لائحة القوات وسيزار المعلوف ففازت بمقعدين، أحدهما لجورج عقيص (كاثوليكي) والثاني للمعلوف (أرثوذكسي). فيما حصلت لائحة حزب الله على مقعدين، واحد لأنور جمعة (شيعي)، والآخر لإدي دمرجيان (أرمني).

ستنقلب مشهديّة 2018 بعد أشهر رأساً على عقب بفعل التراجع المتوقّع في نسبة الاقتراع و”خلطة” التحالفات الجديدة وغياب تيار المستقبل ككتلة تنظيمية وشعبية ناخبة.

عراجي سيترشّح

وفق المعلومات، سيترشّح الدكتور عاصم عراجي. وهو النائب الذي اُنتُخب للمرّة الأولى على لائحة التيار الوطني الحرّ عام 2005، ثمّ على لائحة تيار المستقبل بعد الاعتراض على سياسات التيار البرتقالي وتوقيعه ورقة التفاهم مع حزب الله.

يشكّل رئيس لجنة الصحة النيابية “حالة مناطقية” أعفاها الحريري من قرار “الاعتزال” تاركاً لها حريّة القرار. ويقول لـ”أساس”: “لا أزال أستشير قواعدي الشعبية، وقريباً أحسم قراري بالترشّح والتحالفات. وقد أظهرت الاستطلاعات أنّي في المرتبة الأولى بين المرشّحين السُنّة، وهناك ضغط عليّ لأقدّم ترشيحي”.

أما عن النقاش مع تيار المستقبل فيوضح عراجي: “الحريري كان واضحاً في اجتماع الكتلة حين تحدّث عن البيوتات السياسية في المناطق قائلاً “أنا لا أريد إقفالها”، لكن مع التمنّي أن تكون الترشيحات شخصيّة. وهذه علامة شهامة منه”.

لكن المؤكّد أنّه لن يتحالف مع التيار الوطني الحرّ. واحتمال التحالف مع ميشال الضاهر أو ميريام سكاف لا يزال “هو رهن الاستشارات”.

المستقبل الكتلة الكبرى

يُعتبر تيار المستقبل أكبر كتلة ناخبة في زحلة. وفق أرقام 2018 كان صاحب الثقل الانتخابي الأكبر (نحو 19 ألف صوت)، ومع ذلك خسر المقعد الأرمني ونال مرشّحه الفائز عراجي 7224 صوتاً. يليه الثنائي الشيعي ( 15 ألف صوت)، والقوات (12 ألف صوت)، وميشال الضاهر (9 آلاف صوت)، والتيار الوطني الحر (بين 5 و6 آلاف صوت)، ثم ميريام سكاف، وآل فتوش، وحزب الكتائب، وحزب الطاشناق، والحزب السوري القومي الاجتماعي.

عراجي: الحريري كان واضحاً في اجتماع الكتلة حين تحدّث عن البيوتات السياسية في المناطق قائلاً “أنا لا أريد إقفالها”، لكن مع التمنّي أن تكون الترشيحات شخصيّة. وهذه علامة شهامة منه

وفق خبراء انتخابيين، ستترتّب نتائج عدّة على قرار الحريري بالانسحاب من السباق الانتخابي وخلاف المستقبل مع التيار والقوات:

1- يتوقّع أن ينال عراجي الجزء الأكبر من أصوات البلوك السنّيّ الذي يدور في فلك تيار المستقبل بالنظر إلى حيثيّته الشعبية والعائلية. وتتوافر معلومات عن عدّة ترشيحات سنّيّة قريبة من “المستقبل” في ظلّ غياب الإدارة المركزية، وسيُجيَّر لها جزء من هذا البلوك. وتوجد بالطبع شريحة سنّيّة وازنة قد تقاطع الانتخابات، وأخرى ستتناتشها باقي القوى السياسية والشخصيات الزحلية. القوات وحدها يبدو أن لا خبز لها في الملعب المستقبلي “المتروك”.

2- تفكّك تحالف التيار الوطني الحرّ والمستقبل وميشال الضاهر وأسعد نكد، بفعل انسحاب الحريري وخلاف الضاهر مع العونيين وعزوف نكد عن الترشّح.

3- قبل إعلان قرار الحريري، كانت المفاوضات قائمة بين سيزار المعلوف وميريام سكاف للالتحاق بلائحة المستقبل. لكنّ المعلوف أعلن عزوفه عن الترشّح وميريام في حالة إرباك قبل حسم قرارها.

4- التحالف المؤكّد هو بين التيار الوطني الحر وحزب الله. ويُحتمَل أن لا يخوض نقولا فتوش الانتخابات بعد الجواب غير الإيجابي الذي أبلغه للحزب. هذا وكان يمكن لفتوش أن يفوز بالمقعد الكاثوليكي الثاني عام 2018 مستفيداً من بلوك أصوات الحزب الذي تجاوز 15 ألف صوت، ومَنح مرشّحه الشيعي أنور جمعة أكبر عدد من الأصوات التفضيلية (15,601 صوت). لكنّ فتوش نال 5,737 صوتاً تفضيلياً فقط. والمفارقة كانت في فوز المرشح الأرمني على لائحة الحزب إدي دمرجيان بـ77 صوتاً فقط.

5- بالنسبة إلى لائحة ميشال الضاهر المؤلّفة من وجوه مستقلّة والمدعومة من المجتمع المدني: كان الضاهر قد حلّ أوّلاً على لائحة التحالف مع التيار الوطني والمستقبل، وكان الثالث في الترتيب العامّ للفائزين عام 2018. في هذا السياق يبدو أنّ حزب الكتائب لن يكون له مرشّح حزبي في زحلة، وقد يدعم لائحة الضاهر والمستقلّين. وقد نال مرشّح الكتائب إيلي ماروني في الانتخابات الماضية 1,213 صوتاً مقابل مرشّح العونيين سليم عون الذي حصد 5,567 صوتاً.

إقرأ أيضاً: الانتخابات: باسيل يتمهّل.. جعجع “طاحش”.. والحزب مرتاح

6- لائحة القوات هي من دون حليف واضح حتى الآن، وقد أعلنت ترشيح كلّ من جورج عقيص (كاثوليكي) وإلياس اسطفان (أرثوذكسي). وكان عقيص قد حلّ عام 2018 أوّلاً بين المرشّحين الكاثوليك (11,363 صوتاً)، وتلاه الضاهر (9,742 صوتاً)، ثمّ ميريام سكاف (6,348 صوتاً).

7- يبقى احتمال تفريخ أكثر من لائحة تحت مسمّى “المجموعات الثورية” التي تسلك منهجيّة عمل مختلفة عن العديد من الشخصيّات المنضوية تحت عنوان المجتمع المدني. وغالباً ما باتت الرموز المرتبطة بهذه المجموعات عنواناً للفوضى وقطع الطرقات واستباحة الحريّات الشخصية داخل المطاعم والطرقات والتعدّي على الناس.

مواضيع ذات صلة

مشاورات “الأعياد”: لا 65 صوتاً لأيّ مرشّح بعد!

تَجزم مصادر نيابية لموقع “أساس” بأنّ المشاورات الرئاسية في شأن جلسة التاسع من كانون الثاني قد تخفّ وتيرتها خلال فترة الأعياد، لكنّها لن تتوقّف، وقد…

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…

الثنائي وترشيح عون: سوياً ضده… أو معه

كعادته، وعلى طريقته، خلط وليد جنبلاط الأوراق عبر رمي قنبلة ترشيحه قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية، ليحرّك مياه الرئاسة الراكدة. قبيل عودته إلى…