معركة المتن: تكسير رؤوس بين العونيين والقواتيين

مدة القراءة 7 د

اليوم عند الخامسة والنصف يطلّ رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع من معراب ليعلن باسم القوات ترشيح الوزير السابق ملحم الرياشي عن المقعد الكاثوليكي، ورازي الحاج عن المقعد الماروني في المتن.

يستكمل هذان الترشيحان سلسلة الترشيحات القواتية في المناطق: جورج عقيص في زحلة، غسان حاصباني في بيروت الأولى، شوقي الدكاش في كسروان، وغياث يزبك في دائرة الشمال الثالثة. ويُتوقَّع أن يُطلق جعجع لوائح مرشّحيه في كلّ المناطق قريباً ضمن تجمّع حزبي ضخم في إحدى المناطق الكسروانية. 

تبدو معركة الحواصل الانتخابية في المتن صعبة على الجميع، التيار الوطني الحر والقوات والطاشناق وآل المرّ والكتائب والمجتمع المدني

وقد حطّ أوّل ترشيحٍ علني من نادي التوريث السياسي في قضاء المتن، ليقصّ شريط ترشيحات في المناطق تنقل “النيابة” من غصنٍ إلى آخر ضمن شجرة العائلة.

من ميشال إلياس المرّ الأب إلى إلياس ميشال المرّ الابن إلى ميشال إلياس المرّ الحفيد، أعلن رئيس صندوق مؤسسة الإنتربول الوزير السابق إلياس المرّ ترشيح نجله إلى النيابة لأنّه “شابّ طموح يريد التغيير ويرغب بالبقاء في لبنان”.

أعاد المشهد التذكير بالعام 2000 يوم أطلّ الوزير الراحل ميشال المرّ من وزارة الداخلية ليزفّ إلى اللبنانيين بشرى تنصيب نجله إلياس المرّ وزيراً للداخلية قائلاً: “شابّ حلو وكويّس وبيعجبكون، وبكرا بتتعرّفوا عليه”.

أوّل محطة انتخابية علنية لآل المرّ كانت من مقرّ حزب الطاشناق في برج حمّود، وأهمّ ما ورد فيها هو تأكيد الأمين العام للحزب النائب آغوب بقرادونيان أنّ قانون الانتخابات يَفرض على كلّ القوى السياسية إجراء حسابات بعيداً عن السياسة للحصول على عدد أكبر من النواب، مضيفاً أنّ الطاشناق، الذي تحالف مع التيار الوطني الحر عام 2018، “يدرس كلّ الإمكانيات المطروحة مع حلفائنا حتّى مع أطراف سياسية أخرى لم نكن متحالفين معها سابقاً”، وهو ما يثبّت التحالف مع المرّ.

معركة الحواصل

تبدو معركة الحواصل الانتخابية في المتن صعبة على الجميع، التيار الوطني الحر والقوات والطاشناق وآل المرّ والكتائب والمجتمع المدني…

 ثمانية مقاعد (4 موارنة 2 أرثوذكس 1 كاثوليك 1 أرمني) ستتقاسمها على الأرجح أربع لوائح رئيسية في ظلّ تشتّت بلوك المجتمع المدني.

عام 2018 ذهب ميشال المر، صاحب الإمبراطورية العتيقة في الخدمات والسلطة والتنفيعات والالتصاق بالناس، إلى المعركة الانتخابية وحيداً تقريباً، بعدما اعتاد أن “يقشّ” الأرثوذكسي القوي مقاعد المتن كما فعل عام 1996، وخمسة منها عام 2000، وبصفته الزعيم المتنيّ الذي يختار النواب الموارنة.

مقعد ميشال المر الذي حصل عليه بشقّ النفس قبل نحو أربع سنوات “جُيِّر” اليوم إلى حفيده وحفيد إميل لحود تحت شعار “التغيير”، بعد عقودٍ من الانغماس الكامل لآل المرّ في “المنظومة” الحاكمة، والتحكّم بالمشهد المتنيّ بدءاً من أكبر نائب وضابط ومدير عام وصولاً إلى أصغر رئيس بلديّة ومختار وحاجب.

يقول متابعون إنّ الجميّل مع تلحّفه بلافتة المجتمع المدني فإنّه حين يكون قادراً على الفوز يفضّل أن تكون ترشيحاته حزبية محضة بدلاً من خوض المعركة بمرشّحين من المجتمع المدني

اليوم يتحالف حفيد المرّ مع الطاشناق والمرشّح سركيس سركيس ضمن لائحة واحدة “تُنيشِن” على حاصليْن انتخابيّين.

عمليّاً، وبعدما كان الصوت الأرمنيّ بيضة القبّان في المتن الشمالي فَقَدَ مع القانون النسبي تأثيره فأصبح رافعة لمرشّح الطاشناق فقط مع الاكتفاء برفع حاصل أيّ حليف معه من دون القدرة على قلب النتائج.

وفق التقديرات فإنّ حصول اللائحة على حاصلين هو رهن القدرة التجييريّة لحفيد المرّ الذي سيعجز، برأي خبير انتخابي، عن تأمين 13 ألف صوت للّائحة و12 ألف صوت تفضيليّ ذهبت إلى ميشال المرّ في الانتخابات الماضية. فحليفه الطاشناق سيركّز ثقله لإنجاح مرشّحه الأرمني بالصوت التفضيليّ.

كذلك يقرّ كثيرون بضعف والده إلياس المرّ على مستوى الخدمات، وهو الأمر الذي أقرّ به الأخير من مقرّ الطاشناق حين أشار إلى الغياب عن المشهد المتنيّ طوال الفترة الماضية. أمّا سركيس سركيس الذي “هجّ” من لائحة التيّار إلى لائحة المرّ فتنتظره الخسارة “المضمونة” للمقعد الماروني الذي يهجس به منذ سنوات.

مأزق العونيّين

على الضفّة العونية تعاني لائحة التيار الوطني الحرّ من صعوبات عدّة في ظلّ خسارة محتملة للمقعد الكاثوليكي.

ستضمّ اللائحة الثلاثي إبراهيم كنعان (ماروني) وإلياس بوصعب (أرثوذكسي)، الذي لم يشارك في انتخابات التيار الداخلية، وإدي معلوف (كاثوليكي).

وفق التقديرات لن تتمكّن اللائحة من الفوز إلّا بحاصلين. وكان العونيون قد تحالفوا عام 2018 مع الطاشناق والقومي وسركيس سركيس وفازوا بثلاثة حواصل وكسرٍ عالٍ، أي مقاعد نوّاب التيار الثلاثة ومقعد الطاشناق.

أمّا اليوم فيخوض التيار المنازلة من دون الطاشناق والمؤازرة الماليّة لسركيس. وفي هذا السياق يؤكّد مطّلعون أنّ تحالف العونيين مع القومي لم يُحسَم تماماً بعد، وهو مرتبط بخريطة التحالفات في الشمال.

وفيما تدور معارك خفيّة بين مرشّحي البيت العوني على الأصوات التفضيلية والحواصل، ويعاني التيار من تراجع شعبيّته في معظم المناطق في ظلّ نقمة عارمة على حزب الله، فإنّ تحالفه المُرجّح مع الحزب القومي، المنقسم على نفسه، لن يُغيّر من حتميّة فقدان التيار لمقعد في الانتخابات المقبلة.

هنا كان لافتاً تأكيدُ معلوف في مقابلة تلفزيوينة أنّه “إذا حُسِم ترشيحي فأنا أضمن الفوز بالمقعد”. وفوز التيار بالمقعد الكاثوليكي يعني خسارته مقعد إبراهيم كنعان، وهو أمرٌ مستبعد. وتتردّد معلومات عن تنسيق تحت الطاولة بين المرّ والقومي.

حاصلان للقوّات؟!

أما لائحة القوات فستضمّ ملحم الرياشي ورازي الحاج. وقد استغنى جعجع بذلك عن ترشيح النائب الماروني إدي أبي اللمع، وأبقى على ترشيح الحاج الذي يُعتبر من الوجوه الناشطة على مستوى المجتمع المدني. واستبدل ترشيح ميشال مكتّف بملحم الرياشي، صاحب البروفيل القوّاتي المعتدل والحواريّ.

بالتأكيد سيشكّل قضاء المتن إحدى أهمّ حلبات “تكسير الرؤوس” بين العونيين والقواتيين على خلفيّة ارتفاع مستوى الاحتقان والتجييش على خط معراب-بعبدا.

واحتمال نيل القوات حاصلين في المتن غير مستبعد، إذ يبدو فوز الرياشي شبه مضمون، وستدور معركة حقيقية على المقعد الماروني الرابع والمقعد الأرثوذكسي (أي مقعد المرّ) أو الأرمني. وتراهن القوات على ضعف الآخرين وتضعضع الجبهات كي تفوز بالمقعد الماروني.

لائحة سامي

ماذا عن لائحة النائب سامي الجميل، التي ستضمّ النائب إلياس حنكش، وستتحالف مع غسّان مخيبر (أرثوذكسي) حليف التيار السابق؟ يُتوقَّع نيل الكتائب حاصلين انتخابيّين (أي مقعدين مارونيّين).

إقرأ أيضاً: المغتربون: هل يقلبون الطاولة في البترون والشوف والأشرفية؟

يقول متابعون إنّ “الجميّل مع تلحّفه بلافتة المجتمع المدني فإنّه حين يكون قادراً على الفوز يفضّل أن تكون ترشيحاته حزبية محضة بدلاً من خوض المعركة بمرشّحين من المجتمع المدني. هكذا يدعم لائحة المجتمع المدني في بعبدا، مثلاً، لأن لا مرشّح حزبيّاً لديه، فيما يستغلّ بلوك الأصوات المستقلّة في المتن لمصلحته الحزبية.

أيضاً من المُتوقَّع أن تتنافس أكثر من لائحة على تمثيل المجتمع المدني في المتن في ظلّ العجز الواضح عن التكتّل ضمن لائحة واحدة. وقد تضمّ إحدى اللوائح، برئاسة بول ناكوزي، كتائبيّين سابقين ويمنى الجميّل شقيقة النائب نديم الجميّل.

مواضيع ذات صلة

السّعوديّة: لدولة فلسطينيّة… لا تحتاج موافقة إسرائيلية

الصراعات لا تنتهي، وتحديداً في الشرق الأوسط. هذه معادلة خبرتها كلّ الدول والقوى والأمم على مرّ التاريخ. لذا لا بدّ من العمل على كيفية إدارتها…

جـردة حـسـاب

بين مقعده، وصورة “كاريزمية” للراحل حسن نصرالله وعلَمَي الحزب ولبنان، “يحشر” نفسه الأمين العام الجديد للحزب نعيم قاسم في إطار تلفزيوني وأجندة إيرانية وثقل تركة…

هوكستين عائد بعد الانتخابات: التسوية تنتظر الرئيس الجديد

واشنطن   ليست سهلة الانتخابات التي تخوضها الإدارة الديمقراطية. فهي تنافس الحزب الجمهوري على “المنخار” بحسب التعبير اللبناني. كثيرة هي التناقضات التي أصابت جمهور الحزب…

“إنزال” في البرلمان: التّمديد لقائد الجيش

يترافق سقوط مفاوضات وقف إطلاق النار مع انكشاف أمنيّ وعسكري وسياسي كامل، عبّر عنه بالسياسة النائب السابق وليد جنبلاط بقوله إنّ “آموس هوكستين تآمر علينا…