الشركة اليونانيّة علّقت رحلاتها: نريد مطاراً “محايداً”

مدة القراءة 4 د

بتعليق رحلاتها إلى لبنان حتّى آذار المقبل، ردّت الشركة اليونانية “AEGEAN” على وزير الأشغال العامة والنقل اللبناني، بعدما “اعتقد” في حديث لقناة “الجديد” أمس أنّ “الثقب تحت قمرة القيادة ربّما جاء مع الطائرة من اليونان”.

تعليق الرحلات إلى آذار، بعد إلغاء أكثر من 5 رحلات منذ اليوم الأوّل في 2022 (بحسب إدارة المطار)، يوضح أنّ الشركة ما عادت تشعر بالأمان للهبوط والإقلاع من بيروت.

وقد فتح النقاش حول أمن المطار تقرير الزميل عماد الشدياق في موقع “أساس” أمس الأوّل، الذي ضجّت به وسائل الإعلام اللبنانية والعربية، لأنّه كشف احتمال تعرّض طائرات لإطلاق نار في، أو فوق، مطار رفيق الحريري الدولي.

وزير الأشغال بدأ نهاره أمس على تويتر صباحاً. فاعترف بما نشره “أساس” عن اكتشاف ثقب في هيكل طائرة، بل كشف أنّها “شركة طيران يونانية”، وأنّ الاكتشاف تمّ “قبل إقلاع الطائرة من بيروت”. لكن عاد وأكّد أنّه “حتّى الآن لا يوجد أيّ تقرير رسمي من الشركة يوثّق السبب”. وتابع: “الخبر الآخر شائع في المطارات، وهو لا يتعدّى دوس إطار طائرة للخطوط القطرية على قطعة معدنية على ساحة الطائرات، دون وقوع أيّ ضرر في الطائرة”.

تبرير لا يرقى إلى أن يكون صادراً عن وزير الوصاية على المطار. فثقب في هيكل طائرة يعني احتمال انفجارها في الجوّ، في كارثة ستكون شبيهة بطائرة كوتونو التي سقطت في البحر وأكل السمك ركّابها بعد تمزيق جثثهم. وليس خبراً عادياً وعابراً.

إنّ هذا المطار ليس مطار لبنان، ولا مطار بيروت، بل هو مطار واقع تحت سلطة احتلال عسكري. وهو مطار شبه حزبي. ولا سبيل إلى إنقاذ لبنان من كارثة شبيهة بكارثة تفجير مرفأ بيروت، إلا بإنشاء مطار “محايد”، لكلّ اللبنانيين

أمّا “دهس قطعة معدنية” فهو يكاد يكون تبريراً “شَبَبْلكيّاً”، لا علاقة له لا بتحقيق جدّيّ، ولا بأدلّة دامغة، أو بمعطيات صلبة، عن سبب اكتشاف ثقب في إطار طائرة، كان يمكن أن يمنعها من الهبوط بسلام وأمان، ويعرّض حياة ركّابها لخطر الموت.
فهل يقول لنا الوزير إنّ الطائرة “دعست على خمسمية حجر” مثلاً؟

ثمّ يسترسل الوزير، فيقول مُعاتباً على تويتر: “ليس هكذا يحدث التكامل المطلوب لتفعيل المرافق العامة، وليس هكذا يتم التصويب على واجهة  لبنان على العالم بمجرد حصول أمور ننتظر التقارير الرسمية بشأنها من الجهات المعنيّة”.

في الجانب المهني، لو قرأ الوزير المقال بدقّة المسؤول، لكان انتبه إلى أنّ الزميل الشدياق ناقش إدارة المطار في كلّ ما ورد من معلومات في مقاله.

مطار الضاحية؟

عزيزي الوزير، مطار رفيق الحريري الدولي هو مطار يقع في قلب ضاحية بيروت الجنوبية. يسيطر على الطرق المؤدية إليه، كلّها، حزب واحد فقط لا غير. تقريباً لا سلطة لأحد آخر على المطار. ولنتذكّر أنّ هذا الحزب نفّذ اجتياح 7 أيّار لبيروت والجبل في عام 2008 بسبب قرار صدر عن الحكومة حينها بتغيير قائد جهاز أمن المطار العميد وفيق شقير. وبقي شقير في مكانه.

وبالتالي فإنّ هذا المطار ليس مطار لبنان، ولا مطار بيروت، بل هو مطار واقع تحت سلطة احتلال عسكري. وهو مطار شبه حزبي. ولا سبيل إلى إنقاذ لبنان من كارثة شبيهة بكارثة تفجير مرفأ بيروت، إلا بإنشاء مطار “محايد”، لكلّ اللبنانيين، في منطقة محايدة، لا سلطة أمنية أو عسكرية لأحد عليها.

وإذا كان هناك فرضية جدّيّة بأن يكون مرفأ بيروت قد تمّ تفجيره في سياق حرب عدوانية على المعابر اللبنانية، ضمن معركة إقليمية، فإنّ مصير المطار قد لا يكون أفضل حالاً ومستقبلاً. وهذا يجعلنا أمام احتمال أن نصير بلداً بلا مرفأ ولا مطار. وبالطبع لا معابر لدينا إلا مع “سوريا – الأسد”، أو مع إسرائيل. ولبنان في حالة حرب، وتحت عدوان مستمرّ من الاحتلال الإسرائيلي، وفي حالة خصام معلن مع “سوريا – الأسد”.

إقرأ أيضاً: المطار على أبواب الكارثة: رصاصٌ ودولاراتٌ وتسيُّب

لذا فإنّ ضرب المطار يعني عزل لبنان عن العالم بشكل كامل.

ولهذا: نريد مطاراً محايداً. وفوراً.

مواضيع ذات صلة

الصراع على سوريا -2

ليست عابرة اجتماعات لجنة الاتّصال الوزارية العربية التي عقدت في مدينة العقبة الأردنية في 14 كانون الأوّل بشأن التطوّرات في سوريا، بعد سقوط نظام بشار…

جنبلاط والشّرع: رفيقا سلاح… منذ 100 عام

دمشق في 26 كانون الثاني 2005، كنت مراسلاً لجريدة “البلد” اللبنانية أغطّي حواراً بين وليد جنبلاط وطلّاب الجامعة اليسوعية في بيروت. كان حواراً باللغة الفرنسية،…

ترامب يحيي تاريخ السّلطنة العثمانيّة

تقوم معظم الدول التي تتأثّر مصالحها مع تغييرات السياسة الأميركية بالتعاقد مع شركات اللوبيات التي لها تأثير في واشنطن، لمعرفة نوايا وتوجّهات الإدارة الأميركية الجديدة….

الأردن: 5 أسباب للقلق “السّوريّ”

“الأردن هو التالي”، مقولة سرت في بعض الأوساط، بعد سقوط نظام بشار الأسد وانهيار الحكم البعثيّ في سوريا. فلماذا سرت هذه المقولة؟ وهل من دواعٍ…