كريستي، فتاة لبنانيّة (18 سنة)، عاشت في دبي، وكان حلمها العودة إلى مقاعد الدراسة الجامعية في لبنان والعيش بين أهلها وناسها وأصدقائها.
شاركت في مسابقة “أونلاين” في لندن تحت عنوان: “كتابة رسالة لمسؤول“. رسالتها أهّلتها كي تكون على لائحة الـ10 الأوائل من بين 10 آلاف مشترك.
نصّ الرسالة:
السيد الرئيس،
أرجو المعذرة على عدم وجود كلمة “عزيزي” في بداية الرسالة، فأنتَ لستَ كذلك.
أنا لا أكتب هذه الرسالة لأحيّيكَ. ولا أكتب للتعبير عن الإعجاب أو الامتنان لأنّني غير ممتنّة لكَ. أكتبُ هذه الرسالة لأُشعِركَ بالخجل. لأحاسبكَ. لأذكِّركَ بوعودك َالفارغة للشعب اللبناني في بلدنا وإخفاقاتكَ المتكرّرة وقراراتك الكارثيّة. أكتب هذه الرسالة لأخبرك بصراحة أنّه ليست لديكَ الصفات والسمات المطلوبة لتكون رئيساً ناجحاً، لأنّك أضعتنا وأضعت لبنان عندما تهت ودخلت في دوّامات ومناكفات عديدة.
السيد الرئيس،
لقد فشلتَ في التعلّم من أسلافك الذين سبقوكَ. كرّرتَ الأخطاء نفسها وسوء التصرّف. لقد صنعتَ ثروتك على حساب شعبكَ. تركتَ أطفالاً يتضوّرون جوعاً، وأمّهات حزينات وآباء في القبور. لقد طردتَ الشباب وهجّرتهم من بلدهم، وأجبرتهم على الابتعاد عن عائلاتهم، والعمل في الخارج، طردتنا من بلدنا لكي نحصل على التعليم. جعلتني أسأل والدتي كلّ يوم: “متى يمكننا الذهاب لرؤية جدّتي وجدّي”، فأسمع الجواب نفسه في كلّ مرة أسأل: “ربّما قريباً، لا يبدو الوضع جيّداً في لبنان الآن”.
عندما اشتعلت النيران وانفجرت مدينتنا الحبيبة بيروت في الرابع من آب 2020 بسبب إهمالكَ وسوء إدارتكَ في السلطة، وقفتَ جانباً ولم تفعل شيئاً، فيما كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على أرض الانفجار يمسك بأيدي شعبكَ وسط الدمار والشوارع الملطّخة بالدماء يُعانق ويواسي المنكوبين. وحين أرسلتِ الإماراتُ العربية المتحدة المساعداتِ الطبيّة والغذاء لشعبكَ الفقير والمنكوب، كنتَ تختبئ وتتنصّل من كلّ المسؤوليّة. كرّرتَ الجمل الثلاث نفسها لشعبك المحبط مراراً وتكراراً على مسامع قلوبنا المكسورة والمحطّمة: “ليس لديّ السلطة”، “ليس لديّ الأموال”، “ليس لديّ دعم من جميع الأحزاب السياسية”.
أنا لا أطلب منك الشفقة أو الرحمة لأنّني أكثر حظّاً من الآخرين، فأفراد عائلتي لا يزالون على قيد الحياة وبصحّة جيدة، وأنا أقيم حالياً في اسكتلندا، وأحصل على التعليم الذي لطالما أردته وحلمتُ به. أطلب منك أن تشفق على الفقراء الذين لا يملكون الفُرص المتاحة لي لمغادرة لبنان. أشفِق على الأطفال الرضّع الذين أُلقَوا في القمامة والأنقاض في الشوارع. أشفِق على أمهاتهنّ اللواتي لا يستطعن تحمّل نفقات الاحتفاظ بهم.
أشفِق، حضرة الرئيس، على الجنود الذين يتقاضون رواتب منخفضة، ولا يستطيعون تحمّل تكاليف تعليم أولادهم، واضطرّوا إلى التضحية بأرواحهم للتعويض عن ذلك. أشفِق على فوج الإطفاء، الشباب والشابات الذين أرسلتهم إلى مرفأ بيروت الممتلئ بالمتفجّرات (نيترات الأمونيوم) في ذلك اليوم المشؤوم. إرحمِ الآباء الذين بحثوا بين الأنقاض والحطام ليجدوا رفات أولادهم.
أصلّي كلّ ليلة من أجل اليوم الذي تغادر فيه منصبكَ على أمل أن يأتي شخص أفضل منكَ يملك مقوّمات الرئيس الناجح ليتسلّم الرئاسة ولينقذ لبنان. وأدعو الله أن لا يضطرّ شعب لبنان إلى النوم جائعاً أو بارداً أو حزيناً مجدّداً.
سامحكَ الله على الذنوب والخطايا التي لن يستطيع شعبكَ غفرانها لك.
اللبنانية المخلصة،
كريستي.