ائتلافان معارضان قيد الولادة… بسبب الكتائب ومعوّض

مدة القراءة 5 د

يعترف أحد المنضوين في المجموعات التي تسمّى بالـ”ثورية” أنّ أيّاً من هذه المجموعات لا يشكّل حالة بحدّ ذاته، سواء على المستوى التنظيمي أو التحشيدي. ولذلك يحتاج بعضها إلى البعض الآخر لكي تتمكّن من تكوين موجة تأييد تجذب الأصوات الانتخابية التي تسمح لها بفرض نفسها لاعباً شرعيّاً في اللعبة الانتخابية.

هذا تحدٍّ وجوديّ قد ينتزع من هذه المجموعات فرصة إثبات وجودها في لحظة يعبّر فيها جزء كبير من الرأي العام عن رغبته بإحداث التغيير من باب السلطة التشريعية. فإمّا تفعلها المعارضة في هذا التوقيت بالذات، وإمّا ستضيّع على نفسها وعلى اللبنانيين المنفذ المتاح راهناً لإحداث تغيير ما في المشهديّة النيابية.

يتبيّن بالتفصيل أنّ مشاركة حزب الكتائب وشخصيات سياسية لها تجربتها السلطوية، كنعمة إفرام وميشال معوّض وميشال الضاهر، لم تلاقِ ترحيباً أو تأييداً من بعض المجموعات الخارجة من نبض الحراك الشعبي

حتّى الآن، تبدو الصورة متشائمة. تُعقَد اجتماعات مكثّفة، لكنّ النتيجة لا توحي بأنّ هذه التنظيمات الحديثة قادرة على توحيد جهودها الانتخابية لخوض المعارك في لوائح موحّدة أو ضمن ائتلاف عريض يعكس تفاهمها على العناوين الكبيرة لكي تتمكّن من نيل ثقة الرأي العامّ وإقناعه بأنّها تشكّل إطاراً بديلاً عن السلطة القائمة.

الأكيد أنّه جرى تذليل الكثير من العقبات والخلافات بين هذه المجموعات مع انضمام أحزاب وشخصيّات سياسية وافدة من عمق المنظومة السياسية المرذولة من جانب المعارضين أو “الثوريين”، إلى طاولة النقاشات والمفاوضات. لكنّ التحام هؤلاء في جبهة واحدة تضمّ المجموعات الحديثة، شكّل مادّة خلافية عميقة، لا تزال معالجتها صعبة… إن لم نقل إنّ هناك استحالة في تجاوز هذا العائق، كما دلّت مشاورات الأيام الأخيرة التي تُنذر بأنّ الأمور ذاهبة نحو خيارات سلبية من خلال قيام تحالفيْن للمعارضة لا تحالف واحد.

الأسماء والعائلات السياسية

يتبيّن بالتفصيل أنّ مشاركة حزب الكتائب وشخصيات سياسية لها تجربتها السلطوية، كنعمة إفرام وميشال معوّض وميشال الضاهر، لم تلاقِ ترحيباً أو تأييداً من بعض المجموعات الخارجة من نبض الحراك الشعبي.

فيما تعتبر مجموعات أخرى أنّ المعركة الانتخابية لا بدّ لها من إدارتها بعقلية براغماتية تعلي المصلحة الانتخابية على المبادىء المجرّدة لعبة، وفق الاستماع إلى لغة الأرقام والتحالفات التي تستدعي تجاوز بعض الاعتبارات. خصوصاً إذا كان المقصودون بالتحالف غير ملوّثين بلوثة الفساد، حتّى لو كانوا خارجين من المنظومة السياسية. ولهذا بدا الانقسام عمودياً خلال المناقشات الداخلية. ولا سيّما أنّ بعض المعترضين يتّهمون الوافدين الجدد، من السياسيين التقليديين، إلى كنف المعارضة، بأنّهم يسعون إلى استغلال الحالة المعارضة لتحقيق مكاسب انتخابية “على ظهر” المجموعات الناشئة حديثاً، بهدف إعادة تجديد حضورهم النيابي، لا أكثر.

أكثر المعترضين على دخول الكتائب والسياسيين إلى الجبهة، هم المجموعات اليسارية، ومنهم واصف الحركة، “تحالف وطني” ومعهم بولا يعقوبيان

لعلّ أبرز مثال هو مسارعة حزب الكتائب (عائلة الجميّل عمرها السياسي 100 عام) إلى تبنّي ترشيح مجد بطرس حرب، وهو ابن عائلة “مشايخ” تمارس العمل السياسي منذ عقود، فيما تجربة بطرس حرب السياسية مجبولة بالتحالفات المتناقضة بدليل خوضه المعركة الأخيرة إلى جانب تيار المردة والحزب السوري القومي الاجتماعي. هذا كان بمنزلة النقطة التي أفاضت كوب الاعتراض على انضمام الكتائب إلى الجبهة المعارضة.

ويتبيّن أنّ أكثر المعترضين على دخول الكتائب والسياسيين إلى الجبهة، هم المجموعات اليسارية، ومنهم واصف الحركة، “تحالف وطني” ومعهم بولا يعقوبيان (لاعتبارات تخصّ دائرتها الانتخابية)، و”بيروت مدينتي” وغيرها من المجموعات التي تدور في فلكها. الجديد هنا أن يعقوبيان تتولى التمويل وحركة يهتم بالتنظير.

في المقابل تبدي مجموعات أخرى تفهّماً لفكرة التحالف مع هذه القوى ذات التجربة في السلطة، لاقتناعها أنّ هناك حاجة إلى توسيع بيكار التحالفات لكي تتمكّن من تحقيق النجاح في أكثر من دائرة. من بين هذه المجموعات، ما يُعرف بـ”جبهة المعارضة”، الكتلة الوطنية، مجموعة “الخط التاريخي”، “الخط الأحمر”، “لقاء تشرين” ،”عامّية 17 تشرين”…

هكذا يطرح هؤلاء فكرة التحالف مع الكتائب في المتن وكسروان إلى جانب نعمة إفرام، بموازاة التحالف مع أسامة سعد في صيدا-جزين، ومع الحزب الشيوعي في الجنوب، وتتناول النقاشات التحالف مع ميشال معوّض في الشمال مع العلم أنّ مجموعة “شمالنا” أكثر جذباً للتحالف معها.

إقرأ أيضاً: “خطّ نار” بين بعبدا واليرزة: ترسيم الحدود البحرية…

يُفترض أن يشهد الأسبوع المقبل نهاية هذه المشاورات مُسفراً، وفق بعض المعنيّين، عن ولادة ائتلافين معارضين سيحاولان التنسيق فيما بينهما في الدوائر المشتركة، بحيث لا ينافس أحدهما الآخر. باعتبار أن هذا أكثر ما يمكن التوصّل إليه من تفاهم مشترك، وفق أحد المعنيّين.

هكذا يتأكد الإنقسام وبعدها المواجهة على أصوات الناخبين.

مواضيع ذات صلة

هل يستبدِل برّي حليفه فرنجيّة بأزعور؟

يدور الاستحقاق الرئاسي في حلقة مُفرغة، أحد أبرز عناصر كَسرِها التوصّل داخلياً إلى تسوية تَمنع الثنائي الشيعي من أن يكون في جلسة التاسع من كانون…

مشاورات “الأعياد”: لا 65 صوتاً لأيّ مرشّح بعد!

تَجزم مصادر نيابية لموقع “أساس” بأنّ المشاورات الرئاسية في شأن جلسة التاسع من كانون الثاني قد تخفّ وتيرتها خلال فترة الأعياد، لكنّها لن تتوقّف، وقد…

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…