حملت زيارة المبعوث الأميركي آموس هوكستين إلى إسرائيل، اقتراحاً بناه بحسب صحيفة “بديعوت أحرونوت” بناء على خلاصة جولاته إلى لبنان في حين تأتي الزيارة في توقيت حسّاس بسبب أمرين اثنين:
1- المفاوضات بين حماس وإسرائيل قاب قوسين من النجاح أو الفشل في التوصّل إلى اتفاق، وذلك سيؤثّر على لبنان.
2- تأتي الزيارة بعد أسبوع من التصعيد المقلق الذي هدّد بتوسّع الحرب على الحدود الجنوبية اللبنانية.
لبنانيّاً، جمود وانتظار لتحرّك اللجنة الخماسية دفعاً للرئاسة من جهة، لكن من جهة أخرى، حاجتها إلى انقشاع الرؤية في الصراع في غزة لأنّ استمرار ضبابيّته يعني استمرار الجمود الداخلي، ليس لارتباطهما في المضمون بل في الشكل، لأنّ الحدود اللبنانية الجنوبية في عُرف الحزب أهمّ بكثير من أيّ رئاسة مقبلة. فما هي التطمينات التي حملها هوكستين إلى تل أبيب وهل تكفي لإخماد نار الجنوب؟
هوكستين يحمل رسالة تطمين
هذه المرة لن يزور هوكستين لبنان بعد زيارته تل أبيب. يتحدّث البعض عن زيارات هوكستين المتكرّرة معتبراً أنّها تأتي في الوقت الضائع، لكنّها تملأ فراغاً مقلقاً، وتجيب على بعض التساؤلات، وتثبت أنّ المجتمع الدولي برأسه حاضر في لبنان ومهتمّ بحدوده ومعنيّ باستقراره. وصل هوكستين إلى إسرائيل مع ارتفاع وتيرة الكلام عن أنّ وقف الحرب في غزة لا يعني وقف الحرب في جنوب لبنان مع استمرار القصف الإسرائيلي على القرى الحدودية. استبق هذا التصعيد الإسرائيلي زيارةَ هوكستين وأُرفق بكلام لوزير الحرب الإسرائيلي جاء فيه أنّه ملتزم بالمستوطنين في شمال إسرائيل أكثر من التزامه بأيّ شأن آخر. جاء هذا التصريح ردّاً مباشراً على المحاولات الأميركية لضبط إيقاع الاشتباك على الحدود. إلا أنّ مصادر دبلوماسية تتحدّث لـ”أساس” أنّ الضابط الكبير، أيّ الأميركي، لا يزال يستطيع أن يفرض نفوذه وسلطته على إيقاع المعركة، وهذا ما ظهر في صحف إسرائيلية بالتأكيد أنّ الاتجاه العامّ يشير إلى أنّ وقف القتال على الحدود الشمالية مرتبط بوقف القتال في غزة.
هذه المرة لن يزور هوكستين لبنان بعد زيارته تل أبيب. يتحدّث البعض عن زيارات هوكستين المتكرّرة معتبراً أنّها تأتي في الوقت الضائع، لكنّها تملأ فراغاً مقلقاً، وتجيب على بعض التساؤلات
انطلاقاً من هذا الواقع نقلت صحيفة “بديعوت أحرونوت” مقترح هوكستين إلى تل أبيب وفيه عدد من النقاط:
– المرحلة الأولى: أن تتوقف الأعمال العدائية من جانب الحزب الذي يتوجب عليه أن ينسحب شمالاً 8 إلى 12 كلم من الحدود ليعود السكان الإسرائيليون إلى منازلهم، ثم يجري انتشار واسع النطاق للجيش اللبناني واليونيفيل من أجل الحفاظ على الاستقرار في المنطقة.
– المرحلة الثانية: تبدأ المفاوضات على ترسيم الحدود البرية، بما في ذلك البحث في 13 نقطة خلافية بين الدولتين. في المقابل تبحث الولايات المتحدة الأميركية تقديم إغراءات اقتصادية للبنان.
الرّد الإسرائيلي بحسب الصحيفة نفسها لم يكن متجاوباً إذ اعتبرت تل أبيب أنّ الحزب جزء من النسيج الاجتماعي في الجنوب ولا ضمانات بخروجه، ثم أبدت رغبتها بإبعاد السلاح الثقيل والاستراتيجي من جنوب الليطاني.
بالإضافة إلى هذا الكلام عاد غالانت وكرّر موقفه أمام هوكستين لأنه يعطي فرصة للجهود الدبلوماسية ولكن أولويته لإعادة المستوطنين إلى الشمال ولو كان ذلك على حساب الالتزام للولايات المتحدة بعدم توسيع رقعة الحرب مع لبنان.
الحزب: ملفّ الحدود أكبر من الرئاسة
في مقابل السيناريوهات المطروحة في غزة حول استنساخ قرار يشبه الـ1701 أو إنشاء شريط حدودي في شمال غزة أو غيره، تبقى للحدود اللبنانية قصة أخرى في مفهوم الحزب. وفي المعلومات أنّ كلّ الكلام الدبلوماسي الصادر عن المسؤولين اللبنانيين عن تطبيق الـ1701 لا يعدو كونه عودة إلى ما قبل السابع من تشرين الأول. وتطبيقه مرتبط مباشرة بالتنازلات المطلوبة من إسرائيل وبحرب غزة كما قال الأمين العامّ للحزب. ولا نتيجة لأيّ مفاوضات يجريها هوكستين في لبنان حول أيّ اتفاق تثبيت للحدود إلا من بعد حرب غزة. هذا ثابت لا يتغيّر.
تتحدّث مصادر سياسية عن أنّ من السذاجة أن لا نربطها بالمشهد العامّ، لكنّ ربطها ليس مقايضة. فبحسب هذه المصادر لا يطرح الحزب نفسه اتفاق الحدود لمقايضته مع الرئاسة
أمّا الرئاسة فهي شأن آخر. بطبيعة الحال تتحدّث مصادر سياسية عن أنّ من السذاجة أن لا نربطها بالمشهد العامّ، لكنّ ربطها ليس مقايضة. فبحسب هذه المصادر لا يطرح الحزب نفسه اتفاق الحدود لمقايضته مع الرئاسة. ففي مفهومه بحسب مصادر مقرّبة منه أنّ أيّ اتفاق على الحدود سيكون له أثر مفصليّ على دوره وسلاحه، وبالتالي يحتاج اتفاق كهذا إلى وقت لإنجازه، ولا يمكن مقايضته مع أيّ رئيس لأنّه أعلى ثمناً من ذلك.
لذلك الكلام عن مشاورات تسبق الرئاسة وعن انفتاح الحزب على التشاور على خيارات ثالثة هو كلام جدّي سيلاقي اللجنة الخماسية في مسعاها المقبل. وفي المعلومات أنّ اللجنة ستجتمع في شهر شباط الجاري في الرياض على أن يعود الموفد الفرنسي جان إيف لودريان إلى لبنان في نهاية هذا الشهر في جولة جديدة قد تقترب من إنجاز الرئاسة في الأشهر المقبلة.
في هذه الأثناء يتمّ تحضير الأرضية لانتخاب رئيس في حين عين الحزب على الأمن وعلى كلّ تحدٍّ مقبل، أكان في حرب مقبلة أو في مفاوضات مقبلة. وأيّ رئيس مقبل سيفتح باب التفاوض المرشّح لأن يطول قبل الوصول إلى اتفاق نهائي انطلاقاً من أنّ الوصول إلى خواتيم للصراع على الأرض بين لبنان وإسرائيل له ثمن باهظ سيكون على الحزب أن يدفعه وأن يقبضه في آن معاً.
إقرأ أيضاً: الحزب معجب بهوكستين… ونتانياهو ينتظر ترامب
ختاماً، قد لا يكون كلام الرئيس برّي عن أنّ حركة أمل أمام الحزب في قتال إسرائيل في أيّ مواجهة إلا دلالة على أنّ التصعيد هو آخر المحطّات قبل الحلّ، وأنّ رسائل التطمين بدأت تظهر تباعاً.
لمتابعة الكاتب على تويتر: josephinedeeb@