فريدمان يبشّر بـ”عقيدة بايدن”: ردع إيران.. ودولة فلسطينيّة

مدة القراءة 7 د


توقّع الكاتب والمحلّل السياسي الأميركي توماس فريدمان أن تشهد الفترة المقبلة ظهور “رؤية استراتيجية جديدة طموحة وجريئة لإدارة بايدن في وقت قريب”، سمّاها “عقيدة بايدن”، على وزن “عقيدة أوباما” التي باتت ماركة مسجّلة باسم الرئيس الأسبق باراك أوباما، وهي اختصار لنظرية الخروج من مناطق الحروب وحماية جنود أميركا، وإبرام اتفاقات مع إعدائها.

أما “عقيدة بايدن” بحسب فريدمان فهي نظرية “التعامل مع الحرب المتعدّدة الجبهات في الشرق الأوسط، التي تشمل غزة وإيران وإسرائيل والمنطقة كلّها، بما يستجيب لخطورة وتعقيد هذه اللحظة الخطيرة، وإلّا فإنّ الأزمة في المنطقة ستنتشر بطرق تقوّي إيران وتعزل إسرائيل وتترك قدرة أميركا على التأثير على الأحداث هناك نحو الأفضل في حالة يرثى لها”.

توقّع الكاتب والمحلّل السياسي الأميركي توماس فريدمان أن تشهد الفترة المقبلة ظهور “رؤية استراتيجية جديدة طموحة وجريئة لإدارة بايدن في وقت قريب”، سمّاها “عقيدة بايدن”، على وزن “عقيدة أوباما”

ورجّح فريدمان، في مقاله الأسبوعي في صحيفة “نيويورك تايمز”، أن يكون لـ”عقيدة بايدن” هذه، أو التقارب بين التفكير الاستراتيجي والتخطيط، ثلاثة مسارات:

– الأوّل هو اتّخاذ موقف قوي وحازم تجاه إيران، بما في ذلك الانتقام العسكري القوي من وكلاء إيران وعملائها في المنطقة ردّاً على مقتل الجنود الأميركيين في قاعدة في الأردن.

– الثاني يتمثّل في إطلاق مبادرة دبلوماسية أميركية غير مسبوقة من أجل قيام دولة فلسطينية الآن. تشمل شكلاً ما من أشكال اعتراف الولايات المتحدة بدولة فلسطينية منزوعة السلاح في الضفة الغربية وقطاع غزة، لا تقام إلا بعد أن ينشئ الفلسطينيون مؤسسات وقدرات أمنيّة محدّدة وذات مصداقية تضمن قابلية هذه الدولة للحياة وعدم قدرتها على تهديد إسرائيل.

– أمّا المسار الثالث فهو توسيع التحالف الأمنيّ بشكل كبير بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، بحيث يشمل أيضاً تطبيع العلاقات بين المملكة وإسرائيل، واستعداد الحكومة الإسرائيلية للانخراط في عملية دبلوماسية تؤدّي إلى دولة فلسطينية منزوعة السلاح، بقيادة سلطة فلسطينية متغيّرة.

أهمّ عملية استراتيجية منذ 1979

اعتبر فريدمان أنّه إذا تمكّنت الإدارة من القيام بكلّ ذلك وتمّ ربط المسارات الثلاثة معاً، فإنّ “عقيدة بايدن” قد تصبح أهمّ عملية إعادة تنظيم استراتيجي في المنطقة منذ معاهدة كامب ديفيد عام 1979.

بحسب الكاتب، يفرض هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول 2023) على إدارة بايدن إعادة تفكير جذرية في الشرق الأوسط. فالولايات المتحدة تدرك أنّه لم يعد بإمكانها السماح لإيران بمحاولة إخراجها من المنطقة والقضاء على إسرائيل وترهيب حلفائها العرب من خلال العمل عبر وكلائها حماس والحزب والحوثيين والميليشيات الشيعية في العراق، بينما طهران تجلس بكلّ سرور ولا تدفع أيّ ثمن. كما تدرك أنّها لن تتمتّع أبداً بالشرعية العالمية وبثة تحالف “الناتو” والحلفاء العرب والمسلمين الذين تحتاج إليهم لمواجهة إيران بطريقة أكثر عدائية ما لم تتوقّف عن السماح لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بأخذ سياستها كرهينة، وما لم تبدأ في بناء سلطة فلسطينية ذات مصداقية وشرعية يمكنها في يوم من الأيام أن تحكم غزة والضفة الغربية بشكل فعّال وباعتبارها جارة جيّدة لإسرائيل على الحدود النهائية التي سيتفاوضان عليها معاً.

اعتبر فريدمان أنّه إذا تمكّنت الإدارة من القيام بكلّ ذلك وتمّ ربط المسارات الثلاثة معاً، فإنّ “عقيدة بايدن” قد تصبح أهمّ عملية إعادة تنظيم استراتيجي في المنطقة منذ معاهدة كامب ديفيد عام 1979

نقل فريدمان عن نادر موسوي زاده، المؤسّس والرئيس التنفيذي لـ”شركة الاستشارات الجيوسياسية Macro Advisory Partners “، وكبير مستشاري الأمين العامّ الأسبق للأمم المتحدة كوفي عنان، أنّه وصف “عقيدة بايدن” المتوقّعة هذه بأنّها “استراتيجية الحسابات المزدوجة التي تكشف خدعة إيران استراتيجيّاً، وفي الوقت نفسه تشرع في مبادرة غير مسبوقة لوضع الأساس لدولة فلسطينية منزوعة السلاح بطرق لم تفعلها الولايات المتحدة من قبل، وحيث كلّ مسار يحتاج إلى الآخر لينجح، ويدعم الآخر ويبرّره. فالتصدّي لإيران ووكلائها بطريقة متزايدة ومستدامة يعزّز أمن إسرائيل وأمن حلفائنا العرب، وربط ذلك بالتزام أميركي حقيقي وجريء بإقامة دولة فلسطينية يمنحنا الشرعية للعمل ضدّ إيران لدى الحلفاء الذين نحتاج إليهم لنكون أكثر فعّالية. كما أنّه يعزل إيران عسكرياً وسياسياً”.

رأى فريدمان أنّ “هذا هو بالضبط ما يجب القيام به. وقد حان الوقت لنسمّي ألعاب نتانياهو وآيات الله في الوقت نفسه. لقد تسامحنا مع قيام إيران بتدمير كلّ مبادرة بنّاءة كنّا نحاول بناءها في الشرق الأوسط ما دامت طهران دون عتبة مهاجمتنا بشكل مباشر. وفي الوقت نفسه، تسامحنا مع حكومة نتانياهو المصمّمة على منع أيّ شكل من أشكال الدولة الفلسطينية بشكل دائم، إلى درجة دعم حماس ضدّ السلطة الفلسطينية لسنوات عديدة لضمان عدم وجود شريك فلسطيني موحّد”.

فريدمان نقل مجدّداً عن موسوي زاده قوله إنّ “هجوم 7 أكتوبر كشف عن فشل سياستنا تجاه إيران وإسرائيل وفلسطين على حدّ سواء. سمحت هذه السياسات لحماس بمهاجمة إسرائيل وأعطتها الوسائل للقيام بذلك، ومكّنت الحوثيين من شلّ الشحن العالمي، ومكّنت الميليشيات الشيعية الموالية لإيران من محاولة إخراج القوات الأميركية المنتشرة في المنطقة لمنع عودة داعش والمساعدة في الحفاظ على مستوى معقول من الاستقرار في المنطقة. وكلّ هذا حدث دون أن يحمّل أحد نظام طهران مسؤولية نشر أطرافه السامّة والمدمّرة في جميع أنحاء المنطقة، ضدّ الأهداف البنّاءة لحلفائنا، الذين يحاولون بناء منطقة أكثر ازدهاراً”.

 

إسرائيل تخسر على 3 جبهات

تفرض كلّ هذه الأسباب ظهور “عقيدة بايدن”، بحسب فريدمان، الذي دعا إسرائيل إلى أن تفعل ذلك أيضاً، إذ إنّها تخسر الآن على ثلاث جبهات:

– تخسر في حرب الردّ على غزة: على الرغم من أنّ حماس قتلت واغتصبت إسرائيليين، فإنّ إسرائيل هي التي مثلت أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي بسبب الخسائر في صفوف المدنيين التي تسبّبت بها في غزة أثناء محاولتها استئصال مقاتلي حماس الموجودين بين المدنيين.

– تفقد قدرتها على الحفاظ على أمنها دون أن تتوسّع أكثر من اللازم على المدى الطويل من خلال غزو غزة من دون أيّ خطّة لكيفية العثور على شريك فلسطيني شرعي غير حماس ليحكم هناك بشكل فعّال حتى تتمكّن إسرائيل من الانسحاب.

– تخسر على جبهة الاستقرار الإقليمي وباتت هدفاً لهجوم إيراني على أربع جبهات من خلال حماس والحزب والحوثيين والميليشيات الشيعية في العراق، لكنّها لا تستطيع توليد الحلفاء العرب أو حلف شمال الأطلسي الذي تحتاج إليه لكسب هذه الحرب لأنّها ترفض القيام بأيّ شيء لرعاية شريك فلسطيني شرعي وذي مصداقية.

إقرأ أيضاً: هل حانت “اللحظة العظيمة” لإيران النوويّة؟

ظهور “عقيدة بايدن”، كما قال موسوي زاده لفريدمان، “سيؤدّي إلى مكاسب جيوسياسية في الخارج وسياسية في الداخل، وقد تردع إيران عسكرياً وسياسياً من خلال سحب الورقة الفلسطينية منها، وتعزّز قيام الدولة الفلسطينية بشروط تتّفق مع الأمن الإسرائيلي، وفي الوقت نفسه تهيّئ الظروف اللازمة لتطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية بشروط يمكن للفلسطينيين قبولها”.

وهي، بالنسبة لفريدمان أيضاً، “استراتيجية يمكن أن تنجح مع الأميركيين العرب في بحيرة ميشيغان ومع الحلفاء العرب في الخليج العربي، وأن تفرض أيضاً حسابات داخل السياسات الإيرانية والفلسطينية والإسرائيلية على حدّ سواء”.

لقراءة النص بلغته الأصلية اضغط هنا

مواضيع ذات صلة

برنامج ترامب منذ 2023: الجمهورية الشعبية الأميركية

“سأحطّم الدولة العميقة، وأزيل الديمقراطيين المارقين… وأعيد السلطة إلى الشعب الأميركي“. هو صوت دونالد ترامب الرئيس 47 للولايات المتحدة الأميركية المنتخب يصدح من مقطع فيديو…

20 ك2: أوّل موعد لوقف إطلاق النّار

في حين أعلن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هيرتسي هاليفي أنّ إسرائيل تضع خططاً لتوسيع هجومها البرّي في جنوب لبنان، نقلت صحيفة “فايننشيل تايمز” البريطانية عن…

نصائح أوروبيّة وكوريّة… للتّعامل مع ترامب

تستعدّ الحكومات الحليفة والصديقة للولايات المتحدة الأميركية، كما العدوّة والمنافسة لها، لتحوّلات مقلقة وإدارة أكثر تقلّباً في واشنطن في ما يتعلّق بالسياسة الخارجية الأميركية مع…

عماد أمهز: عملية خطف أم إنقاذ؟

هل كان القبطان اللبناني الذي اختطفته إسرائيل وادعت أنه مسؤول عسكري في الحزب، عميلاً مزدوجاً؟ سؤال طرحته مراسلة صحيفة “التلغراف” البريطانية من تل ابيب، بشأن…