مركز استخباريّ أميركيّ عن الأهداف الأميركية: العراق أولاً واليمن ثانياً

2024-02-06

مركز استخباريّ أميركيّ عن الأهداف الأميركية: العراق أولاً واليمن ثانياً


توقّع مركز “ستراتفور” للدراسات الاستراتيجية والأمنيّة، المعروف بأنّه “CIA الظلّ”، لأنّ معظم خبرائه وموظّفيه كانوا يعملون في CIA (وكالة المخابرات المركزية الأميركية)، “ارتفاع التوتّرات بين إيران والولايات المتحدة، على أن تبقى محصورة في مسارح العمليات بالوكالة الحاليّة لتجنّب المواجهة المباشرة بين البلدين، معتبراً أنّ مدى التصعيد وصولاً إلى الحرب المباشرة قد يعتمد على وقف دائم لإطلاق النار بين حماس وإسرائيل كما على نتيجة الانتخابات الأميركية في عام 2024”.
يعتبر المركز أنّ “إعلان ميليشيا كتائب حزب الله العراقية المدعومة من إيران وإحدى الميليشيات الأربع التي تشكّل مجموعة تنسيق المقاومة الإسلامية في العراق، تعليق هجماتها على القوات الأميركية في العراق، لن يغيّر خطط الردّ الأميركية التي تشمل تركيز الضربات الجوّية على الميليشيات والمرافق العراقية التي تستخدمها إيران لتخزين الطائرات المسيّرة والصواريخ، بالإضافة إلى حملة ضربات دائمة وهجمات متعدّدة في العراق وسوريا، بما في ذلك ضرب الأصول الإيرانية، مثل الحرس الثوري الإيراني، ومواقع الطائرات المسيّرة والصواريخ والميليشيات العراقية، وذلك في حملة قد تستمرّ عدّة أسابيع وتتضمّن أيضاً عمليات إلكترونية وتستهدف المصالح الإيرانية خارج إيران”.
بحسب تقرير المركز الاستخباري، يشير دفع طهران كتائب حزب الله للإعلان عن تعليق الهجمات، إلى ضمان بقاء هجمات الميليشيات الإقليمية التي تدعمها محصورة في مسارح العمليات بالوكالة الحالية وتجنّب المواجهة المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران. فمنذ هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) والغزو البرّي الإسرائيلي لقطاع غزة، تركت إيران لهذه الميليشيات، بما في ذلك كتائب حزب الله في العراق، وحركة الحوثي في اليمن، والحزب في لبنان، المبادرة في استهداف إسرائيل والمصالح الأميركية في الشرق الأوسط، وساعدتها في تسهيل هجماتها من خلال الاستمرار في تقديم طائرات مسيّرة وصواريخ متقدّمة إلى الميليشيات في العراق وسوريا، وتقديم معلومات استخبارية عن الاستهداف والاستطلاع للمسلّحين الحوثيين في اليمن لدعم هجماتهم على السفن التي تعبر البحر الأحمر.

يعتقد خبراء المركز أنّ إيران تتجنّب المواجهة العسكرية المباشرة مع الولايات المتحدة لأسباب عدّة

بالنسبة لإيران، يضيف تحليل المركز، فإنّ تسهيل هجمات الميليشيات المتحالفة معها، والتي هي أقرب جغرافياً إلى المواقع الأميركية والإسرائيلية من إيران، يمنحها إلى حدّ ما القدرة على إنكار تورّطها في الهجمات، ويساعدها في تجنّب الانتقام المباشر على أراضيها، وإبقائه محصوراً في المسارح التي تعمل فيها الولايات المتحدة وإسرائيل وإيران، مثل العراق وسوريا ولبنان.
يعتقد خبراء المركز أنّ إيران تتجنّب المواجهة العسكرية المباشرة مع الولايات المتحدة لأسباب عدّة:
1- إنّ أيّ مواجهة مباشرة قد تسبّب اضطرابات سياسية كبيرة في الداخل، وقد تصبح تهديداً وجوديّاً لها وتشكّل ضربة قويّة للحرس الثوري الإيراني وحجج قادة البلاد بأنّهم قادرون على حماية إيران من القوات “الصهيونية”.
2- إنّ القوّة العسكرية التقليدية لإيران ضعيفة للغاية مقارنة بالولايات المتحدة وجميع منافسي إيران في المنطقة تقريباً.
3- إنّ من شأن ضربة ناجحة على إيران أن تقوّض شرعية الحرس الثوري الإيراني والحكومة الإيرانية باعتبارها قادرة على حماية البلاد، خاصة أنّها لا تزال تعاني من هجوم داعش في مدينة كرمان.
لا يستبعد المركز أن تستمرّ “كتائب حزب الله” وحلفاؤها من ميليشيات المقاومة الإسلامية في العراق في ضرب القوات الأميركية، لكن بوتيرة أخفّ يرتبط مدى عنفها بتقدير إمكانية تحقيق أهدافهم السياسية، وذلك لأنّ:
1- أيّ تصعيد قد يقوّض أحد أهدافها الاستراتيجية الذي حقّقته، وهو احتمال انسحاب قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة من العراق، حيث أعلنت وزارة الخارجية العراقية ووزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في 25 كانون الثاني أنّ البلدين اتّفقا على بدء محادثات لتحديد جدول زمني لتنفيذه تدريجياً.
2- هناك بحث بين إسرائيل وحماس حاليّاً حول خطة لوقف إطلاق النار، يعتبرها مسؤولو إدارة بايدن حاسمة لوقف الهجمات الإقليمية. ومن خلال وقف هجماتهم مؤقّتاً، تأمل كتائب حزب الله وحلفاؤها أيضاً أن تدفع إدارة بايدن إسرائيل لقبول وقف إطلاق النار.
3- الهجوم المميت على البرج 22 جاء في أعقاب دعوات قادة الميليشيات العراقية للانتقام من الضربات الأميركية على قادة الميليشيات العراقية والتي أدّت إلى سقوط العديد من الضحايا. ومن وجهة نظر قادة الميليشيات هؤلاء، فإنّ نجاح هجماتهم في قتل أميركيين يعني تصفية الحسابات.

يرجّح المركز أن تتركّز الهجمات الأميركية على العراق أكثر من غيره، وذلك لأنّ واشنطن وطهران قد أنشأتا سابقة قويّة في استهداف أحدهما مصالح الآخر في العراق

التركيز على العراق
على الرغم من استمرار هجمات الحوثيين على السفن التجارية قبالة سواحل اليمن لكن بوتيرة أخفّ نتيجة الحملة العسكرية الأميركية وانخفاض عدد السفن التي تعبر البحر الأحمر، يرجّح المركز أن تتركّز الهجمات الأميركية على العراق أكثر من غيره، وذلك لأنّ واشنطن وطهران قد أنشأتا سابقة قويّة في استهداف أحدهما مصالح الآخر في العراق (الذي يعتبره كلّ منهما امتداداً لإيران إلى حدّ ما)، ويُعتقد أيضاً أنّ تأثير إيران على أعمال الحوثيين أقلّ من تأثيرها على الميليشيات العراقية.
يعتبر المركز أنّ الوسيلة الأكثر ترجيحاً لإنهاء هجمات الحوثيين أو خفضها بشكل كبير هي اتّباع وقف دائم لإطلاق النار بين حماس وإسرائيل.
لكنّ ما يحذّر منه خبراء المركز هو “أن يدفع نجاح حلفاء إيران الإقليميين في إغلاق التجارة عبر البحر الأحمر وزيادة الهجمات على الأهداف الأميركية والإسرائيلية، الولايات المتحدة إلى إعطاء الأولوية للحدّ من انتشار تكنولوجيا الصواريخ والطائرات المسيّرة الإيرانية على حساب مخاوفها بشأن البرنامج النووي الإيراني، وهو ما يزيد من صعوبة تحقيق السلام بين طهران وواشنطن التي لم تعد قادرة على التعامل مع كبح الاستراتيجية العسكرية الإقليمية لإيران على أنّه أمر ثانوي لوقف برنامجها النووي كما فعلت إدارة الرئيس باراك أوباما عندما تفاوض على الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 الذي كان يمكن أن يشكّل نقطة انطلاق لتحسين العلاقات الثنائية وحلّ القضايا الأخرى.

إقرأ أيضاً: أميركا خائفة من ديربورن: عاصمة الجهاد في أميركا

الآن، يخلص تحليل المركز، ومع وجود اهتمام أكبر بكثير للولايات المتحدة بدعم إيران العسكري لحلفائها الإقليميين (بما في ذلك عبر نقل تكنولوجيا الصواريخ والطائرات المسيّرة) مقارنة بالبرنامج النووي الإيراني، سيكون من الانتحار السياسي أن يعرض أيّ رئيس أميركي تخفيف العقوبات على إيران مقابل تنازلات نووية لا تكون مصحوبة مع تنازلات إيرانية بشأن دعم الحلفاء الإقليميين. وسيصعب على الجانبين التفاوض على مسار يؤدّي إلى خفض دائم للتوتّرات، وهو ما يجعل التصعيد المتكرّر أكثر احتمالاً.

 

لقراءة النص الأصلي: إضغط هنا

مواضيع ذات صلة

تقرير استخباريّ أميركيّ: الضفة الغربية نحو انتفاضة ثالثة؟

حذّر تقرير استخباريّ أميركي من أن تؤدّي العمليات العسكرية الإسرائيلية الواسعة النطاق وتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية في الأشهر المقبلة إلى اندلاع انتفاضة ثالثة خطيرة…

ماذا تفعل إسرائيل في قلب آسيا الوسطى؟

بينما تتّجه الأنظار إلى الحرب الإسرائيلية ضدّ غزة ولبنان وتتفاقم المخاوف من حرب أوسع نطاقاً تشمل إيران والولايات المتحدة الأميركية، تبرز القوقاز وآسيا الوسطى كساحة…

إسرائيل وأخطاؤها الخمسة.. الطريق نحو الهاوية

“إسرائيل في ورطة خطيرة. مواطنوها منقسمون بشدّة، وهي غارقة في حرب لا يمكن الفوز بها في غزة. جيشها منهك وكذلك اقتصادها ولا تزال الحرب الأوسع…

هل من نهاية للصّراع الإسرائيليّ مع الحزب؟

سيظلّ الحزب يشكّل تهديداً لإسرائيل حتى بعد الحرب المحتملة، بحسب دانييل بايمان أحد كبار الباحثين في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية والأستاذ في كلّية الخدمة الخارجية…