فتحت قضية أمينة سرّ لجنة المعادلات في وزارة التربية أمل شعبان، التي وافقت الهيئة الاتهامية في بيروت على إخلاء سبيلها يوم أمس الخميس مقابل كفالة 100 مليون ليرة (1,125 دولاراً)، فضيحة “انتشار السمسرات” في دوائر الدولة المهترئة، وعدم السماح بالمسّ بالسماسرة وكلّ من يقف خلفهم. وبدل من أن يحسب هؤلاء حساباً للعقاب الذي سينالونه في حال التمادي بأفعالهم، بات الموظف الذي يقوم بواجباته الوظيفية وفق الأطر القانونية هو من يحسب هذا الحساب ويخشى من القانون الذي يمكن أن يُسلّط ضدّه، بدليل توقيف شعبان لمدّة 22 يوماً، لأنّها فضحت متورّطين في قضية “معادلة شهادات عراقية” من سماسرة وموظفين في الوزارة وشخصيات سياسية، بعدما حاول هؤلاء بشتى الطرق تمرير أسماء غير مستحقّة ومعادلة شهاداتهم الثانوية حتى من دون التدقيق بها، وهي عمدت إلى توقيف موظّفتين عن العمل عندما علمت بتقاضيهما مكرمة مالية أو رشى من طلاب عراقيين.
لا يخفي مصدر مطّلع على القضية لـ “أساس” خلوّ التحقيق بملفّ شعبان من أيّ دليل: “فإذا كانت التهمة المسندة إليها هي “الإثراء غير المشروع” فلماذا لم تُسأل عن أموالها وأملاكها ولم يُطلب من مصرف لبنان كشوفات لحساباتها؟”.
أثار قرار إخلاء سبيل شعبان، استياء الكثيرين ممّن مارسوا ضغوطاً في الملفّ لأنّ أمل شعبان كانت حجر عثرة في وجههم وأبت تمرير معادلات شهادات مئات العراقيين التي ترد إلى لبنان من دون التدقيق بها جيّداً
يضع المصدر ما حصل في “إطار الضغط على وزارة التربية والوزير من أجل تعيين شخص آخر مكانها يكون أكثر مرونة منها في تمرير ما يُطلب منه، خاصة إذا أتت الأوامر من جهات نافذة غير معتادة أن ترفض طلباتها”.
يشير المصدر إلى أنّ “قاضي التحقيق في بيروت أسعد بيرم، لو لم يكن واثقاً من براءتها لما أخلى سبيلها ثلاث مرّات (آخرها اليوم)، وقراره أتى بعدما أمعن جيّداً في إفادات المستجوبين ومن بينهم ثمانية موظّفين في وزارة التربية وبعدما عاود استجواب المدّعى عليه رودي باسيم أيضاً، إذ أجمع الكلّ على أنّ شعبان لم تتقاضَ يوماً أيّ رشى أو هديّة، لا بل على العكس كانت تُحذّر من هذا الأمر وعمدت إلى تأنيب موظفين من بينهم “رودي” نفسه، والأخير هو الوحيد الذي زجّ اسمها في ملفّ “رشى التربية” بعدما زعم أنّه اتفق معها على تمرير معاملات عراقيين لقاء بدل ماليّ قبل أن يعود ويبدّل كلامه ويدحض مزاعمه الأوّليّة التي بقيت من دون دليل ويؤكّد أنّه “جنّ جنونها” عندما علمت أنّه تقاضى وشقيقه إكرامية قيمتها 150 دولاراً”.
عودتها ستكون أقوى
على الرغم من استئناف النيابة العامة مرّتين قرار قاضي التحقيق في بيروت أسعد بيرم وإبقاء شعبان موقوفة منذ 27 كانون الأول الماضي، إلا أنّ الهيئة الاتهامية في بيروت صادقت اليوم على القرار الثالث لقاضي التحقيق في بيروت أسعد بيرم، بإخلاء سبيل أمل شعبان لقاء كفالة قدرها مئة مليون ليرة، وعمد وكلاؤها إلى دفع قيمة الكفالة لتغادر مكان توقيفها في سجن بربر الخازن وتعود إلى الحرّية بعد 22 يوماً ولممارسة عملها غداً أو مطلع الأسبوع المقبل.
إقرأ أيضاً: أمل شعبان ضحيّة “الكيديّة” السياسيّة
مصدر في وزارة التربية مواكب للقضية قال لـ “أساس” إنّ “العدالة انتصرت لأمل اليوم على الرغم من كلّ الضغوطات التي مورست على القضاء لإبقائها موقوفة، ومحاولات إحراج وزير التربية وحثّه على تعيين أمين سرّ جديد لدائرة المعاملات للتعليم ما قبل الجامعي، لتسهيل تمرير معاملات الطلاب العراقيين”.
لقد أثار قرار إخلاء سبيل شعبان، كما وصف المصدر، “استياء الكثيرين ممّن مارسوا ضغوطاً في الملفّ لأنّ أمل شعبان كانت حجر عثرة في وجههم وأبت تمرير معادلات شهادات مئات العراقيين التي ترد إلى لبنان من دون التدقيق بها جيّداً قبل أن يتسنّى لأصحابها التسجيل في جامعات معيّنة في لبنان”، وأشار المصدر إلى أنّ “المسؤولين العراقيين كلّما زاروا لبنان طلبوا تسريع بتّ معادلة شهادات مواطنيهم، والكثير الكثير منهم يتبوّأون مناصب مهمّة في الدولة العراقية”، وختم: “أمينة سرّ دائرة المعادلات دفعت ضريبة نزاهتها، إلا أنّ عودتها إلى وزارة التربية ستكون أقوى وسيحسب لها ألف حساب”.