رأى الدبلوماسي الأميركي ريتشارد هاس المقرّب على مدى أربعة عقود من البيت الأبيض والإدارات الأميركية المختلفة، أنّ حل الدولتين يحتضر و”الوضع في منطقة الشرق الأوسط على أعتاب حقبة أكثر خطورة”.
هاس وفي حوار مع “وول ستريت جورنال” شدّد على خطورة الوضع في الشرق الأوسط، بسبب عدد من إخفاقات الإدارة الأميركية خلال السبع سنوات الأخيرة في المنطقة، ورصدها كالتالي:
– ضعف التموضع الأميركي في الشرق الأوسط الكبير.
– ظهور الإمبراطورية الإيرانية التي لديها نفوذ وتأثير خلف حدودها.
– إضعاف السلطة الفلسطينية وظهور حماس كفاعل رئيسي في غزة.
– الدور الإيراني والأميركي في الفوضى في العراق التي استنزفت الموارد الأميركية.
ويعتقد اليوم أنّ “الشرق الأوسط في حالة أسوأ ممّا كان عليه الحال منذ سبع سنوات. ويبدو الأمر كما لو أنّ الفوضى هي النظام العالمي الجديد”.
رأى الدبلوماسي الأميركي ريتشارد هاس المقرّب على مدى أربعة عقود من البيت الأبيض والإدارات الأميركية المختلفة، أنّ حل الدولتين يحتضر و”الوضع في منطقة الشرق الأوسط على أعتاب حقبة أكثر خطورة”
نظرة متشائمة
ينظر إلى الوضع بتشاؤم فيقول: “إنّ العالم في حالة من الفوضى، لكنّ الفوضى القائمة على ركائز متينة. الصراع بين الديكتاتورية والديمقراطية، والتراجع في نفوذ الولايات المتحدة على الشؤون العالمية، وصعود الصين، كلّ هذه العوامل تساهم في هذه الفوضى. فصعود الصين، التي لا تمثّل قوة الوضع الراهن، يمثّل تحوّلاً في التوازن. وروسيا الساخطة حقّاً والقادرة على فعل شيء ما، كما نرى في أوكرانيا وأماكن أخرى، تحوّل القوة بأشكال مختلفة تتحرّك حول العالم”.
أقرّ هاس أنّ الولايات المتحدة الأميركية أصبحت “أقلّ قدرة، وأقلّ استعداداً للعمل بفعّالية في العالم. وهناك فجوة بين التحدّيات العالمية والاستجابات العالمية”، وقال: “لقد تدهور وضعنا النسبي في العالم، ويرجع ذلك جزئياً مرّة أخرى إلى صعود الآخرين”، معتبراً أنّه “يجب أن ندرك أن ليس هناك ما يسمّى المجتمع الدولي”.
تايوان وأوكرانيا
ودعا هاس الولايات المتحدة إلى بذل المزيد من الجهد لدعم تايوان وتجنّب اللجوء إلى استخدام القوّة والسعي إلى ثني الصينيين عن الانتقال إلى هناك، وقال: “تعلم الصين أنّها إذا استخدمت القوة على نطاق واسع ضدّ تايوان، فإنّها تراهن على مستقبل الحزب الشيوعي والقيادة الحالية. لن أتفاجأ برؤية المزيد من الطائرات أو السفن الصينية القوية. لكنّني أعتقد أنّهم سيُظهرون ضبط النفس. وأعتقد أنّ شي سيمارس ضغوطه على تايوان بطريقة غير مباشرة في المستقبل المنظور. والشيء الوحيد الذي يمكن أن يغيّر الوضع هو تغيّر جذري في قدرة الولايات المتحدة أو استعدادها لمساعدة تايوان. الانتخابات المقبلة مهمّة جداً. يتساءل العديد من دول المنطقة عمّا سيعنيه ذلك بالنسبة لاستعداد الولايات المتحدة لدعم حلفائها وشركائها”.
أمّا بالنسبة لأوكرانيا، و”على الرغم من رغبتنا في أن تستعيد أوكرانيا أراضيها بأكملها، إلا أنّ هذا لن يحدث”، قال هاس، “ويرجع ذلك جزئياً إلى أنّ روسيا يمكن أن تفعل الكثير، وفي حالة وقوع ضربة، يمكن أن تساعدها كوريا الشمالية أو إيران أو حتى الصين.. يجب على أوكرانيا الابتعاد عن استراتيجيتها الحالية. والنجاح لا يعني أن تحرّر أوكرانيا عسكرياً كلّ أراضيها، بل أن تصبح كياناً دائماً. يجب أن تنتقل من استراتيجية هجومية، لا أعتقد أنّها يمكن أن تنجح، إلى استراتيجية دفاعية يمكن أن تنجح. وأعتقد أنّ عليها أن تنتظر روسيا مختلفة تماماً، تكون على استعداد لتقديم بعض التنازلات مقابل إنهاء وضعها السياسي والاقتصادي المنبوذ”.
أضاف هاس: “يمكن لروسيا أن تقول إنّها فازت، لكنّها لم تفعل. بالإضافة إلى ذلك، سيتمّ دمج أوكرانيا بطريقة ما مع الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي. وستصبح هناك دولة غربية مزدهرة، وهو بالضبط ما لا يريد بوتين رؤيته. قد يكون خليفته المباشر أسوأ. لكنّ خليفة خليفته قد لا يكون كذلك. في مرحلة ما، في روسيا، سيُعتبر فلاديمير بوتين هو الذي قاد روسيا من منحدر إلى آخر”.
دعا هاس الولايات المتحدة إلى بذل المزيد من الجهد لدعم تايوان وتجنّب اللجوء إلى استخدام القوّة والسعي إلى ثني الصينيين عن الانتقال إلى هناك
هل يمكن تدمير حماس؟
رداً على هذا السؤال، يجيب هاس: “لا. لكن يمكن إضعافها أو العمل على تدهورها بشكل خطير. لكنّ حماس هي شبكة بقدر ما هي حركة. ستكون هناك دائماً مقاومة مسلّحة حقيقية أو محتملة. ولا أعتقد أنّ هناك نهاية في الوقت الحالي، لأنّ الإسرائيليين دخلوا الصراع دون تحديد نهاية. هناك قضيتان كبيرتان. يمكنهم إضعاف حماس، وسوف يفعلون ذلك. إنّهم يتسبّبون في عدد هائل من الضحايا والوفيات بين المدنيين في هذه العملية، لكن لكي تكون هناك نهاية حقيقية، فأنت بحاجة إلى سلطة حاكمة لاحقة وضامن أمنيّ. لا أرى أيّاً منهما متاحاً. وسيتعيّن على الإسرائيليين أن يفعلوا ذلك”.
يوافق على أنّ “رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو قوّض السلطة الفلسطينية، التي كانت الشريك الفلسطيني المحتمل. ويمكن القول إنّه قام بتمكين حماس من خلال تسليم غزة لحماس. وكان هدفه من هذه العملية هو إدامة نسخة من الوضع الراهن في إسرائيل، وأن يدع غزة تعزل نفسها بشكل أساسي”. لكنّه يعتبر أنّ الإسرائيليين، في غالبيّتهم، لا يهتمّون بغزة. ولم تكن أبداً جزءاً من حركة الاستيطان بطريقة جدّية. لقد كان عرضاً جانبياً، وما يريد الإسرائيليون فعله هو تجنّب قيام دولة فلسطينية. إنّهم يريدون تجنّب فرض قيود على المستوطنات. حين أقول الإسرائيليين، أعني تحالف نتانياهو ورفاقه، وما يريدونه هو في الأساس عدم الذهاب إلى وجود حلّ الدولة الواحدة.
إقرأ أيضاً: من لبنان إلى البحر الأحمر: ملامح حرب أميركية إيرانية
وحول حلّ الدولتين رأى“إنّه ميت”، وختم قائلاً: “بل لنقل إنّه على أجهزة الإنعاش. فعلى الرغم من سوء العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية في 6 تشرين الأول، إلا أنّها أصبحت أسوأ بكثير الآن. يمكنني تقديم كلّ الحجج ضدّ جدوى حلّ الدولتين، لكنّه الطريقة الوحيدة التي أعرفها للاستجابة للتطلّعات المشروعة للفلسطينيين ولضمان بقاء إسرائيل دولة يهودية ديمقراطية”.
لقراءة النص بلغته الأصلية اضغط هنا