فريدمان أكثر فهماً للتناقض بين محورين في الشرق الأوسط.. بفضل تحليل لنديم قطيش

2024-01-26

فريدمان أكثر فهماً للتناقض بين محورين في الشرق الأوسط.. بفضل تحليل لنديم قطيش


في معرض مقارنته بين “أكبر صراعين في العالم اليوم، الحرب في أوكرانيا التي تريد الانضمام إلى الغرب، والحرب في إسرائيل التي تريد الانضمام إلى الشرق العربي، وحيث تحاول روسيا، بمساعدة إيران، إيقاف الصراع الأول، وتحاول إيران وحماس إيقاف الثانية، استشهد المحلل السياسي توماس فريدمان في مقاله الاسبوعي في صحيفة “نيويورك تايمز” بوجهة نظر المحلل السياسي اللبناني والمدير العام لـ”سكاي نيوز عربية” الزميل نديم قطيش حول ما يجري في المنطقة، وقال: “أن قطيش ساعده في إدراك التناقض بين محورين يتصارعان من أجل تشكيل الشرق الأوسط”.
يرى فريدمان “أنّ جبهتي القتال قد تبدوان مختلفتين تماماً، إلا أنّ هناك الكثير من القواسم المشتركة بينهما. فهما تعكسان صراعاً جيوسياسياً ضخماً بين شبكتين متعارضتين من الدول والجهات الفاعلة غير الحكومية حول أي من القيم والمصالح ستهيمن على عالم ما بعد الحرب الباردة بعد الحقبة المستقرة نسبياً من السلام الأميركي والعولمة التي بشر بها سقوط جدار برلين في عام 1989 وانهيار الكتلة السوفيتية، المنافس الرئيسي لأميركا في الحرب الباردة. من جهة هناك شبكة المقاومة، المكرسة للحفاظ على الأنظمة المغلقة والاستبدادية حيث يدفن الماضي المستقبل. وعلى الجانب الآخر، هناك شبكة “الشمول” التي تحاول تشكيل أنظمة أكثر انفتاحاً وتواصلاً وتعددية حيث يدفن المستقبل الماضي. ومن سيفوز في الصراعات بين هاتين الشبكتين سيحدّد إلى حدّ كبير الطابع السائد في حقبة ما بعد بعد الحرب الباردة.

أوكرانيا وإسرائيل وصراع شبكة “الشمول”
بالنسبة لفريدمان، تحاول أوكرانيا الانفصال عن مجال النفوذ الروسي الخانق والانضمام إلى الإتحاد الأوروبي. ويحاول فلاديمير بوتين منعها، لأنه يعلم أنه إذا انضمت أوكرانيا إلى الشبكة الأوروبية، سيجعله أكثر عزلة وفقداً للشرعية. ومع ذلك، هزيمة بوتين لن تكن بسهولة، خاصة بمساعدة أسلحة حلفائه في الشبكة إيران وكوريا الشمالية، والدعم السلبي من الصين وبيلاروسيا والعديد من أعضاء الجنوب العالمي المتعطشين لنفطه الرخيص.

بالنسبة لفريدمان، تحاول أوكرانيا الانفصال عن مجال النفوذ الروسي الخانق والانضمام إلى الإتحاد الأوروبي. ويحاول فلاديمير بوتين منعها

يضيف فريدمان: “كانت إسرائيل تحاول إقامة علاقة طبيعية مع المملكة العربية السعودية، البوابة للعديد من دول الشرق الأوسط العربية ودول جنوب آسيا الإسلامية، والتي تطمح في عهد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، إلى أن تصبح مركزاً عملاقاً للعلاقات الاقتصادية التي من شأنها أن تربط آسيا وإفريقيا وأوروبا والعالم العربي وإسرائيل في شبكة تتمحور حول المملكة. ورؤيته هي نوع من الاتحاد الأوروبي للشرق الأوسط، حيث تلعب السعودية دور المرساة كما تفعل ألمانيا مع الاتحاد الأوروبي الحقيقي”.
إيران وحماس تريدان منع ذلك لأسباب مشتركة ومنفصلة، كما يرى فريدمان. فهما أدركتا معاً أنه إذا عزّزت إسرائيل علاقاتها مع السعودية الحديثة بالإضافة إلى علاقاتها مع الإمارات العربية المتحدة والمغرب والبحرين، بموجب اتفاقيات إبراهام قد يقلب توازن القوى بين الدول العلمانية والتعدّدية والأكثر توجهاً نحو السوق في المنطقة وبين الشبكة السياسية الأكثر انغلاقاً والمناهضة للتعددية والمستوحاة من الإسلام السياسي ضد كل من إيران وحماس ويؤدي إلى عزلهما. كما أنّ حماس لا تريد تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية دون تقديم أيّ تنازل للفلسطينيين فيما يتعلق بتطلعاتهم إلى إقامة دولة. ولقد اعتقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنّ تتويج مسيرته المهنية سيكون فتح علاقات دبلوماسية مع السعودية دون التنازل عن ذرة واحدة للفلسطينيين. وكان ينبغي عليه أن يعرض على الفلسطينيين على الأقل بعض السبل لتحقيق قدر أكبر من الحكم الذاتي، ولو فقط لتسهيل الأمر على المملكة وإسرائيل تدفع الثمن الآن. حيث تقول السعودية إنها لا تزال منفتحة على التطبيع، ولكن فقط إذا أقدمت إسرائيل التزاماً حازماً بحلّ الدولتين.
بالنسبة لفريدمان فإنّ الحرب في أوكرانيا والحرب في غزّة متصلة ببعضها البعض، وأنّ اميركا منخرطة بعمق في كلا الصراعين. ويجب أن تأخذ في الاعتبار باعتبارها قائدة شبكة “الشمول”. هو أنها نخوض الآن الحرب في أوكرانيا بشروطها، بينما تخوض الحرب في الشرق الأوسط بشروط إيران. كيف ذلك؟
يجيب فريدمان: “في الحرب الأوكرانية الروسية، يتحمل الجيش والشعب الأوكراني وطأة للصراع، وكل ما يطلبانه من الولايات المتحدة وحلفائها هو أسلحة متطورة ومساعدات مالية. وفي مقابل عشرات المليارات من الدولارات، وعدم مقتل جندي أميركي واحد، ألحقت أوكرانيا بجيش بوتين نكسة عميقة تجعله أقل خطورة على الغرب وكييف. إنها أعظم صفقة أبرمها الناتو على الإطلاق. وكما قالت نائبة رئيس الوزراء الكندي، كريستيا فريلاند، مؤخراً “نحن الغرب، يجب أن نشكر الأوكرانيين، وليس إرغامهم على التوسل إلينا للحصول على المزيد من الأسلحة”.

استشهد فردمان بتحليل للمحلل السياسي اللبناني الاماراتي والمدير العام لشبكة “سكاي نيوز عربية” نديم قطيش، ساعده، بحسب قوله، في فهم التناقض بين هاتين الشبكتين اللتين تكافحان لتشكيل الشرق الأوسط

صراع مختلف في الشرق الأوسط
الصراع في الشرق الأوسط له جذور مختلفة، كما يرى فريدمان “حيث ولدت شبكة “المقاومة” وشبكة “الشمول” هناك بفارق شهرين في عام 1979. الأولى في الأول من شباط 1979، عندما وصل آية الله روح الله الخميني إلى طهران قادماً من باريس، في تتويج للثورة الإيرانية التي أطاحت بالشاه وأنجبت الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي تحاول تصدير أيديولوجيتها عبر العالم الإسلامي بأكمله، وإخراج أميركا من المنطقة وإسرائيل من الوجود. بينما وُلدت شبكة “الشمول” في نفس العام عندما توسطت الولايات المتحدة في معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل. وعندما أنشأ الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم مدينة دبي ودولة الإمارات العربية المتحدة كمركز عالمي يربط الشرق العربي بكل ركن من أركان الكوكب تقريباً”. بحسب فريدمان، تلقت شبكة “الشمول” هذه دفعة كبيرة مع صعود ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في عام 2015، وطموحه لتحويل المملكة إلى دبي العملاقة وجعلها مركزاً ثقافياً ومركز الاستثمار والمؤتمرات والسياحة والتصنيع في منطقة أكثر تكاملاً.
واستشهد فريدمان بتحليل للمحلل السياسي اللبناني الاماراتي والمدير العام لشبكة “سكاي نيوز عربية” نديم قطيش، ساعده، بحسب قوله، في فهم التناقض بين هاتين الشبكتين اللتين تكافحان لتشكيل الشرق الأوسط، فقد أوضح قطيش، أنّ “شبكة “المقاومة” تنسقها إيران والإسلاميون والجهاديون في سوريا، كجزء من عملية “وحدة ساحات القتال”، وتسعى إلى مدّ الجسور بين الميليشيات والممانعين والطوائف الدينية والزعماء الطائفيين، لإنشاء محور مناهض لإسرائيل ومعادي لأميركا والغرب قادر على الضغط على إسرائيل في غزّة والضفة الغربية وعلى الحدود اللبنانية، وكذلك على أميركا في البحر الأحمر وفي سوريا والعراق والمملكة العربية السعودية من جميع الاتجاهات”.
كما أوضح قطيش أنه “في المقابل تقف شبكة “الشمول”، التي تركز على “نسج” الأسواق العالمية والإقليمية معاً بدلاً من جبهات القتال ومؤتمرات الأعمال، والمؤسسات الإخبارية، والنخب، وصناديق التحوط، وحاضنات التكنولوجيا وطرق التجارة الرئيسية. وأنّ شبكة الشمول هذه تتجاوز الحدود التقليدية، وتخلق شبكة من الترابط الاقتصادي والتكنولوجي المتبادل ما يمكنها إعادة تعريف هياكل السلطة وخلق نماذج جديدة للاستقرار الإقليمي”.
لذلك، واستناداً لتحليل قطيش، يعتقد فردمان أنه “في حين تعمل الولايات المتحدة اليوم على تقليص قدرات روسيا من خلال أوكرانيا، تختلف الأمور في الشرق الأوسط حيث إيران هي التي تجلس بشكل مريح في حرب غير مباشرة مع إسرائيل وأميركا، وأحيانا مع السعودية، وتقاتل من خلال وكلائها: حماس في غزّة، وجماعة الحوثيين في اليمن، وحزب الله في لبنان وسوريا، والميليشيات الشيعية في العراق. فتجني كل الفوائد ولا تدفع أي تكلفة تقريباً لعمل وكلائها، ولم تعرب الولايات المتحدة وإسرائيل وحلفاؤهما العرب الضمنيون بعد عن إرادة أو طريقة للضغط على إيران دون الدخول في حرب ساخنة يريدون جميعاً تجنبها”، مشيراً إلى “أنّ أفضل طريقة لردعها في رأيه هي زيادة الضغوط من الداخل، حيث تتمتع شبكة “الشمول” بأكبر عدد من الحلفاء: الشباب الإيراني وتطلعاتهم إلى أن يكونوا جزءاً من هذه الشبكة”.

إقرأ أيضاً: 10 نقاط أوروبية “لليوم التالي”: دولة فلسطينية.. وتطبيع كامل

وإذ يعتبر فريدمان أنّ “أعضاء شبكة “المقاومة” يبرعون في هدم وتحطيم الأشياء، وانهم على عكس شبكة “الشمول”، لم يظهروا أي قدرة على بناء أي حكومة أو مجتمع قد يرغب أي شخص في الهجرة إليه، ناهيك عن محاكاته”. ويرى أنّ “اللحظة اليوم لحظة خطر كبير ولكنها أيضاً فرصة عظيمة، خاصة لإسرائيل، فالمنافسة بين شبكة “المقاومة” وشبكة “الشمول” تعني أنّ المنطقة لم تكن أكثر عدائية أو أكثر ترحيباً بقبول دولة يهودية من أي وقت مضى. لكن من المؤسف أنّ إسرائيل المصابة بالصدمة في ظل قيادة نتنياهو الفاشلة لا تستطيع أن تدرك ذلك الآن. وإذا تمكنّت ذات يوم من الموافقة على عملية طويلة الأمد مع سلطة فلسطينية متغيرة لبناء دولتين لشعبين، فقد تتمكّن بشكل حاسم من قلب التوازن بين شبكة “المقاومة” وشبكة “الشمول”. ولن يتبقى لشبكة “المقاومة” ما يبرّر الحروب المهدرة التي تخوضها والأسلحة التي تكدّسها والتي من المفترض أن تهزم إسرائيل وأميركا ولكنها في الواقع لإبقاء شعبها في الأسفل والحفاظ على السلطة. وفي الوقت نفسه، ستجد شبكة “الشمول” أنه من الأسهل بكثير التوسع والتماسك والفوز”.

لكنه يحذر “أنّ المخاطر أكبر بكثير مما تبدو عليه”.

لقراءة النص الأصلي: إضغط هنا 

مواضيع ذات صلة

مسؤول أمنيّ: إسرائيل تحتاج إلى حوار وطنيّ.. بلا نتنياهو

الحرب الشاملة بين إسرائيل والحزب بعيدة كلّ البعد عن أن تكون حتمية لأنّ الولايات المتحدة ستبذل كلّ جهد ممكن لمنعها وفقاً للدبلوماسي والمسؤول الإسرائيلي الأمني…

مفاوض إسرائيليّ: نتنياهو لن يقبل بصفقة تنهي الحرب

بالنسبة للمفاوض الإسرائيلي السابق غيرشون باسكين، فإنّ بنيامين نتنياهو لا يريد إنهاء الحرب في غزة. وحركة حماس لن توقّع اتفاقاً لا ينهي الحرب. ويعتبر باسكين…

أميركا خائفة من 11 أيلول جديد

تحلّ الذكرى الـ23 لهجمات 11 أيلول في الولايات المتحدة الأميركية عام 2001 لتعيد تذكيرنا بما شكّلته من نقطة تحوّل في الأمن العالمي وفي النهج الأميركي…

تقرير استخباريّ أميركيّ: الضفة الغربية نحو انتفاضة ثالثة؟

حذّر تقرير استخباريّ أميركي من أن تؤدّي العمليات العسكرية الإسرائيلية الواسعة النطاق وتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية في الأشهر المقبلة إلى اندلاع انتفاضة ثالثة خطيرة…